حينما عافت نفس عبدالرحمن المنقا!

  • 12/27/2019
  • 00:00
  • 41
  • 0
  • 0
news-picture

لا يمكن للنفس السامية والهمة العالية إلا أن تبقى شامخة في عالم اليوم الذي يموج بالمتغيرات السيكولوجية والتصرفات النشاز التي تحاول النيل - بقصد أو بدون قصد - من العزائم التي أتت على قدر أهل العزم. وكم كان صباحي بائسا وأنا أطالع تغريدة عبدالرحمن الغامدي صاحب ( الحياة حلوة) الممتلئة أدبا كامتلائها كمداً حول عنف نفسي مورس عليه وهو في طابور الانتظار لعصير المنقا، الذي عافته نفسه بقدر ما اشتهته لا لشيء سوى لكلمة لم يلق لها قائلها بالا، مفادها بأن كل هذه الزحمة لأجل معاق! نعم كل هذه الزحمة لأجل معاق جسديا، ونعم كل هذا الانتظار من أجل إنسان ابتلي بحادث سير ، وقطعا كل هذا الاكتظاظ من أجل صاحب همة تاقت نفسه لما تتوق له الأنفس، فذهب بنفسه وامتطى عزيمته وغالب إعاقته لينتهي به الأمر وهو يسمع مزدريه يطلق آخر سهامه "أنا ما أتكلم مع معاقين"! وهل كان الحديث يوماً محرماً أو مشوهاً أو منبوذاً مع أصحاب الإعاقة؟ فإن كان الأمر كذلك فلعلي أن أسترجع مع من يقول بهذا أعداد المتحدثين مع الرئيس الثاني والثلاثين للولايات المتحدة فرانكلين روزفلت الذي ملأت شهرته الأرض وهو على كرسي الإعاقة، وربما أستحضر سيرة الرئيس الإكوادوري لينين مورينو الذي قاد العمل السياسي ببلاده بدون ساق، ولعلي أقف مبهوراً بالإعاقة الجسدية وأنا أتذكر ستيفن هوكنج صاحب مرض التصلب، والذي ظهر ضئيل الجسم في كرسي إعاقته كبير الحجم وهو يقود علماء الفيزياء وعلم أبحاث الكون في المعمورة! ولا أريد أن أغادر هذا المقال قبل أن نطرب وننتشي سوياً ونحن نسترجع أسس وقامات في الأدب العربي والغربي من ذوي الأعاقة، فهل يذكر منتقصو أصحاب الإعاقة طه حسين ومصطفى صادق الرافعي ورهين المحبسين (أبو العلاء المعري) وجون ملتون، ممن شاء الله وطفيت أبصارهم لتضيء آدابهم أرجاء الأرض! ماذا أقول؟ هل أنا بحاجة لأن أذكر منتقصي ذوي الإعاقة بأن العوق الفكري أذاق العالم أضعاف العوق الجسدي؟ هل أنا بحاجة لأن أذكرهم أيضا بأن خسائر الدول على العلم والفكر والثقافة لا توازي عشر خسائرها على العوق الفكري والجهل المطبق؟ وقبل كل هذا هل أنا بحاجة للتذكير بأن الإنسانية بجميع منظماتها وهيئاتها ومؤسساتها وهبت ذوي الإعاقة أجمل مايوهب الإنسان فمنحتهم شعارات زرقاء تحترم بموجبها عزيمتهم فتوقفهم في أقرب الأماكن للتسوق، وتمنحهم حق العمل، وتهبهم حق الدراسة والتدرب بل وتجعل شركات القطارات والحافلات تراعي نظاما هيدوليكيا ينزل بهذه المحركات لتنحني لهمتهم وتحملهم إلى حيث يريدون ! عد إلى عصير المنقا يا عبدالرحمن واحتس الهمة الرائعة والأدب الجم الذي طالعتنا به تغريدتك، فأنت في وطن كريم وبين أهل كرام يعرفون لكل ذي حق حقه، ولا تبتئس بما قد يأتي عرضا، فهكذا هي الدنيا لا تخلو من منغصات بين حين وآخر، ولا تستقيم على حال. وصحتين على قلبك! dralaaraj@

مشاركة :