عناصر الحوكمة والشفافية والمساءلة «3 من 3»

  • 12/31/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يتضح من الأدلة التجريبية أن هناك ارتباطا تبادليا في المجمل، بين تحسين الحوكمة وارتفاع معدلات النمو وتحسن النتائج الإنمائية. ولحل المعضلة المتعلقة بحالة آسيا، بحثنا في أربعة طرق مختلفة لاستعراض هذه العلاقة. أولا، هناك ارتباط موجب، إلى حد كبير، بين الحوكمة والتنمية الاقتصادية وآسيا ليست استثناء من هذه القاعدة. إن اثنين من "مؤشرات الحوكمة العالمية" وهما فعالية الحكومة، وإبداء الرأي والمساءلة مقابل نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي للدولة المعنية. وفي كلتا الحالتين نجد أن هناك ارتباطا موجبا بين درجة أداء الحوكمة ونصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي. وأن الاقتصادات الآسيوية النامية وتبين وجود ارتباط موجب مماثل. وبتحليل مؤشرات الحوكمة الأخرى - أي الجودة التنظيمية، والسيطرة على الفساد، والاستقرار السياسي وسيادة القانون وارتباطها التبادلي مع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، وهذه لا يتم تناولها هنا فإنها تؤكد أيضا هذه العلاقة الموجبة. ثانيا، تتباين العلاقة بين الحوكمة والتنمية الاقتصادية في مختلف أبعاد الحوكمة. إن فاعلية الحكومة ترتبط ارتباطا تبادليا وثيقا بنصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي أكثر من إبداء الرأي والمساءلة. وفي الواقع، ترتبط فاعلية الحكومة بنصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بأعلى درجات الارتباط التبادلي الوثيق بين مؤشرات الحوكمة العالمية الستة، بينما يتبين أن أقلها ارتباطا هو مؤشر إبداء الرأي والمساءلة. وفي دراسة لبنك التنمية الآسيوي (2013 ADB) تستخدم مجموعة بيانات عالمية لوضع تقديرات تجريبية للعلاقة بين نمو إجمالي الناتج المحلي وجودة الحوكمة. وتبين النتائج أن الدول الآسيوية التي سجلت درجات عالية "مقابل المعيار العالمي، كما أوضحنا أعلاه" بالنسبة إلى مؤشرات فاعلية الحكومة، والجودة التنظيمية، والسيطرة على الفساد في عام 1998 حققت نموا أسرع ـ نحو 1٫5 نقطة مئوية سنويا ـ خلال الفترة 1998 ـ 2011 مقارنة بالدول الآسيوية التي سجلت درجات منخفضة. ومع ذلك، لا يختلف النمو كثيرا بين الدول التي سجلت درجات عالية ومنخفضة بالنسبة إلى الاستقرار السياسي وسيادة القانون، بينما في حالة إبداء الرأي، كانت وتيرة النمو أبطأ فعليا في الدول الآسيوية التي سجلت درجات أعلى. وترصد الدراسة نفسها نتائج من تحليل قطري مقارن بين نمو إجمالي الناتج المحلي وجودة الحوكمة. وتبين هذه النتائج أن مؤشرات الحوكمة ترتبط بعلاقة موجبة ومميزة مع أداء النمو في عينة الدول على المستوى العالمي، وأن هذه العلاقة تسري أيضا على الدول الآسيوية، غير أن فاعلية الحوكمة والجودة التنظيمية ترتبط ارتباطا تبادليا أكثر قوة بالنمو في آسيا مقارنة بالنمو في العينة العالمية، ما يشير إلى أن الاقتصادات الآسيوية ستستفيد أكثر بإدخال التحسينات على هذين الجانبين من جوانب الحوكمة. ثالثا، تعتمد العلاقة بين الحوكمة والتنمية الاقتصادية أيضا على مرحلة التنمية التي بلغتها الدولة المعنية ويتضح من دراسة العلاقة مع جميع مؤشرات الحوكمة العالمية الستة أن العلاقة بين الحوكمة والتنمية، إلى حد كبير، أضعف بين الاقتصادات منخفضة الدخل عنها بين الاقتصادات مرتفعة الدخل. ويصدق هذا الأمر بصفة خاصة بالنسبة إلى مؤشر إبداء الرأي والمساءلة. فعلى سبيل المثال، يلاحظ أن نقاط البيانات منتشرة على نطاق واسع حول المعايير الحدية في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، لكن يضيق نطاقها في الدول ذات الدخل الأعلى ويسري هذا الأمر أيضا على الدول الآسيوية. ومن المحتمل أن تواجه الدول قيودا ملزمة مختلفة في مختلف مراحل التنمية، ومن الأرجح أن يسهم إصلاح الحوكمة في دعم النمو والتنمية في هذه الدول عند إلغاء هذه القيود. وبالتالي، نجد أنه إلى جانب تحسين فاعلية الحكومة والجودة التنظيمية في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، يجب إعطاء أولوية لتحسين تطبيق سيادة القانون والسيطرة على الفساد.

مشاركة :