مرصد الأزهر باللغة الإنجليزية يصدر أحدث تقاريره بشأن مقاتلي داعش

  • 12/23/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أصدرت وحدة الرصد باللغة الإنجليزية، بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أحدث تقاريرها بعنوان "الدول الأوروبية واستعادة مقاتلي داعش"، مشيرة إلى أنه من الضروري إعداد برامج تأهيلية لهؤلاء على جميع المستويات ومحاورتهم بالمنطق والحجة وتطبيق القانون على من ارتكب منهم إثمًا أو جرمًا. وأكد التقرير أن داعش انتهت عسكريًّا ونجحت جهود دول العالم في استئصال هذا السرطان الذي استشرى في جسد الأمة بعد جهدٍ جهيدٍ، ولكن لا تزال آثار هذا التنظيم الإرهابي تتراءى على الساحة بين آثار منهوبة وبيوت مهدومة ونساء ثكلى وأشخاص جرحى. وأشار إلى أنه من الآثار السيئة التي خلفها التنظيم الإرهابي وراءه هؤلاء ممن اقتنعوا بفكره وتشبعوا بآرائه ورموا أنفسهم بين أحضانه، فإنه بعد الإتيان على هذا التنظيم المخيف وعلى رأسه، بات الخطر المحدق الآن متمثلا في هؤلاء؛ فماذا سيفعل بهم وهل تستعيدهم دولهم أم لا، لا سيما وأن معظمهم من دول غربية؟ وتابع: "بين الحين والآخر تطالعنا الصحف بمطالبات الولايات المتحدة للدول الأوروبية بتحمل التزاماتها ومسؤولياتها تجاه مواطنيها ممن انضموا لهذا التنظيم الإرهابي. وفي هذا الإطار، يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغوطه على الحكومات الأوروبية لاستعادة مقاتليها الذين انضموا إلى صفوف داعش والمحتجزين حاليًّا في سجون مؤقتة شمال شرق سوريا". وأردف: "فعلى هامش اجتماع قادة حلف الناتو المنعقد في لندن في 4 ديسمبر 2019 لوّح ترامب بهذا الأمر عدة مرات، وفيما يبدو ترامب حريص على إعادة هؤلاء إلى ديارهم، ولكن يرفض قادة أوروبا الفكرة من أساسها، الأمر الذي دعا ترامب في وقت سابق إلى التهديد بإطلاق سراحهم والدفع بهم للعودة إلى داخل البلدان الأوروبية في حالة امتنعت عن استعادتهم طواعية". وأوضح التقرير أن البنتاغون قدّر أعداد مقاتلي داعش المحتجزين في سجون شمال شرق سوريا بنحو 10000 مقاتل، منهم نحو 2000 مقاتل أجنبي من بلدان كثيرة في العالم، ويقدر عدد الأوروبيين منهم بنحو 800 مقاتل. وهؤلاء جميعًا تحتجزهم القوات السورية التي يقودها الأتراك، والتي تعجز عن السيطرة عليهم لوقت طويل. وأشار التقرير إلى أن العديد من الدول الأوروبية تظهر ترددًا كبيرًا في استعادة مواطنيها الذين انضموا للقتال في صفوف داعش، فقد أظهرت نتائج أحد استطلاعات الرأي في فرنسا أن 89% من المشاركين في الاستطلاع يعارضون فكرة استعادة المقاتلين البالغين الذين قاتلوا مع داعش، وفي بريطانيا، يتحسس السياسيون الخطى، لا سيما والبلاد في طريقها لانتخاب برلمان جديد". وألمح في السياق البلجيكي والفرنسي والألماني، يجد السياسيون أنفسهم في ورطة بسبب الرأي العام وكذلك بسبب الحوادث الإرهابية الأخيرة التي طالت البلاد، وعلى الرغم مما يعتقده معظم السياسيين والخبراء من أن استعادة المقاتلين أسلم وأكثر أمانا من تركهم في السجون التي لا تخضع للحماية الكافية، إلا أن التصريح بهذا الأمر ربما يعتبر انتحارًا سياسيًّا بحسب ما يراه محللون، حيث سيخسر هؤلاء أصواتًا كثيرة لناخبين لا يؤيدون الفكرة". وأكمل التقرير أنه في الوقت الذي اتخذت فيه المملكة المتحدة والدنمارك إجراءات صارمة تجاه هذا الأمر، حيث أسقطت كل منهما الجنسية عن مقاتلي داعش وأفراد عائلاتهم، تفكر دول أوروبية أخرى مثل ألمانيا والسويد في اتخاذ إجراءات مشابهة. فيما تتذرع دول أوروبية أخرى بصعوبة إدانة واعتقال مقاتلي داعش لعدم وجود الأدلة، وهذا يعني أنه ربما تعتقلهم لبعض الوقت ثم تطلقهم في الشوارع لعدم وجود ما يدينهم. وأوضح أنه في السياق ذاته، تحاول بعض الدول التفكير خارج الصندوق؛ ففي فرنسا مثلًا تم إنشاء مراكز لنزع الفكر المتطرف لكنها فشلت بعد خمسة أشهر فقط من إنشائها في 2017، حتى إن السياسي الفرنسي المعروف فيليب باس وصف هذه المراكز "بالفشل الذريع". وتابع: "في خضم هذه الأوضاع، لا يزال المراقبون يرون أن موقف الدول الأوروبية موقف متردد وسيظل كذلك، فهل يا ترى ستتحمل هذه الدول مسؤولياتها تجاه هؤلاء أم ستتركهم فريسة لأفكارهم المتطرفة التي لن تبرح حتى تجمعهم مرة ثانية ليخرجوا علينا بفكرٍ متطرف آخر أو بجماعة أخرى تأتي على الأخضر واليابس! ولكن السؤال الذي يطرح نفسه علينا الآن هو: "لماذا تترد هذه الدول في استعادة أبنائها الذين انضموا إلى التنظيم الإرهابي؟". وشدد على أن الإجابة الأكثر ترجيحًا هو أن هذه الدول تخشى أن يبث هؤلاء أفكارهم المتطرفة في جموع مواطني بلادهم، فيكون الكسر من حيث أرادوا الجبر، ومن ثم يريحون أنفسهم من هذا العناء، بيد أنه إذا كان هذا هو الحل من وجهة نظرهم، فهل نتركهم فريسة للقتل أو لتكوين شبكات إرهابية أخرى تقض مضجع العالم وتؤرق أمنه وسلامته ليل نهار؟! واسطرد: "من منطلق أن الفكر لا يجابه إلا بالفكر وأن الحجة لا تجابه إلا بالحجة، يرى مرصد الأزهر أنه من الضروري إعداد برامج تأهيلية لهؤلاء على جميع المستويات ومحاورتهم بالمنطق والحجة وتطبيق القانون على من ارتكب منهم إثما أو جرما حتى نكون أعذرنا إلى أنفسنا وإلى الأجيال القادمة بوقايتهم من هذا الشر المبين الذي إذ لم نتدارك ناره، فإن خطره سيأتي على الأخضر واليابس".

مشاركة :