أكد تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي أنه رغم الدورالكبير الذي تلعبه المشاريع المتوسطة والصغيرة «SMEs» في العالم العربي، لا سيما على مستوى معالجة تحديات خلق الوظائف وتنويع الاقتصاد، فإن حصة هذه المشاريع في الاقتصادات العربية وتوليد الوظائف فيها تعتبر متأخرة مقارنة بمعظم الدول الأخرى، كما ينسحب الأمر نفسه على وجود المرأة العربية في هذا القطاع الذي يعتبر الأقل عالمياً.وأوضح التقرير أن الدول العربية تعتبر موطناً لأعلى مستويات البطالة، مع توقعات بمدخلات كبيرة إلى سوق العمل ستواجه صعوبات في إيجاد الفرص الوظيفية، في وقت شهدت فيه دول المنطقة تفاوتاً في النمو منذ الأزمة المالية العالمية نتيجة عدة عوامل، الأمر الذي نتج عنه ركود في الدخل وفرص وظيفية غير كافية في الكثير من البلدان العربية، مشيراً إلى أن نموذج النمو بقيادة الدولة لم يقدم نمواً مستداماً وعلى نطاق واسع، يمكّن من إيجاد المزيد من الوظائف وجعل الاقتصاد أكثر شمولاً، ومشدداً على ضرورة وجود محرك للنمو من القطاع الخاص لتحقيق أفضل العوائد للجميع.وأكد تقرير «صندوق النقد» أهمية تطوير قطاع نشط من المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتحقيق نمو شامل وكبير بقيادة القطاع الخاص، لافتاً في الوقت عينه إلى أن قطاع الـ«SMEs» في معظم الدول العربية يساهم بشكل منخفض نسبياً على صعيد الناتج المحلي والتوظيف مقارنة بالبلدان الأخرى، ومبيناً أهمية تحقيق الإصلاحات المطلوبة لتعزيز دور الـ«SMEs»، والتي تشمل معالجة التحديات المؤسسية والهيكلية واسعة النطاق.ورغم أن معالجة هذه التحديات تعتمد على قدرة الأطراف ذات الصلة في هذا القطاع، أفاد التقرير بأن القطاع الحكومي يلعب أيضاً دوراً رئيسياً في ذلك، يشمل ضمان النمو الموائم والمنصف للضبط المالي، لخلق مساحة لزيادة الاستثمار والإنفاق الاجتماعي، كما أن هناك حاجة إلى تنفيذ خطوات تعزز الحوكمة وتقلّص هيمنة الشركات المملوكة للدولة، لاستكمال الجهود المبذولة لتوسيع نطاق الشمول المالي وزيادة ثقة الأعمال، بالإضافة إلى وجوب تهيئة بيئة مواتية تعترف بقيمة الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتشجّع عقلية تنظيم المشاريع.من جانب آخر، شدد «صندوق النقد» على ضرورة توافر البيئة التمكينية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي من الممكن تعزيزها عبر عدد من الأمور، من بينها القدرة على الوصول إلى التمويل، والقدرة الإنتاجية، بالإضافة إلى بيئة الأعمال الملائمة، منوهاً إلى أنه رغم اتخاذ الحكومات العربية تدابير متنوعة لتعزيز نشاط القطاع الخاص، فإن جهودها في تحقيق ذلك فيما يتعلق بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة لا يزال متفرقاً.وبيّن التقرير أن تحديد أولوية السياسات وتصميم الخطط اللازمة لدعم قطاع الـ«SMEs» من الممكن أن يؤسس خبرة دولية، إلا أن وضع نهج من إطار واحد ليشمل هذا القطاع يعتبر مقاربة غير قابلة للنجاح على الأرجح، وحتى على مستوى الدولة الواحدة، فإن الاحتياج إلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة قد يختلف وفقاً لطبيعة العمل، وقد يتطلب ذلك إيجاد حلول خاصة.
مشاركة :