ظاهرة انتشرت كما النار في الهشيم، مزايدة تدفع ثمنها الأسرة ويقف خلفها الجهل بحقوق الأبناء التي سنّتها لهم وزارة التعليم، وأولياء الأمور ضحايا لجشع المدرس الخصوصي الذي اتخذ من الكتاب تجارة، وأصبح يجاهر في رفع السعر، ويسوق لنفسه من خلال الإعلانات ضارباً بأنظمة الوزارة عرض الحائط، عوامل كثيرة اضطرت أولياء الأمور للبحث عن (مدرس خصوصي) لأبنائهم وتباينت ذرائعهم في ذلك، مما يمثل أعباء اقتصادية كبيرة على ميزانية العائلة، واشتكت حيال ذلك العديد من الأسر. تدريس بآلاف الريالات في البداية تقول عهود -طالبة مرحلة ثانوية بعنيزة- عثرت على إعلان لإحدى المعلمات المقيمات لتدريس مادة الفيزياء والرياضيات، طلبت منها تدريسي هاتين المادتين، فطلبت مني مبلغاً مقداره 2000ريال (للكتاب الواحد) وعند اعتراضي على المبلغ طلبت مني الحضور لمنزلها لتدريسي حتى يقل المبلغ إلى 1700 ريال، فذهبت والمصيبة أنها لا تلتزم بالوقت المحدد فتذهب لقضاء حوائجها في المنزل ثم تعود للشرح، فتارة للمطبخ وتارة للأطفال، وتنتهي الساعة المحددة وتقبض في النهاية المبلغ كاملاً. تقول والدة الطالب أحمد : إحدى المعلمات تتابع مع ابني واجباته اليومية وهو (طالب في المرحلة الابتدائية) يومياً وذلك بسعر 1500 ريال في الشهر، أما شقيقته في المرحلة المتوسطة وتتابع معها معلمة(الرياضيات) المادة خلال (الاختبار الشهري) بمبلغ 100 ريال (للساعة) الواحدة. وذكرت أن معلمي الدروس الخصوصية بالغوا في السعر بدرجة كبيرة، فقد اتصلت على عدد من معلمات الصفوف الإبتدائية لتدريس مادة "لغتي" فطلبت 1200 ريال في الأسبوع، وذكرت لي المعلمة بأنها ستقوم بشرح المنهج كاملا (في أسبوع) فيما أوضحت لها بأن ذلك أكبر من استيعابها فقالت المعلمة (هذا نظامنا وهذه أسعارنا)! أم يارا - إدارية بإحدى المدارس الابتدائية بمحافظة بريدة- تقول : إن المعلمة في المدرسة تنصح الطالبة بالاستعانة بمدرسة خصوصية وذلك لأن لديها ضغطا في العمل بالمدرسة، وليس لديها الوقت الكافي لإعطاء المادة ما تستحقه من الشرح! وأكدت نادية السليمان أن تدريس المادة لدى معظم المعلمين بمدينة الرياض خلال ساعة واحدة مابين 100-150 ريالاً، والقلة منهم يعتمد التدريس الجمعي حتى لا يقل السعر، أما تدريس الكتاب فيتراوح من 2000 إلى 2500 ريال، وفي المرحلة الثانوية يتراوح سعر تدريس الكتاب مابين 4000إلى 5000 ريال. دائرة مغلقة وبينت فهدة العبدالواحد- مرشدة طلابية- بأن هناك دائرة مغلقة تتمثل في وجود الطالب الذي لا يجيد فهم المادة من المدرس، والمدرس الذي لا ينفذ الدرس بالشكل المطلوب فالشرح في معظم الأحيان لديه يكون"تحصيل حاصل" ولا أعمم ولكن الكثير من المدرسين يكون اعتمادهم كلياً على الأهل في توصيل المعلومة للطالب، وقد لا يجيد الأهل توصيل المعلومة للابن فتتم الاستعانة بالمدرس الخصوصي، ولابد من منفذ للخروج من هذه الدائرة متأملة من الوزارة أن تكون أكثر حزماً في تطبيق أنظمتها حتى يرتدع (التجار)! مركز الخدمات التربوية وأرجع الأستاذ صلاح بن إبراهيم الزعاقي- مدير مركز الخدمات التربوية بعنيزة سابقاً ووكيل المدرسة الفيصلية الابتدائية حالياً- أسباب رواج سوق المدرسين الخصوصيين الجشعين منهم خاصة إلى(جهل أولياء الأمور) بمراكز الخدمات التربوية والمامهم بالخدمات التي يقدمها المركز، مشيراً إلى أن نسبة قليلة من أولياء الأمور يعلمون بوجود مثل تلك المراكز أما السواد الأعظم من الناس فليس لديه علم بها، موضحاً الدور الذي تقوم به هذه المراكز وهو تقديم البرامج المساندة أو ما يسمي بالدروس الخصوصية لتقوية الطالب، وتسند إلى كفاءات مؤهلة ولها ساعات عمل محددة وضوابط لا يمكن تجاوزها، مؤكداً على أنه لايتم تدريس الطالب إلا بعد إبرام العقود تحت إشراف وزارة التعليم، مضيفاً ولكن ما حصل هو أن بعض هؤلاء المدرسين وهم من "المقيمين" في الغالب (يلعبون بذيلهم) فيقومون بالتدريس لحسابهم الخاص وبأسعار خيالية، رغم أن الوزارة حددت رسوم المرحلة الابتدائية ب80 ريالا لا تزيد و100 ريال للمرحلة المتوسطة والثانوية وهذه التسعيرة لا يعلم عنها غالبية الناس للأسف. التبليغ عن المدرس وأكد أن من يخالف القوانين من المدرسين وذلك بتقديم الدروس الخصوصية (بدون عقد) بينه وبين مركز الخدمات التربوية يجب التبليغ عنه حيث أصدرت الوزارة قراراً بإلغاء عقده فوراً لأن ذلك يعتبر مخالفة صريحة وإنتهاك للأنظمة والقوانين، مشيراً إلى أن هذا الإجراء لا يقصد منه منع الدروس الخصوصية ولكن يجب أن تنفذ وفق (ضوابط) معينة سنتها الوزارة وتنتمي إلى مركز الخدمات، وشدد على أهمية تكاتف الأسر مع هذه المراكز والتبليغ عن المتلاعبين من المدرسين للقضاء على ظاهرة الجشع هذه. مديرو المدارس وأشار الأستاذ صلاح إلى أن المركز يقوم بالتدريس الجماعي والفردي حسب حاجة الطالب لطريقة التعليم التي تناسبه، مشيراً إلى تباين الأسعار، فالمتابعة داخل المركز أقل تكلفة من المتابعة في المنزل، إذ يحق للطالب تسجيل رغبته في دراسة مادة بعينها وكذلك اختيار معلم بعينه، مشدداً على أنه يجب على جميع مديري المدارس توجيه أولياء الأمور (لمراكز التقوية) والتي لا ينظم لها سوى المدرسين المؤهلين من أصحاب الخبرة والتخصص، علاوة على الحفاظ على الوقت المخصص للحصص(كاملة) ومتابعة المعلم وتقويم أدائه، موضحاً بأنه يحق لولي الأمر إبلاغ المركز لأي خلل يجده على المعلم، مشدداً على أهمية إبرام العقد مع المركز عند تنفيذ الدروس الخصوصية في المنزل معللاً ذلك بعدم ترك المجال للمدرس(للنهب) كما يحدث الآن. المعلمات لايعلمن بمراكز الخدمات وتعقيباً على ما ذكره صلاح الزعاقي علقت هدى السعلو - معلمة ابتدائية بعنيزة- قائلة: للأسف لا أعلم وجميع معلمات المدرسة وغالبية مدارس البنات الأخرى عن مركز الخدمات التربوية وما يقدمه من خدمات، سواء للطلاب أو للطالبات، فلدينا في المدرسة نسبة ليست بالقليلة تحتاج إلى متابعة خارجية وتعليم مكثف لعدد من المواد، فلو كانت المدرسة تعلم بوجود مثل تلك المراكز لأسندت هذه المهمة لها، وأنا شخصياً قمت باستدعاء معلم مقيم لابني ويدرس في الصف الرابع الابتدائي لمتابعته في (مادتين) فقط لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع نظراً لظروفي الخاصة التي لم أجد خلالها الوقت الكافي لمتابعة جميع المواد معه، ولكنه لم يلتزم بالحضور ويتغيب كثيراً، ومع ذلك طلب 600 ريال لشرح صفحة واحدة من كتاب الرياضيات وأخرى للعلوم، وتضيف الطامة الكبرى أن ابني قد انحدر مستواه التعليمي في مادة الرياضيات، فبينما كنت أقوم بمتابعته دراسياً كان يتحصل على أعلى الدرجات وبمجرد تكليفي لهذا المعلم انخفض مستوى اإبني بشكل ملحوظ ولا أعلم ماهي الطريقة التي يتبعها في الشرح، وطالبت بالتعاون فيما بين المراكز والمدارس حتى تؤتي هذه المراكز ثمارها.
مشاركة :