للأسف يسلك عدد من الشباب فى الآونة الأخيرة مسلكًا يدعو للدهشة والاستغراب ألا وهو تعمد إزهاق الروح متناسين الوعيد الذى ورد فى الكتاب والسنة للتحذير من قتل النفس. قال تعالى: "وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا " النساء: 29ـ30وعن أبي هريرة رضى الله عنهقال: قال رسول الله ﷺ : "مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا فِيهَا أَبَدا. وَمَنْ شَرِبَ سَمّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا مُخَلَّدا فِيهَا أَبَدا. وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا مُخَلَّدا فِيهَا أَبَدا"رواه البخارى ومسلم .،،، يَتَوَجَّأُ أى: يطعن.ويدفعنا هذا المسلك الذى يسلكه بعض الشباب لتوجيه أسئلة عديدة لكل من تراوده تلك الأفكار عن نفسه لنعرف منه ماهية ونوعية وحجم الضغوط التى يتعرض لها فى حياته والتى تدفعه للجوء لهذا الأمر من وجهة نظره، وللتيسير على هؤلاء الشباب سأكتفى بأسئلة يُجاب عنها بـ (نعم) أو (لا)دون أن أطلب شرحًا لإجابة أو تعريف لمصطلح. س1-لديك عينان ترى بهما كل من حولك؟س2-لديك أذنان تسمع بهما ما يُقال لك؟س3- لديك قدمان تسير بهما إلى المكان الذى تريده فى الوقت الذى تريده دون أن يحول بتر قدم أو كسر ساق أو شلل بينك وبين ذلك؟س4- لديك يدان تستطيع أن ترفعهما إلى فمك لتأكل بهما وحدك دون أن تضطر للاستعانة برفيق يضع لك الطعام فى فيك؟س5- لديك القدرة على الاغتسال بالماء دون أن يرافقك أحد فى اغتسالك، ويرى سوءاتك؟س6- لديك عقل تفكر به وتستطيع أن تميز به بين الخطأ والصواب وبين ما يصلح وما لا يصلح؟س7- لديكفم وأنف تستطيع التنفس من خلالهما بسهولة دون أن تضطر لاستخدام أسطوانات الأكسجينطول الوقت ؟س8- تستطيع قضاء حاجتك وقتما تريد دون أن تقدم طلبًا لمن حولك قبلها بنصف ساعة أو أكثر ودون مساعدة من أحد مستورا عند قضائها؟س9- تستطيع التحكم فى بولك وغائطك؟س10- تستطيع التحرك من مكانك فترفع رأسك ويديك وقدميك دون عائق؟ س11- تستطيع أن تنام دون أن تضطر لأخذ مسكن أو منوم؟س12- تستطيع أن تعمل ولديك دخل-حتى ولو كان قليلًا-تستطيعان تنفق منه على بيتك وأولادك؟س13- لديك بيت تنام تحت سقفه يحميك من المطر والبردفى الشتاء وحرارة الشمس فى الصيف وغطاء تتدثر به فى فراشك؟س14- لديك زوجة وأولاد يتحركون حولك دون أن يكون لديك ولد قعيد أو مصاب بمرض خبيث؟يجب أن تعلم أن هذه النعم التى ذكرتها آنفًا والتى تتمتع بها جميعًا أو بأغلبها لا تتوفر فى كثير من الناس، وحياتك هذه التى لا ترضيك يتمنى غيرك أن يحياها معافًا من الأسقام والأوجاع مثلك. ولن تشعر بما تحياه من نعم فى هذه الحياة بحق إلا عندما تزول تلك النعم عنك فليس الخبر كالمعاينة،فاشكر الله على ما أنت فيه من نعم لا تُعد ولا تُحصى "وَإِن تَعُدّوا نِعمَةَ اللهِ لا تُحصُوهَا".وإن عجزت عن شكر نعم الله أو ثقل على لسانك النطق بهاتين الكلمتين ألا وهما "الحمد لله" من أعماق قلبك مؤمنًا بها مسلِّمًا بكل ما تعبر عنه وما تحويه بداخلها من رضا فأنت تحتاج لجولة تفقدية تستعيد بها ما فقدته.بإمكانك أن تقوم بجولة تفقدية ولتكن البداية من المستشفى الأقرب إلى بيتك،أو الجمعية الخيرية الأقرب إلى بيتك، أو دار الصم والبكم الأقرب إلى بيتك، أو مركز الغسيل الكلوى الأقرب الى بيتك، أو مركز القلب الأقرب الى بيتك، أو مركز الأورام الأقرب إلى بيتك أو ..... ابدأ من حيث تشاء. وهناك فقط ستشعر كم كنت مقصرا فى شكر نعم الله عليك. ففى هذه الأماكن ستجد مريضًا ملازمًا لسريره لم يبرحه منذ عدة أشهروربما سنوات حتى غطت قروح الفراش ظهره ومؤخرته، وآخر لا يقوى على رفع رأسه دون عون من غيره، وآخر شُلّت قدمه، وآخر شُلّت يده، وآخر لا تفارق أنابيب التنفس فمه وأنفه، وآخر لا تفارق أجهزة الغسيل الكلوىجسده، وآخر هزل جسده وتساقط شعره بسبب جرعة كيماوي حقنت فى أوردته، وآخر يحبس بوله وغائطه بضع ساعات حتى يدخل الليلوينام كل من معه فى عنبره من مرضى حتى يتمكن من قضاء حاجته فى وعاءِ على سريره، وآخر كلّ ما يتمناه سجدة يسجدها لله فهو لم يستطع السجود لله منذ أسابيع وربما شهور وسنوات بسبب قطع فى أطراف جسده أو غضروف أصابه أو تيبس فى مفصل يده أو قدمه يعيق سجوده،وستجد هناك أيضًا صم لا يسمعون، وبكم لا ينطقون، وعمى لا يبصرون، وشاردى ذهن لا يعقلون......الخلا تقل: لقد أُوصدت كل الأبواب فى وجهى، ولا حياة لى ولا مستقبل لى فقد فاتنى الالتحاق بكلية كذا أو وظيفة كذا أو الزواج من كذا كما كنت أحلم، واستعن بالله ولا تقنط ولا تيأس ولا تكن مما قال الله فيهم "وإن مسه الشر فيئوس قنوط". فكم من أناس التحقوا بكليات لم يكن يرغبوا فى دخولها وبسبب تلك الكليات وفقهم الله وصارت لهم مكانة وحصلوا على امتيازات لم يكن ليحصلوا عليها فى الكليات التى كانوا يرغبون فى الالتحاق بها، وكم من شباب فاتهم الزواج بمن يريدون فأصابهم الهم والغم وبعد ذلك أبدلهم الله بمن هن أكثر خلقًا وتدينًا. قال تعالى: "فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" النساء: 19.خذ بالأسباب واجتهد قدر طاقتك حتى تصل إلى ما تريد تحقيقه من أهداف وتعَوَّد أن تبدأ يومك بحمد الله وشكره مرددًا هذه الكلمات بقلبك قبل لسانك "اللهم ما أصبح بى من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر".وإن ابتليتَفى هذه الحياة بمرضٍ فاصبر، وإن ابتليتَ بقلة مالٍ فاصبر، وإن ابتليتَ بقلة ولدٍ فاصبر، وإن ابتليتَ بعملٍ شاقٍ فاصبر، وإن ابتليتَ بابن عاق فاصبر، وإن ابتليتَ بأبٍ أو أمٍ لا يهتمون لأمرك فاصبر، وإن ابتليتِ بزوج لا يؤدى حق الله فيكِ أو زوجة لا تؤدي حق الله فيك فاصبر، وإن ابتليت بموت رفيق دربٍ أو أنيس وحدة أو عزيز عليك فاصبر،واحمد الله على نعمه، واشكره على آلائه، واصبر على بلائه، فبه تكفر ذنوبك وتستر عيوبك وتعلو درجتك والأكثر من ذلك والأوقع فى نفسك"أن الله مع الصابرين"نعم معك إن صبرت يعلم سرك وعلانيتك وهو الذى يكفيك ما أهمّك وأغمّك.
مشاركة :