حين نقرأ أخبار الجولات التي تقوم بها الجهات الرقابية على الأسواق للتأكد من عدم التلاعب في الأسعار، ثم نقرأ عن أن كثيرا من السلع قد تضاعف سعرها مرتين وثلاث مرات يصبح من حقنا أن نتصور أن تلك الجولات تتم في بلد بينما المزايدة في الأسعار تتم في بلد آخر، بحيث لا تجد لجان المراقبة من يخالفون ولا يخشى المزايدون في الأسعار ممن يراقبهم فضلا عن أن يخشوا من العقاب. لجان مراقبة من أمانات المناطق وبلديات المدن ووزارة التجارة. ومسؤولون يوجهون ويحذرون ويهددون وحصيلة ذلك كله أنه لم تبق سلعة واحدة لم يرتفع سعرها، ولم يبق تاجر أو مستورد أو موزع أو حتى بائع على الرصيف لم ينتهز دخول شهر رمضان ليتلاعب في الأسعار فيرفعها كما يشاء، ويتلاعب بالسلع فيصرف منها ما كان مخزنا وما فسد أو أوشك على الفساد. ما يحدث لا يمكن تفسيره بغير واحد من أمرين أولهما أن تلك الجهات المسؤولة عن مراقبة الأسواق والأسعار والسلع ليست جادة فيما تقوم به من جولات، وما تطلقه من تحذيرات، وما تلوح به من عقوبات، وثانيهما أن أولئك التجار والمستوردين والموزعين وحتى بايعي الأرصفة قد اجتمعوا وأجمعوا أمرهم و «عملوا عمل» للجان المراقبة فلم يعودوا يرون ما يراه الناس، ولا يسمعون ما يسمع به الناس، ولا يقرأون ما تنشره الصحف من زيادة في الأسعار لم تترك سلعة إلا مستها. ما يحدث في الأسواق من زيادات علنية في الأسعار في ظل غياب أي جهة يمكن لها أن تردع أولئك المتلاعبين والمزايدين يؤكد أن كل تلك الجولات الرقابية والتوجيهات والتحذيرات لا تتجاوز أن تكون تعبيرات جاهزة يتم إطلاقها مع بدايات المواسم، وإجراءات بيروقراطية لم يعد يخشى منها إولئك الذين استمرأوا التلاعب في الأسعار وانتهاز أي مناسبة لزيادتها.
مشاركة :