أبوظبي في 18 ديسمبر / وام / أعلنت وزارة الثقافة وتنمية المعرفة عن النتائج الأولية لتقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها والذي وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" بإصداره العام الماضي . وقالت معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة إن النتائج الأولية توضح الحاجة إلى مقاربات جديدة للغتنا على صعيد السياسات وفي المجالات العلمية والمعرفية ولدى القطاعات المؤثرة على اللغة العربية كالإعلام والتعليم. وأضافت معاليها " تؤكد النتائج الأولية للتقرير رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بأهمية إصدار تقرير يتناول حالة اللغة العربية بمقاربة بحثية تأخذ بعين الاعتبار الاستخدامات المختلفة للغة العربية سواء في التواصل أم في اكتساب المعارف وفي فاعليتها في سوق العمل .. ندعو المؤسسات العربية من جامعات وشركات محلية وعالمية إلى المساهمة في هذا العمل الذي يعتبر من أهم ما قدم في سبيل تقديم مقاربات جديدة للغة العربية تساهم في مواجهة تحديات العولمة في القرن 21 " . ووجدت النتائج الأولية للتقرير أن أغلب البلاد العربية سنت قوانين وقرارات للمحافظة على اللغة العربية وحمايتها وتعزيز حضورها، وخلال السنوات العشر الأخيرة، أظهرت دولة الإمارات تميزا وريادة في ميدان النهوض باللغة العربية وتعزيز مكانتها على المستويين الوطني والعربي وذلك عبر العديد من الهيئات والمؤسسات الحكومية التي أقامتها والمبادرات التي اتخذتها، ومن هذه المبادرات جائزة محمد بن راشد للغة العربية، وهيئة أبوظبي للغة العربية، ومجمع اللغة العربية في الشارقة، وتحدي القراءة العربي الذي شارك فيه 13.5 مليون طالب في نسخته الأحدث عام 2019. وأشارت نتائج التقرير إلى أن العقبة أمام صناع القرار لبناء مناهج لتعليم العلوم بالعربية هي الافتقار إلى العقول المؤسسة باللغة العربية، وإلى عدم توفر الترجمة لمواكبة التطور، وفي محاولة لحل مشكلة رفد المناهج بالمواد العلمية باللغة العربية، قامت دولة الإمارات بدور رائد في تعريب العلوم في "تحدي الترجمة" الذي أطلق عام 2017 لترجمة محتوى تعليمي شامل ومتكامل في مجالي العلوم والرياضيات، فتم تعريب 5000 فيديو تعليمي بمعدل 500 فيديو شهريا. ووجدت النتائج الأولية أن هناك اهتماما متزايدا باللغة العربية في أمريكا وآسيا وأوروبا بفعل مجموعة من العوامل أبرزها، عوامل سياسية تتصل بالتطورات في منطقة الشرق الأوسط، وعوامل ثقافية ترتبط بمحاولات التقريب بين الثقافات الغربية والعربية، إضافة إلى عوامل اقتصادية وتجارية تتصل بزيادة التبادل التجاري بين الدول العربية وخاصة دول الخليج والدول شرق العالم العربي وغربه. وكانت وزارة الثقافة وتنمية المعرفة تبنت مشروع تقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها وشكلت فريقا بحثيا يضم باحثين وخبراء من جامعات عربية مختلفة بدأوا عمليات البحث والاستقصاء وجمع البيانات ضمن المحاور العشرة التي سيتضمنها التقرير. وتضمنت النتائج الأولية لتقرير حالة اللغة العربية تأكيدا على القناعة بضرورة وجود مقاربات وطنية للغة العربية، حيث أن أغلب البلاد العربية أصدرت قوانين وقرارات للمحافظة على اللغة العربية وحمايتها وتعزيز حضورها إلا أنها تفتقر إلى سياسات لغوية واضحة؛ تحدد فلسفة الدولة تجاه اللغة أو اللغات التي يستعملها أبناء البلد الواحد، وتحكم الجهود التشريعية ذات الصلة بحماية اللغة العربية. وقد جاءت هذه الجهود التشريعية في مسارات ثلاثة : النصوص الدستورية، من خلال إجماع الدول العربية في دساتيرها على أن اللغة العربية هي لغتها الرسمية، والقوانين والمواثيق المستقلة، حيث أصدرت بعض الدول العربية قوانين مستقلة لحماية اللغة العربية، منها على سبيل المثال : ميثاق اللغة العربية بدولة الإمارات، وقانون حماية اللغة العربية بالمملكة الأردنية. أما المسار الثالث فهو المواد التشريعية الناظمة للقطاعات المختلفة، إذ نجد في قوانين الدول العربية - بدرجات متفاوتة ومختلفة - مواد تشريعية ذات صلة بحماية اللغة العربية وتعزيزها في قطاعات مثل القضاء والمحاكم، والإعلام والإعلان، والتعليم، والتجارة، والعقود والاتفاقيات، وغيرها، إلا أن النتائج الأولية للتقرير تشير أيضا إلى أن الكثير من القوانين ذات الصلة باللغة العربية يعود إصدارها إلى سنوات سابقة للعشرية التي يعيشها العالم اليوم /2010- 2020/، مما يستدعي البحث في مدى مواكبة الجهود التشريعية لمستجدات العصر وتحولاته الثقافية والتقنية والاتصالية المتسارعة، وانعكاسات كل ذلك على واقع اللغة العربية. وأوضحت النتائج الأولية كذلك أن هناك عددا من الهيئات والمؤسسات والمجالس الحكومية والمجامع اللغوية في البلاد العربية المعنية باللغة العربية وبالتخطيط اللغوي؛ وكذلك المنظمات والهيئات العربية والعالمية التي تعنى باللغة العربية، سواء تلك المستقلة، أو المنبثقة من جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمة الأمم المتحدة. وخلال السنوات العشر الأخيرة، أظهرت دولة الإمارات تميزا وريادة في ميدان النهوض باللغة العربية وتعزيز مكانتها على المستويين الوطني والعربي وذلك عبر العديد من الهيئات والمؤسسات الحكومية التي أقامتها والمبادرات التي اتخذتها - ومن بينها التقرير الحالي - والمؤتمرات التي رعتها والجوائز التي أنشأتها .. وتضمنت قائمة المبادرات الرئيسية جائزة محمد بن راشد للغة العربية، وهيئة أبوظبي للغة العربية، ومجمع اللغة العربية في الشارقة، وتحدي القراءة العربية الذي شارك فيه 13.5 مليون طالب في نسخته الأحدث عام 2019. وأشارت النتائج الأولية للتقرير إلى أن التعليم الجامعي في العالم العربي يقصر استخدام اللغة العربية على العلوم الإنسانية، أما في التخصصات العلمية البحتة فليس هناك إلا تجارب قليلة محدودة جدا للتدريس بالعربية .. ومن أهم المجهودات في خطة تعريب العلوم، توجه بعض الجامعات العربية إلى فتح أقسام العربية المختصة في علوم معينة /كالإعلام/، لإثراء الإنتاج المتخصص باللغة العربية. ولفتت النتائج إلى أن نسبة جيدة من الطلبة والمدرسين وصناع المنهاج على حد سواء واعون بمشكلة تعريب العلوم، فالطلبة، يرون أنهم يبذلون جهدا ووقتا أكبر في تحصيل اللغة الأجنبية كان يمكن استثماره في المعرفة العلمية لو كان التعليم بالعربية، ويبدو أن العقبة أمام صناع القرار لبناء مناهج لتعليم العلوم بالعربية هي الافتقار إلى العقول المؤسسة باللغة العربية، وإلى عدم توفر الترجمة لمواكبة التطور .. أما المدرسون، فيأمل أغلبهم أن يتمكن من صناعة المعرفة بلغته العربية عن طريق تدريسها والكتابة بها، ولكنهم ينادون بضرورة تكوينهم في ذلك. وبين التقرير أنه في محاولة لحل مشكلة رفد المناهج بالمواد العلمية باللغة العربية، فقد قامت دولة الإمارات بدور رائد في تعريب العلوم في "تحدي الترجمة" الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في سبتمبر 2017 لترجمة محتوى تعليمي شامل ومتكامل في مجالي العلوم والرياضيات، فتم تعريب 5,000 فيديو تعليمي بمعدل 500 فيديو شهريا، واشترك فيه أكثر من 15 ألف متطوع ومتطوعة من الوطن العربي، وهو ما يخدم تعليم العلوم البحتة في الجامعة من جهتين : من جهة تأسيس الطالب لاستيعاب المادة العلمية بالعربية في الجامعة؛ ومن جهة بناء قاعدة علمية لإنتاج مادة تعليمية علمية في الجامعة لاحقا. كما قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بتبني نشر الوعي العلمي للعموم عن طريق ترجمة منصتي " بوبيولار ساينس - العلوم للعموم" و"إم آي تي تكنولوجي ريفيو" الأميركيتين و"مرصد المستقبل" و"ناشيونال جيوغرافيك العربية"، و"هارفارد بزنس ريفيو العربية" ضمن خطة بناء وعي يربط العلوم والتقنية باللغة العربية. وبينت النتائج أيضا أن النشر باللغة العربية في التخصصات العلمية يمثل في الاحصائيات الأولية عشر الإنتاج الأكاديمي في العالم العربي، فمخرجات النشر الأكاديمي بالعربية في التخصصات العلمية لا تتناسب عدديا مع عدد الباحثين الخريجين فيها. ومن أهم معوقات النشر الأكاديمي باللغة العربية في العلوم تحديدا أن أكثر من 60% من الباحثين العرب يختارون النشر بلغات أجنبية في مجلات غربية لأن وصول القراء إليها سهل، وهم بذلك سيضمنون المراجعات وتحديث معارفهم. كما تفتقر الأكاديميا العربية في العلوم باللغة العربية إلى ضخ المعارف عن طريق الترجمة والمواكبة، ولذلك نجد أن 83% من الباحثين في العلوم خاصة لا يكتبون بالعربية وذلك ليس لعجزهم عن استعمال العربية وإنما لعدم توفر مادة مترجمة إلى العربية للبناء عليها. وأسفر الوعي بضرورة إيجاد مكانة في الساحة العلمية للغة العربية إلى ظهور بعض المجلات العربية المحكمة التي بدأت تجد لنفسها مساحة ولو صغيرة على مستوى الجامعات ومراكز الأبحاث /كما هو الحال في المملكة العربية السعودية والعراق مثلا/. وتشير النتائج الأولية إلى الاهتمام المتزايد باللغة العربية في أمريكا وآسيا وأوروبا بسبب عوامل سياسية تتصل بالتطورات في منطقة الشرق الأوسط في العقدين الماضيين، وعوامل ثقافية ترتبط بمحاولات التقريب بين الثقافات الغربية والعربية، وتحسين الوضع الاجتماعي للاجئين الناطقين بالعربية في دول الغرب، والسعي إلى تخفيف حدة الصور النمطية تجاه العرب والمسلمين في الخارج، إضافة إلى عوامل اقتصادية وتجارية تتصل بزيادة التبادل التجاري بين الدول العربية وخاصة دول الخليج والدول شرق العالم العربي وغربه، وتنامي فرص السفر والسياحة. وعلى سبيل المثال ففي الصين واليابان، هناك 96 جامعة تقدم مساقات باللغة العربية كلغة أجنبية ضمن موادها، وهناك 1000 طالب تخرجوا من مركز الشيخ زايد بن سلطان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية في جامعة بكين .. أما اليابان، فتشير الإحصاءات من سنة 2013 إلى وجود 46 جامعة تقدم العربية كلغة أجنبية ضمن موادها. وفي دراسة للخطاب الإعلامي حول اللغة العربية، عكست النتائج الأولية أن اللغة العربية الفصحى تواجه تحديات كبيرة وأخطارا تتهددها .. ومن مظاهر الخطر رواج العاميات وطغيانها على الفصحى وامتلاكها نواصي الحوار في الفضاء العام والدراما والإعلانات ووسائل التواصل الاجتماعي. كذلك يجري تسليط الضوء على الانتشار الواسع للغات الأجنبية التي يرى البعض أنها تؤرق العربية، فضلا عن الانتشار الواسع للمدارس الدولية التي تولي اللغات الأجنبية عناية بالغة، وكون اللغات الأجنبية شرطا للقبول في معظم الوظائف الحكومية دون الحاجة لإتقان العربية. يضاف إلى هذا كله العولمة ورواج مصطلحات العلوم والحضارة الغربية بالعالم العربي في ظل الانحسار الفكري والنهضوي للعرب أنفسهم في كل المجالات والركود الذي يخيم على المجامع اللغوية العربية والذي يحد من قدرتها على مجابهة هذا الغزو اللغوي للعربية في عقر دارها. كما يزيد من تأزيم واقع اللغة العربية غياب وعي الأهل بمدى أهمية إتقان بناتهم وأبنائهم للغة العربية، ومن ثم فإنه في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بالعربية يرى الكثيرون أنها تتراجع على ألسنة الأجيال الجديدة من الناطقين بها. وقد وجد الفريق البحثي أن الإعلام المرئي في برامجه الحوارية والإخبارية، إنما هو عاكس جلي لطبيعة العربية كلغة غنية حيوية متعددة المستويات، حيث تسود الفصحى في نشاطات تقديم الأخبار، وكذلك في لغة معدي التقارير، بينما تسيطر العاميات على الحوارات، والمواقف التي تعتمد على الارتجال. ومهما بدت سيطرة الفصحى على بعض النقاشات في البرامج الحوارية، فإن العامية تطغى عندما يتعلق الأمر بموضوع شخصي أو موقف حياتي، أو عندما يعبر المتحدثون " مذيعون وضيوف " عن انفعال ما /كفرح أو غضب/ .. ولا تختلف الصورة العامة باختلاف البلد العربي، فمستوى لغة سرد الأخبار فصيح، ومستوى لغة معدي التقارير فصيح وإن كان هناك في مصر ولبنان تقارير إخبارية يتم إعدادها بالعامية، كذلك تسيطر العامية بمستوياتها بشكل واضح جدا على الحوارات من الضيوف في الاستديو والمذيعين في بعض البلاد بشكل أكبر من الأخرى.
مشاركة :