تولى المدير الفني الإيطالي المخضرم كارلو أنشيلوتي قيادة إيفرتون، والمدير الفني الإسباني الشاب ميكيل أرتيتا قيادة آرسنال في وقت يعاني فيه الناديان بشدة، ويحتاج كل منهما إلى كل شيء تقريباً في عالم كرة القدم: التفكير السليم، والثقة بالنفس، وفرض إيقاع اللعب، بل وعدم تمرير الكرة بشكل خاطئ في مسافة لا تتجاوز خمس ياردات!.وقد خيم التعادل السلبي على المباراة التي جمعت إيفرتون بضيفه آرسنال يوم السبت الماضي على ملعب «غوديسون بارك»، التي أقيمت تحت أنظار كل من أنشيلوتي وأرتيتا، حيث بدأ كل منهما مهمته بشكل رسمي بعد نهاية هذه المباراة. وخلال المباراة، كان يمكن رؤية أنشيلوتي، جالساً بجانب مالك النادي فارهاد موشيري رجل الأعمال الإنجليزي ذي الأصول الإيرانية، وبيل كينرايت الرئيس التنفيذي، وهو يهز رأسه في بعض الأحيان وينظر متأملاً من تحت نظارته في أحيان أخرى. وتم التأكيد على حضور أنشيلوتي لمشاهدة هذه المباراة قبل ساعة و10 دقائق من انطلاق اللقاء، ولم يمض وقت طويل حتى ظهر المدير الفني الإيطالي المخضرم يجلس على مقعده ويبتسم، بينما تتجه نحوه عدسات الكاميرات.ومن الإنصاف أن نشير إلى أن أنشيلوتي لديه سيرة ذاتية قوية للغاية وحقق انتصارات كبيرة مع الكثير من الأندية التي تولى قيادتها، كما يتميز بالقدرة على اقتناص حب وإعجاب الجماهير في كل مكان. ومن المؤكد أن تعاقد إيفرتون مع مدير فني قدير بهذه القدرات والإمكانيات والسيرة الذاتية الكبيرة يعد علامة واضحة على الاتجاه الذي يرغب أن يسير فيه مسؤولو النادي، لكن من المؤكد أيضاً أن مسيرة أنشيلوتي مع إيفرتون لن تكون مفروشة بالورود، نظراً لأن النادي يعاني من الكثير من المشكلات والمصاعب، وهو ما ظهر بشكل واضح خلال الفترة الماضية.وفي المقابل، تبدو الأجواء الإنجليزية مألوفة بشكل أكبر للمدير الفني الشباب ميكيل أرتيتا، نظراً لأنه قضى خمس سنوات من مسيرته الكروية كلاعب مع آرسنال في الدوري الإنجليزي، لكن استقباله كان أقل صخبا، بينما كان يجلس إلى جانب المدير الرياضي لآرسنال، إيدو. وكان أرتيتا قد قدم بالفعل بيانا في مؤتمر صحافي عقده يوم الجمعة الماضي، قال فيه: «أردت أن أخبرهم ببعض الأمور التي سننظر إليها غداً والتي لها صلة كبيرة بي». لكن كان هذا هو كل ما يمكن أن يفعله أرتيتا في ذلك اليوم، حيث اكتفى بالجلوس صامتاً في مدرجات «غوديسون بارك» ليشاهد فريقه وهو يلعب مباراته الأخيرة تحت قيادة المدير الفني المؤقت السويدي فريدي ليونغبرغ، ويفكر ملياً فيما يمكن القيام به لإعادة الفريق إلى المسار الصحيح خلال الفترة المقبلة.وفي هذا المباراة، كان لاعبو آرسنال يبذلون مجهوداً كبيراً، وخاصة الشباب في الخط الأمامي المكون من أربعة لاعبين الذين كانوا يضغطون بكل قوة عندما لا يكون الفريق مستحوذا على الكرة، كما قدم بوكايو ساكا، الذي لعب في مركز الظهير الأيسر، مستويات جيدة للغاية تدل على أنه يمتلك إمكانيات وقدرات هائلة. وكان إيفرتون يعاني من غياب الكثير من لاعبيه بداعي الإصابة، لكن كان من الواضح أن الفريق أكثر خبرة من آرسنال.وبعد نهاية المباراة، عاد المديران الفنيان المؤقتان لكل من إيفرتون وآرسنال للعمل بعيداً عن الأضواء، بعد أن تركا القيادة الفنية لأنشيلوتي وأرتيتا. ومهد ليونغبرغ لمهمة أرتيتا مع الفريق بقرارات جريئة ومثيرة للجدل بالإبقاء على كل من ألكسندر لاكازيت ونيكولاس بيبي وماتيو غوندوزي على مقاعد البدلاء، بينما أكد على أنه لم يكن ليدفع بمسعود أوزيل في التشكيلة الأساسية للفريق حتى لو كان لائقا من الناحية البدنية والفنية. ورغم انخفاض أداء آرسنال في الشوط الثاني، قرر ليونغبرغ عدم إجراء أي تغيير حتى الدقيقة 60 من عمر اللقاء. ويعرف أرتيتا جيدا أن هناك الكثير من المشاكل في غرفة خلع الملابس يتعين عليه حلها فور توليه مهمة الفريق.أما المدير الفني المؤقت لإيفرتون، دونكان فيرغسون، فكان يقف حول المنطقة الفنية حتى الشوط الثاني لتوجيه لاعبيه، قبل أن يرتدي سترته بسبب برودة الطقس ويعود للجلوس على مقعده.لقد أبلى دونكان فيرغسون البلاء الحسن في مشواره القصير في تدريب إيفرتون، ويبدو أنه مستعد لمد يد العون لأنشيلوتي بعدما قام بالترحيب بالمدير الفني الإيطالي عقب خروجه من الملعب مباشرة.وترك فيرغسون مهاجم إيفرتون السابق بصمة إيجابية منذ تعيينه بشكل مؤقت بعد إقالة ماركو سيلفا، عقب الخسارة 5 - 2 أمام الجار ليفربول، ولم يتعرض لأي هزيمة في الدوري رغم خوض ثلاث مباريات صعبة بدأها الفوز 3 - 1 على تشيلسي ثم تعادل 1 - 1 مع مانشستر يونايتد قبل أن يتعادل دون أهداف مع آرسنال.وخسر إيفرتون فقط بركلات الترجيح يوم الأربعاء أمام ليستر في كأس رابطة الأندية المحترفة لكنها لم تعكر الأجواء في ملعب غوديسون بارك. وأكد فيرغسون أنه يتطلع للعمل تحت قيادة أنشيلوتي المدير الفني السابق لميلان وريال مدريد وتشيلسي وبايرن ميونيخ، وقال: «ما فعله (أنشيلوتي) في اللعبة أمر مذهل، لذا لا يمكنني الانتظار حتى أبدأ العمل معه. سأستمر هنا طالما أراد النادي وجودي لذا سأعود يوم الاثنين».وترك أنشيلوتي، الذي حصد لقب دوري أبطال أوروبا مرتين مع ميلان ومرة واحدة مع ريال مدريد، تدريب نابولي هذا الشهر بعد خلاف مع أوريليو دي لورينتيس رئيس النادي.وسبق للمدرب الإيطالي قيادة تشيلسي للفوز بلقب الدوري الممتاز وكأس الاتحاد الإنجليزي في موسمه الأول 2009 - 2010 قبل إقالته بعد الخروج من الموسم التالي دون ألقاب. كما فاز بلقب الدوري المحلي مع ميلان وباريس سان جيرمان وبايرن ميونيخ.لكن المدرب البالغ عمره 60 عاما سيواجه نوعا مختلفا من التحديات هذه المرة، إذ سيحاول إعادة إيفرتون صاحب المستوياتالمهتزة إلى فرق المقدمة وتحويله إلى فريق ينافس في أوروبا.وسيعمل أنشيلوتي جاهداً على أن يساعد لاعبيه على تقديم أفضل ما لديهم داخل الملعب، لكن المشكلة تكمن في أنه رغم أن هناك بعض اللاعبين المميزين الذين يمتلكون قدرات هائلة مثل غيلفي سيغوردسون وريتشارليسون الذين يمكن لأنشيلوتي بخبراته الكبيرة وقدرته على التعامل جيدا مع اللاعبين من الناحية النفسية أن يعيدهم إلى مستواهم السابق، فإن الفريق يضم أيضاً عدداً من اللاعبين الأقل في المستوى الذين قد يكون من الصعب رفع مستواهم، لأن قدراتهم محدودة من الأساس.وفي منتصف الشوط الثاني، بدأ جمهور آرسنال الذي ذهب لمساندة الفريق على ملعب «غوديسون بارك» في ترديد هتافات معارضة لإحدى وسائل الإعلام الجديدة التي يشعر الكثيرون أنها تجسد الانقسامات الكبيرة التي يجب على أرتيتا معالجتها، حيث رددوا هتافات تقول: «القناة التلفزيونية لجمهور آرسنال، اخرجوا من نادينا». وقد أعادت هذه الهتافات إلى الأذهان تصريحات أرتيتا التي قال فيها إن أي شخص حول آرسنال كان له «تأثير سلبي على الفريق، لن يكون جيداً بما يكفي لهذه البيئة أو هذه الثقافة». ومن شبه المؤكد أن أرتيتا لم يكن يشير فقط إلى هؤلاء اللاعبين الذين كان من الواضح أن ليونغبرغ يشعر تجاههم بالاشمئزاز. وبغض النظر عن رؤية أرتيتا طويلة المدى، وأياً كانت رؤية أنشيلوتي، فإن المباراة التي جمعت آرسنال وإيفرتون مساء السبت قد سلطت الضوء على مدى حاجة كلا الفريقين إلى العودة إلى المسار الصحيح وفي أسرع وقت ممكن.
مشاركة :