يثير قانون حماية الشخصية الذي دخل الأربعاء حيز التنفيذ في كاليفورنيا مخاوف لدى الشركات حيث ينذر هذا التشريع بحدوث بلبلة لدى هذه الشركات وذلك من دون التيقن من إمكان تطبيق الولاية الأميركية التقدمية بصورة فعلية القواعد الجديدة التي يتوسع نطاقها ليشمل الولايات المتحدة برمتها. وقد بدأ سريان “كاليفورنيا كونسيومر برايفسي أكت” (سي.سي.بي.أيه) ومعناه “قانون حماية خصوصية المستهلك في كاليفورنيا” في مطلع 2020 بعدما أخذ البرلمانيون الأميركيون عطلة أعياد نهاية السنة من دون إيجاد اتفاق على المستوى الفدرالي بشأن الموضوع رغم النقاشات الطويلة التي شهدتها 2019. وعلى غرار القانون الأوروبي بشأن حماية البيانات، المطبق في الاتحاد الأوروبي منذ مايو 2018، يضمن هذا القانون لسكان كاليفورنيا بعض الحقوق المتصلة ببياناتهم بما يشمل طريقة جمعها واستخدامها واحتمال توظيفها لغايات تجارية. وقد أقر القانون ردا على الكثير من الانتهاكات والتعديات في إدارة المعلومات الشخصية خلال السنوات الماضية. ويقول دانيال كاسترو من معهد “إنفورميشن تكنولوجي أند إينوفيشن فاونديشن” المؤيد عادة لشركات التكنولوجيا “سيحصل ارتباك كبير على المدى القصير”. ويضيف “سنشهد ظاهرة عدوى إذ ستحذو ولايات أخرى حذو كاليفورنيا ما يعقد مهمة الشركات. بعضها بدأ يطبق القانون الأوروبي بشأن حماية البيانات وعليه حاليا الالتزام بقوانين أخرى”. وفي هذا الإطار، ثمة فوارق بين القانون في كاليفورنيا والتشريع الأوروبي. فالاتحاد الأوروبي يعطي الأولوية لشرط الموافقة المسبقة على جمع البيانات واستخدامها، فيما تشدد كاليفورنيا على إمكانية الرفض. ويوضح جون فيردي من “فيوتشر أوف برايفسي فوروم” أن “النقطة الأساسية في قانون سي.سي.بي.إيه في كاليفورنيا هي إلزام الشركات بإظهار رابط عليه عبارة لا تبيعوا بياناتي”. ويشير إلى أن القانون في كاليفورنيا سيشمل مجالات أوسع من كل التدابير المتخذة، إذ إنه “يعطي الناس خيارا واضحا بشأن بيع البيانات، وهي من الممارسات التي تثير القلق الأكبر لديهم”. ولكن الأهم من ذلك أن يتم تحديد مفهوم “بيع” البيانات. فعلى سبيل المثال تستقي “فيسبوك” أرباحها من الإعلانات الموجهة بدقة شديدة وعلى نطاق واسع للغاية. ولكن المجموعة العملاقة في مجال التواصل الاجتماعي لا تبيع بالمعنى الضيق للكلمة بيانات للمعلنين بل تجمعها لاستغلالها تجاريا على شكل أهداف إعلانية. ويعتبر جون فيردي أن القانون الجديد “يمثل معضلة للشركات التي تستند خدماتها على البيانات”، مثل منصات الموسيقى عبر البث التدفقي أو المختصة في إعداد المراجع الإلكترونية. وقد يكبد القانون الشركات تكاليف تصل إلى 55 مليار دولار، وفق الخبيرة في معهد “أميريكن إنتربرايز إنستيتيوت” روزلين لايتن. وتقول “لا أتوقع أن تتخطى نسبة الالتزام بالقانون 50 بالمئة”، معتبرة أن الشركات الكبرى مثل “غوغل” و”فيسبوك” ستنجح في ذلك، إلا أن الأمر ليس كذلك للشركات الصغيرة. ويُفترض أن تبدأ كاليفورنيا فرض عقوبات على المخالفين اعتبارا من منتصف العام الحالي. وهذه المهمة لن تكون ميسرة إذ إن المنظمات التي لديها زبائن في كاليفورنيا معنية. وتقول روزلين لايتن “أظن أن كاليفورنيا ستكون سعيدة لو يقدم الكونغرس دعما لها من خلال قانون وطني” إذ إن “ميزانية الولاية ليست كافية لتطبيق القانون بصورة فعلية”. وباتت الكرة حاليا في ملعب الكونغرس. وأعلنت لجنة الطاقة و لتجارة في ديسمبر أنها توصلت إلى مسودة مدعومة من معسكري السياسة قد تكون قاعدة لتشريع وطني.
مشاركة :