كشفت مصادر ذات صلة لـ«الراي»، أن العجز المالي المسجل في الميزانية العامة، ارتفع منذ بداية السنة المالية 2019/ 2020، وحتى نهاية نوفمبر الماضي إلى 2.5 مليار دينار، وذلك قبل خصم حصة صندوق احتياطي الأجيال القادمة، والمقدرة بـ10 في المئة من إجمالي إيرادات الدولة.وأشارت المصادر إلى أن حجم الإيرادات التي سجلتها الميزانية العامة خلال الأشهر الثمانية الماضية بلغ نحو 11.5 مليار دينار، في حين بلغت قيمة المصروفات عن هذه الفترة 14 ملياراً، ما يعني محاسبياً أن إجمالي العجز المحقق مع احتساب حصة احتياطي الأجيال القادمة، يبلغ نحو 3.650 مليار دينار.ومن الواضح حسب المصادر أن العجز المالي في الميزانية العامة تصاعد خلال الأشهر الثلاثة الماضية كثيراً، وذلك عند قياسه، بالفترة المقابلة من العام الماضي، حيث يتضح أن العجز قفز عن هذه الفترة أكثر من مليار دينار مرة واحدة، حيث تظهر الأرقام تسجيل الميزانية العامة عجزاً بأقل من 1.5 مليار دينار في الفترة المقابلة من النسة المالية الماضية.ولفتت المصادر إلى أن العجز المحقق عن فترة الأشهر الثمانية الأولى من العام المالي 2019-2020 تضاعف 4 مرات، عند مقارنته بالعجز المسجل بالأشهر الخمسة الأولى من العام المالي الحالي، والتي سجلت خلالها الميزانية العامة عجزاً بقيمة 488.2 مليون دينار.في السياق نفسه، أفادت المصادر بأن متوسط سعر برميل النفط الكويتي المسجل خلال الأشهر الثمانية الأولى بلغ 64 دولاراً، موضحة أنه رغم ارتفاع متوسط الكويت لبيع سعر نفطهاعند القياس بالفترة المقابلة، وتشكيل ذلك تحسناً لجهة قيمة البرميل، إلا أن ذلك النمو لم يقابله تحقيق تحسن مقابل في الإيرادات.وفسرت المصادر ذلك، بأن الميزانية العامة تعرضت خلال الفترة الماضية إلى ضغوط من جهة خفض إنتاج حصة الكويت من النفط، وذلك وفقاً لاتفاق منظمة أوبك، لافتة إلى أنه يفترض أن تبيع الكويت يومياً نحو 2.8 مليون برميل، إلا أن اتفاق المنظمة بخصوص خفض حصص أعضائها، أدى إلى تقليص حصة الكويت لنحو 2.7 مليون برميل يومياً، ما حرم الميزانية العامة نحو 100 ألف برميل يومياً، ومن ثم ظهر بقوة هذا التراجع من الناحية المحاسبية في إجمالي الإيرادات.لكن ما يستحق الإشارة إليه، وفقاً للمصادر، أن تواصل تفوق المصروفات على الإيرادات سيقود الميزانية إلى مواجهة مزيد من الضغوط المالية الصعبة، ما سيحقق مزيداً من العجز ما لم يتزامن ذلك مع ارتفاع أسعار النفط بمعدلات تغطي الهوامش المسجلة بين المصروفات والإيرادات.وبيّنت المصادر أنه غير مرجح بحسب جميع التوقعات أن تحقق أسعار النفط في الفترة المقبلة أي قفزات، فيما أشارت إلى الترجيحات الدافعة باستمرار خفض حصص إنتاج النفط المرتبط باتفاقية «أوبك» وحلفائها، وتراجع الطلب على منتجات الطاقة.وأفادت بأن تحقق هذه الترجيحات يعني أن الكويت ماضية قدماً خلال الفترة المقبلة، أقله القريبة، في تسجيل طبقات متتالية من العجوزات الإضافية، موضحة أنه في ظل عدم وجود قانون للدين العام يسمح بالاستدانة لتغطية العجز المحقق، لن يكون أمام الكويت سوى استمرار اللجوء إلى تغطية العجز العام من الاحتياطي العام، ما يعزز فرص استنفاده سريعاً.وكانت وكالة التصنيف العالمية «فيتش» أشارت في تقرير نشرته «الراي» أول من أمس إلى أن تزايد الاحتياجات التمويلية يستنزف بسهولة الاحتياطيات المتوافرة في حال عدم اتخاذ تدابير لزيادة الإيرادات أو خفض الإنفاق، حتى لو تم إقرار قانون الدين العام في السنة المالية 2020 /2021، مبينة أن المشاحنات السياسية تؤخر قانون الدين العام وتؤثر على الإصلاحات الأوسع، مالياً واقتصادياً.وقدّرت الوكالة في تقرير لها إجمالي احتياجات الحكومة من التمويل بنحو 23 مليار دولار للسنة المالية 2019 /2020، ما يعادل 17 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.وتوقعت «فيتش» أن تسجل الميزانية الكويتية عجزاً يربو على 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بحلول السنة المالية 2021 /2022، مع انخفاض متوسط أسعار النفط، الأمر الذي من شأنه رفع حجم الحاجة السنوية لتمويل الحكومة لتصل إلى 27 مليار دولار.
مشاركة :