نجحت دولة الإمارات على مدى ثلاثة عشر عاماً في ترك بصمتها الواضحة في قطاع الطاقة المتجددة، حيث نفذت وساهمت في تطوير عدد كبير من المشاريع محلياً وإقليمياً وعالمياً، كما حرصت على نشر وتطبيق أحدث حلول الطاقة المتجددة. وفي نظرة سريعة لما أنجزته دولة الإمارات، التي احتفينا في الثاني من ديسمبر الجاري بيومها الوطني الثامن والأربعين، خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة، نجد أن التحول للطاقة المتجددة ليس أمراً مستحيلاً، ولا هو جانب ثانوي أو إضافة يمكن الاستغناء عنها أو تأجيلها، فعندما تقدِم دولة مثل الإمارات، والتي باتت مؤخراً تحتل المرتبة السادسة عالمياً في احتياطيات النفط والغاز، على استثمار أكثر من 12 مليار دولار في 49 مشروعاً للطاقة المتجددة في 25 دولة بإجمالي طاقة إنتاجية تصل إلى 4 جيجاوات، يتوجب على الدول المعنية والمسؤولة والمؤمنة بأهمية وصول جميع سكان العالم لمصادر طاقة متجددة ومستدامة أن تقف أمام هذه الخطوات الجريئة وأن تتمعن بها. وقد يتساءل البعض عن سبب قيام دولة غنية كالإمارات بضخ هذه الاستثمارات الكبيرة في هذا المجال، بل ومبادرتها كذلك بتخصيص 350 مليون دولار، كمساعدات تنموية عبر مبادرة صندوق أبوظبي للتنمية لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»، و50 مليون دولار عبر صندوق الشراكة بين الإمارات ودول البحر الكاريبي للطاقة المتجددة، إلى جانب 50 مليون دولار عبر صندوق الشراكة بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودول المحيط الهادئ. وما هو الدافع الذي حفز قيادتها على وضع رؤية تمثلت في استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 والرامية إلى زيادة حصة الطاقة النظيفة من إجمالي مزيج الطاقة المحلي إلى 50%، وكيف تمكنت من خفض تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية من 5.84 سنتات في 2015 إلى 1.7 سنت ضمن المرحلة الخامسة من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، أي بتخفيض يصل إلى 80% مسجلة رقماً قياسياً جديداً في هذا المجال، وغير ذلك الكثير من الإنجازات. هذه التساؤلات، بدأت الإمارات في الإجابة عنها عملياً منذ عام 2006 بانطلاق شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» في ذلك الوقت، لتحدث نقلة نوعية في مجال تطوير مشاريع الطاقة المتجددة وتبني التقنيات النظيفة، وباختيار دولة الإمارات، وتحديداً أبوظبي لاستضافة المقر الرئيسي للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» في مدينة مصدر. لقد أصبحت دولة الإمارات مثالاً يحتذى به عند الحديث عن جهود الاستدامة والطاقة المتجددة. ومع اقتراب انعقاد الجمعية العمومية للوكالة الدولية للطاقة المتجددة المقرر عقدها على هامش أعمال أسبوع أبوظبي للاستدامة 2020، ستشارك دولة الإمارات في هذا الاجتماع السنوي وفي جعبتها الكثير من الإنجازات وستطلع الدول الأعضاء على حزمة من المشاريع والرؤى والخطط المستقبلية التي ستلعب دوراً مهماً في صياغة القطاع ورسم ملامحه للسنوات القادمة. ومجدداً، ستؤكد الدولة عزمها المضي قدماً في دعم الجهود التي تبذلها «آيرينا» وتعزيز التعاون المشترك لتحقيق أهداف الوكالة التي تنسجم مع تطلعات وأهداف دولة الإمارات الإيجابية ورؤيتها المتفائلة الرامية إلى ضمان مستقبل مستدام لشعوب العالم ينعم بوفرة الموارد الأساسية بما يحفظ حقوق الأجيال القادمة ويعزز استمرارية جهود التنمية والتطوير المسؤول في كافة المدن والمجتمعات.
مشاركة :