أسرة الأدباء.. نصف قرن من العطاء

  • 1/4/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كان لإقبال القراء والتفاعل مع الأدباء الشباب في الستينات من القرن الماضي دور محوري في تطوير الأدب الجديد والعناية به والحرص على قراءته، حيث كان هذا الأدب يثير الحوارات المتنوعة الأدبية والثقافية والسياسية، في الأوساط المتعلمة، التي وجدت في كتابات الأدباء الشباب ما يتطرق الى همومهم وقضاياهم، مما يحظى باهتمامهم، ويلامس شغفهم الى التقدم، فهذا الأدب الجديد كان يُصيغ حياتهم في تفاصيلها الكبيرة والصغيرة، فالكلمة من أجل الإنسان كما يقول شعار الأسرة الدائم، الذي رافق تاريخها العريق، وصاحب أنشطتها الأدبية. كانت هذه الكتابة الجديدة تتعرض لحياة هذا الإنسان البحريني على وجه التحديد، عبر أزمنة مختلفة، فكانت تلك الكتابة بحق رئة المجتمع وأوكسجين حياته.  في هذه السنوات الخصبة اتسعت رقعة قراء الأدب شعرًا أو قصةً بشكل غير مسبوق في تاريخنا الحديث بسبب انتشار التعليم، في وقت تلازم مع نهوض سياسي وثقافي، في مرحلة عربية شهدت حداثة أدبية جديدة تجلّت في تجديد الشعر والقصة.  في هذه الفترة نفسها كان المد القومي واسع الانتشار في البلاد العربية، وكان الاقتصاد في منطقة الخليج العربي يرسم معالم جديدة لنهضة شاملة كانت تتخلّق في طورها الجنيني الأول. هذا الجنين الذي راح يعدو مع الطفرة النفطية في السبعينات التي غيّرت معالم البحرين والخليج العربي، ورسمت طرقات جديدة زاهرة وواعدة.  ومن إيجابيات الطفرة النفطية أنها وفرت التمويل المادي لانتشار التعليم بوتيرة سريعة في السبعينات وما بعدها، ما عزز انتشار الثقافة وبنيتها التحتية ومؤسساتها.   جاء تأسيس أسرة الأدباء والكتاب في العام 1969 في وقت مبكر بالنسبة لمؤسسات المجتمع المدني الأخرى، التي كانت تعد على أصابع اليد، وتميزت الأسرة عنها بفاعليتها العالية المتعددة نشاطًا وتأثيرًا. وجمعت الأسرة في كل مراحلها، طوال خمسة عقود بين الشأن الأدبي والوطني. ولطالما كان الشأن الوطني جزءًا من الحركة الثقافية وفي صلبها في تاريخنا الحديث، وهناك شواهد كثيرة على ذلك، تجلت في إنخراط الأدباء والمثقفين في الحركة الوطنية في الخمسينات (علي سيار وعبد الرحمن المعاودة وحسن الجشي وآخرون)، وقد سار أدباء الأسرة منذ الستينات على هذا النهج فإنتظموا في صفوف الحركة الوطنية أو ساندوها.  وكان قدر الأسرة أن تلعب هذا الدور المزدوج الأدبي والوطني، فحمل أعضاؤها كلا الهمّين بامتياز. وكانت أنشطة الأسرة الأدبية والثقافية، تمتد في مساحة واسعة من كيان المجتمع، فبالإضافة الى ندواتها المنتظمة، كان أعضاء الأسرة ينشطون في الصفحات الثقافية في الصحافة، وتولوا مسؤولية الإشراف على الصفحات الثقافية، التي كانت مواد صفحاتها تعتمد على النتاج الأدبي والثقافي لأعضاء الأسرة.  وسيلاحظ الدارسون لأدب تلك المرحلة احتشاده بالهواجس الوطنية والقومية والإنسانية، ذلك أدى الى تفاعل جماهيري عفوي واسع، تجلى في متابعة ما يكتبه أعضاء الأسرة من نتاج أدبي في الصحف، كما تجلى أيضا في الإقبال الكبير على إصدارات أعضاء الأسرة من الدواوين والمجموعات القصصية، التي كان الناس يرون فيها هواجسهم وطموحاتهم ومعاناتهم وأشواقهم.  هكذا سرت دماء الأسرة في جسد المجتمع، فكانت تمد هذا الجسد الفتي بالحياة والحيوية والتجدد والانطلاق الى أهدافه. وكانت إصدارات أعضاء الأسرة تنفذ من الأسواق في سرعة قياسية ملفته. كان ذلك هو الزمن الذهبي للقراءة، التي راحت تنحسر بعد الثمانينات بشكل متصاعد استمر حتى هذه اللحظة.

مشاركة :