توجه علاء شلبي، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان،بالشكر لممثلي السلطات المصرية على تفاعلهم الإيجابي ومشاركتهم المتميزة في النقاشات حول القضايا المطروحة في سياق تعزيز العدالة الجنائية، وإفساح المجال أمام المجتمع المدني للمساهمة في هذا الركن الجوهري من بناء جدار حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.وثمن شلبي، في كلمته خلال المؤتمر الوطني للمجلس القومي لحقوق الإنسان حول مراجعة وتحديث قانون العقوبات، الشراكة مع المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وكذلك منظمة "هاندز أوف كاين" Hands Off Cain التي تساندنا والمؤسسات الشقيقة في المنطقة العربية في جهود تعزيز العدالة الجنائية، والتقدير ممدود إلى شركاء "هاندز أوف كاين" في الاتحاد الأوروبي.وقال: "تحمل هذه الندوة رقم (5) في فعاليات ممتدة من العام 2017 للنهوض بتحديث منظومة التشريعات العقابية في مصر، في اتساق مع استحقاقات الدستور المصري المتميزة والمتناغمة مع الالتزامات المصرية بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وهي الفعالية الثالثة التي تلقى المشاركة اللائقة لأهمية موضوعاتها من جانب السلطات المصرية التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتتواكب مع التوجهات الإيجابية للدولة المصرية لتعزيز تفاعلها مع منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، سواء من خلال خوض غمار آلية المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان الشهر الماضي، أو من خلال إعداد خمسة تقارير دورية متأخرة لتقديمها إلى خمس آليات التعاهدية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وأخص منها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التي تختص بمتابعة تنفيذ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ولجنة مناهضة التعذيب التي تختص بمتابعة تنفيذ اتفاقية مناهضة التعذيب، وذلك لصلتيهما الوثيقة بقضايا النقاش في ندوتنا لهذين اليومين".وأكد: "تحرص المنظمة العربية لحقوق الإنسان على اغتنام هذه الفرصة المتميزة بداية لحث السلطات المصرية على اتخاذ المزيد من التدابير للتقدم على صعيد تحقيق التزاماتها في مجال حقوق الإنسان، استجابة لدستورها والتزاماتها الدولية، لكن أيضًا استجابة للغايات الوطنية والمقاصد السامية التي مثلت الدافع والمحرك الأساسي للتقدم الملموس والمتميز على الصعيدين الاقتصادي والأمني، وخلال الفعاليات الأربعة الماضية، برزت العديد من القضايا الإشكالية وبواعث القلق التي كان الاعتراف بها موضع توافق بين الفاعلين الرسميين وغير الحكوميين، كما عكست النقاشات مسارات وإبداعات متعددة لمعالجة هذه التحديات والإشكاليات، بما في ذلك سبل تخطي العوائق القائمة.وأوضح أن قانون العقوبات المصري صدر في العام ١٩٣٧، وشكل حينئذ نقلة نوعية مهمة في تطور المدرسة القانونية والجنائية العربية، كما عكس مستوى الإسهام المصري الرائد في مواكبة تطور مفهوم الدولة في العصر الحديث ودورها في تحقيق العدالة وحماية المجتمع، ورغم التعديلات المتنوعة التي تم إدخالها على قانون العقوبات طوال الثمانين عامًا الماضية، فإنه لم يكن موضوعًا لمراجعة شاملة ومنسقة لتحديثه، ورغم التعديلات المدخلة على القانون في المراحل المختلفة قد وقعت لتلبية الاحتياجات بما يعني مواكبة التحديث المنشود في بعض الجوانب ذات الأولوية، فإنها لم تأت في إطار المراجعة والتحديث الشامل للخروج بصورة منسقة.وأشار إلى أن البعض من التعديلات جاء استجابة لاحتياجات ذات طبيعة طارئة واستثنائية، وربما كان من الواجب إعادة النظر فيها بعد انتهاء الحاجة إليها، خاصة إذا كانت قد وقعت ضمن ردود الفعل، وبالإضافة إلى احتياجات التحديث المتواصلة، فقد أضافت التطورات القانونية المتتابعة على القانون الدولي احتياجات وأعباء إضافية للتحديث الشامل، وخاصة على صعيد التزامات القانون الدولي لحقوق الإنسان منذ ١٩٦٦، وتطورات فقه القانون الإنساني الدولي منذ ١٩٦٧، والقانون الجنائي الدولي منذ ١٩٩٤.كما أفرزت التجارب العالمية بعض من أفضل الممارسات التي يمكن تبنيها وإدماجها وإعمالها، خاصة بالنظر إلى تحولات الفلسفة العقابية، وتطور مفهوم الحرية والخصوصية، والمواءمة بين احتياجات العدالة وبين الأعباء الاقتصادية وإعلاء المصلحة في تقرير العقوبات السالبة للحريات، والتحولات الرقمية التي أضافت تحديات جديدة.وسرد رئيس المنظمة أبرز القضايا وبواعث القلق، أولها عقوبة الإعدام، فقد خلصت ١٤٥ دولة من بين ١٩٦ من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى إلغاء العمل بعقوبة الاعدام بصورة نهائية أو إصدار قرار تنفيذي بتعليق تنفيذ العقوبة. وعلى الصعيد الإفريقي، قامت ٤٣ دولة من بين ٥٥ دولة بتبني التوجه العالمي بالإلغاء أو التعليق.وعلى الصعيد العربي، تمارس بلدان عربية لتعليق بصورة رسمية أو فعلية منذ أكثر من ٢٠ عامًا، ومنها المغرب (١٩٩٧)، وتونس (١٩٩٣)، والجزائر (٢٠٠١)، ولبنان (٢٠٠٤)، كما توقفت الأردن لنحو ٩ سنوات متتابعة.ويهتم العالم بقضية عقوبة الإعدام في مصر في سياق التباسات الصورة السياسية والذهنية الإعلامية المريضة، واستخدام الإرهاب في الصراع السياسي الإقليمي والدولي، ويقع السياسيون والمشرعون والقضاة المصريون أسرى لهذا المنظور المشوه في مقاربة القضية وفي تفاعلهم معها.وقال إنه من الثابت أن نحو ١٠٤ نصوص تشريعية تتناول ٢٠ جريمة واردة في قانون العقوبات وقوانين المخدرات والمتفجرات والأحكام العسكرية تشكل عبئًا كبيرًا على كاهل المؤسسة القضائية.وفي ضوء التجارب العديدة السابقة للتفاعل حول القضية بين الأطراف الرسمية والأطراف غير الحكومية.
مشاركة :