بغداد 26 ديسمبر 2019 (شينخوا) أعلن الرئيس العراقي برهم صالح، اليوم (الخميس) استعداده لوضع استقالته تحت تصرف البرلمان، رافضا تكليف مرشح تحالف البناء لتشكيل الحكومة الجديدة كونه لا يحظى بقبول الشعب العراقي. وقال الرئيس صالح في رسالة وجهها إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ونشرتها وكالة الأنباء العراقية الرسمية " أضع استعدادي للاستقالة من منصب رئيس الجمهورية أمام أعضاء مجلس النواب ليقرروا في ضوء مسؤولياتهم كممثلين عن الشعب ما يرونه مناسبا". وأضاف " لا خير يرتجى في موقع أو منصب لا يكون في خدمة الناس وضامنا لحقوقهم ". وتابع " أؤكد أن الحراك السياسي والبرلماني يجب أن يكون معبرا دائما عن إلارادة الشعبية العامة وعن مقتضيات الأمن والسلم والاجتماعيين، وعن الاستحقاق لتوفير حكم رشيد يوفر الأمن ويرتقى لمستوى تطلعات الشعب وتضحياته". ومضى يقول " آخذا بالحسبان مسؤولية رئيس الجمهورية تجاه شعبه ومسؤوليته الوطنية تجاه استقرار البلد وسلامته، ومنطلقا من حرصي على حقن الدماء وحماية السلم الاهلي، ومع كل الاحترام والتقدير للاستاذ أسعد العيداني، اعتذر عن ترشيحه مرشحا عن كتلة البناء". وبرر الرئيس صالح اعتذاره عن ترشيح العيداني لتشكيل الحكومة الجديدة لوصول عدة مخاطبات إلى رئاسة الجمهورية تناقض بعضها البعض حول الكتلة النيابية الاكبر. وأضاف "في ضوء الاستحقاقات التي فرضتها حركة الاحتجاج المحقة لأبناء شعبنا، تحتم علينا أن ننظر إلى المصلحة الوطنية العليا قبل النظر إلى الاعتبارات الشخصية والسياسية". واعتبر أن "المصالح العليا للبلاد تفرض اليوم مسؤولية وطنية على عاتق الرئيس بدعم تفاهم حول مرشح رئاسة الحكومة القادمة، وتستوجب المصلحة أن يكون عامل تهدئة للأوضاع ويستجيب لإرادة الشعب العراقي الذي هو مصدر شرعية السلطات جميعا". يذكر أن الرئيس صالح أكد أكثر من مرة إنه لن يرشح أي شخصية لتشكيل الحكومة المقبلة ما لم تكن مقبولة من الشارع العراقي. يشار إلى أن المتظاهرين يرفضون بشدة ترشيح أي شخصية سياسية من الأحزاب الحاكمة لرئاسة الحكومة المقبلة. وهذا ثالث مرشح لتحالف البناء الذي يتزعمه هادي العامري، يرفضه الرئيس صالح لتشكيل الحكومة الجديدة على خلفية استقالة عادل عبد المهدي وحكومته مطلع هذا الشهر، نتيجة لرفض المتظاهرين وبعض الكتل تولي شخصية حزبية رئاسة الحكومة المقبلة. وكان البرلمان العراقي قد وافق مطلع هذا الشهر على استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وحكومته، وأرسل خطابا في الرابع من ديسمبر الجاري إلى رئيس الجمهورية لتكليف شخصية بتشكيل الحكومة الجديدة، لكن الرئيس لم يرشح أحدا حتى الأن بسبب الخلافات بين الكتلة السياسية والمتظاهرين حول المرشحين وأعلن تحالف سائرون المدعوم من الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر رفضه لاستقالة الرئيس صالح، مؤكدا أنه سيقف إلى جانب الرئيس الذي اختار الوقوف مع الشعب العراقي. وقال النائب أمجد العقابي عن تحالف سائرون لوكالة أنباء ((شينخوا)) "نحن كتحالف سائرون نرفض هذه الاستقالة وسندعم رئيس الجمهورية لانه مساند للشعب العراقي وهو مع المتظاهرين بان يكون المرشح مستقل سياسيا". وأضاف العقابي " أن الرئيس صالح وحفاظا على الدم العراقي لم يطرح مرشحا مسيسا من قبل الأحزاب، لذلك نحن نرفض هذه الاستقالة ونشكر الرئيس على هذا الموقف العراقي الوطني". كما رفض تيار الحكمة الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي عمار الحكيم استقالة الرئيس صالح، مشددا على ضرورة بقائه في منصبه من أجل وحدة العراق. وقال خالد الجحيشي النائب عن التيار في مؤتمر صحفي "لا يسعنا إلا أن نعلن رفضنا لما ورد في كتاب رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب في تقديم الاستقالة، ونؤكد على ضرورة بقائه في المنصب واستكمال دوره في جمع العراقيين والحرص على عدم خرق الدستور". وأضاف " نؤكد الدور الكبير لرئيس الجمهورية في حماية الدستور والحرص على دماء العراقيين ونثمن موقفه من اختيار مرشح لرئاسة الوزراء غير جدلي يحظى بمقبولية لدى الشعب". من جانبه رفض إئتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي رئيس الوزراء السابق استقالة الرئيس صالح ودعاه إلى الاستمرار بمنصبه. وقال في بيان " يرفض ائتلاف النصر استقالة رئيس الجمهورية برهم صالح، ويدعو لسحبها والاستمرار بمسؤولياته الدستورية والوطنية. وأضاف " ائتلاف النصر يؤكد أن المصالح الوطنية والشرعية الشعبية تقتضيان من القوى السياسية دعم الحلول التي تلبي طموحات الشعب، وترك عقلية التخوين والاستقواء والهيمنة. وشدد ائتلاف النصر على ضرورة إجراء تغيير جوهري على معادلة الحكم الحالية بما يؤسس لمرحلة مؤقتة قادرة على إخراج البلاد من أزمتها، قائلا " إن الإصرار على بقاء هذه المعادلة سيقود إلى المجهول، وستتحمل القوى الرافضة لإجراء إصلاحات حقيقية كامل المسؤولية أمام الله والوطن والتاريخ". كما رفضت العديد من الكتل الصغيرة والنواب المستقلين استقالة رئيس الجمهورية ،معربين عن دعمهم للرئيس صالح. ولم يصدر أي تعليق من تحالف البناء حتى هذه اللحظة عن اعتذار الرئيس صالح لقبول تكليف مرشحهم لرئاسة الحكومة، أو إعلانه الاستعداد لوضع استقالته أمام البرلمان العراقي. إلى ذلك قال المحلل السياسي ناظم الجبوري لوكالة أنباء ((شينخوا)) "من يعرف شخصية الرئيس صالح لا تأخذه المفاجئة بتقديم استقالته فهو شخصية براجماتية عرفت عنه بتقديم المصلحة العليا على المصلحة الشخصية فهو صاحب الاتفاق الشهير بين الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني وحزب الاتحاد الكردستاني برئاسة الراحل جلال طالباني". وأضاف " وعندما استلم رئاسة الحكومة في إقليم كردستان واحتدم الخلاف بين الأطراف الكردية قدم استقالته حفاظا على وحدة الصف الكردي وعدم الانجرار نحو الاقتتال الداخلي وبذلك قدم المصلحة العليا على مصلحته الشخصية". وتابع " ها هو اليوم وأمام إصرار الكتل السياسية على تقديم مرشحيها خلافا لرغبة المتظاهرين والتي قد تؤدي إلى الانجرار لحرب أهلية وبعد عجزه عن اقناع الفرقاء السياسيين بان ما يقومون به سوف يذهب بالبلد إلى الجحيم انتصر مرة آخرى وقدم استقالته حفاطا على مصالح البلد". ووصف وضع استقالة الرئيس صالح أمام البرلمان بأنه "رسالة شديدة اللهجة للمتمسكين بمصالحهم الشخصية ومصالح الدول الاقليمية على حساب مصلحة الوطن"، مؤكدا أن الرئيس أعلن استعداده لتقديم الاستقالة كونه لا يريد أن يكون سببا في إراقة المزيد من الدماء العراقية وأن يذهب البلد إلى حرب أهلية. وخلص الجبوري إلى القول " لم يمنع صالح أن الحزب الذي ينتمي اليه لديه علاقات وثيقة مع إيران التي تؤيد وتصر على المرشحين الذين رفضهم صالح، لكن تلك المبادئ لدى الرئيس لم تهتز كما اهتزت لدى غيره وأثبت أن الولاء للعراق أولا رغم قوميته الكردية، فعلا إنك أعطيت الرئاسة استحقاقها". وانتخب البرلمان العراقي في الثاني من أكتوبر عام 2018، بالجولة الثانية برهم صالح، مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، رئيسا للجمهورية العراقية لاربع سنوات قادمة، حيث حصل صالح على 219 صوتا فيما حصل منافسه فؤاد حسين عن الحزب الديمقراطي الكردستاني على 22 صوتا. وحسب الدستور العراقي فإنه في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية يخلفه نائبه لمدة 30 يوما، وإذا لا يوجد نائب له يتولى رئيس البرلمان مهام رئيس الجمهورية لمدة لا تتجاوز الـ 30 يوما من تاريخ خلو المنصب. /نهاية الخبر/
مشاركة :