عناصر الحوكمة والشفافية والمساءلة «1 من 3»

  • 12/27/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الحوكمة الرشيدة - التي تتطلب الشفافية والمساءلة وسيادة القانون والمؤسسات الفاعلة والمشروعة - هي حسب الاعتقاد السائد جزء مهم من عملية التنمية الاقتصادية، بينما قد تتسبب الحوكمة الضعيفة في إعاقة النمو في نظام كان ليتسم بالنشاط. لكن النمو الاقتصادي السريع الذي ساعد آسيا الصاعدة على تضييق فجوة الدخل بينها والاقتصادات المتقدمة وانتشال الملايين من براثن الفقر كان قد تحقق رغم سجل أداء الحوكمة الذي اتسم وفق المعايير المعتادة - بالضعف وعدم التوازن. فما الذي يفسر هذا التناقض الواضح؟ لكي نتفهم دور الحوكمة في رخاء آسيا، استندنا إلى مجموعة كبيرة من البحوث ووجدنا أن الأمر أكبر من مجرد الحوكمة الرشيدة مقابل سوء الحوكمة. فهناك عناصر مختلفة قد تؤثر في المشهد العام للتنمية في البلد المعني في مراحل مختلفة. وليست كل جوانب الحوكمة لها الوزن نفسه في أي نقطة زمنية معينة. وينبغي مراعاة الواقع الثقافي والمؤسسي عند تحديد أولويات إصلاح نظام الحوكمة، وذلك بالتركيز على المجالات التي تعالج أكبر العقبات أمام النمو والتنمية في البلد المعني. إن التقدم الاقتصادي في آسيا معروف للجميع. ففي أعقاب تعافي اليابان السريع من آثار الحرب العالمية الثانية واتساع تأثيرها الاقتصادي في المستوى الإقليمي، أصبحت اقتصادات منطقة هونج كونج الإدارية الخاصة وكوريا وسنغافورة وفي مقاطعة تايوان الصينية تعرف بالاقتصادات الصناعية الجديدة حيث انتقلت من حالة الفقر إلى حالة الدخل المرتفع في غضون جيل من الزمن. ثم جاءت إصلاحات السوق في الصين لتمهد الطريق أمام نموها الاقتصادي السريع والمستمر. وفي غضون العقد الماضي، برزت الهند وإندونيسيا وماليزيا والفلبين وتايلاند وفيتنام كأحدث نمور آسيا. وقد أدت هذه التغيرات إلى حدوث تحول في المشهد الاقتصادي العالمي. وعلى مدار العقود الثلاثة الماضية، شهدت آسيا النامية زيادة في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي على أساس تعادل القوى الشرائية بواقع 14 ضعفا من 497 دولارا في عام 1980 إلى 6844 دولارا في 2012، بمتوسط زیادة قدره 8.5 في المائة سنويا. وباستثناء الهبوط الاقتصادي أثناء الأزمة المالية الآسيوية في عامي 1997 و1998، ظل النمو الاقتصادي في آسيا متسقا بوجه عام حتى بعد الأزمة المالية العالمية الأخيرة. وتسهم آسيا النامية الآن في نحو ثلث إجمالي الناتج المحلي العالمي محسوبا على أساس تعادل القوى الشرائية. وبفضل ارتفاع معدلات النمو، أحرزت المنطقة تقدما كبيرا في مجال الحد من الفقر، ففي الفترة بين عامي 1990 و2010 أمكن انتشال نحو 700 مليون شخص من براثن الفقر المدقع. فمن مؤشرات قياس الفقر بخلاف الدخل، نجد أن التعليم الأولي للبنات"89 في المائة" والبنين "91 في المائة" يكاد يكون معمما في الوقت الحالي؛ وأن معدلات الوفيات بين الأطفال انخفضت بواقع النصف بين عامي 1990 و2011؛ كما أن نسبة الأسر التي تحصل على مياه الشرب النظيفة زادت من نحو 75 في المائة في 1990 إلى أكثر من 85 في المائة في الوقت الحالي. لكن هذه الإنجازات الملحوظة لا يقابلها تقدم مماثل على مستوى الحوكمة... يتبع.

مشاركة :