صندوق النقد الدولي يضع الاقتصاد التونسي تحت المجهر

  • 1/4/2020
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

اعتبرت أوساط اقتصادية توقف صندوق النقد الدولي عن صرف ما تبقى من شرائح القرض المتفق عليه مع تونس دليلا واضحا على حجم الارتباك الحكومي في تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية بشكل عاجل من أجل إعادة التوازن إلى المؤشرات السلبية المقلقة. وسيكون على الحكومة الجديدة بقيادة حبيب الجملي الذي أعلن عن أعضاء حكومته الخميس الماضي، الإسراع في حل المشكلة لكونها أحد الملفات الحارقة، كما تنتظره عهدة جديدة مزدحمة بالتحديات الاقتصادية ولاسيما الاستجابة لطموحات الشباب الطامح إلى الخروج من حصار البطالة. ومن التحديات التي تنتظر الحكومة هي مسألة الاقتراض لتمويل الموازنة، الذي سيناهز 4.26 مليار دولار بزيادة بنحو 16 بالمئة عن توقعات الموازنة الحالية، وهو ما يزيد تكاليف الاقتراض وانعكاساته السلبية على خدمة الديون. وقرر الصندوق قبل أيام من دخول العام الجديد تعليق صرف مبلغ 1.2 مليار دولار لتونس ضمن الدفعتين السادسة والسابعة من القرض بسبب ما اعتبره “عدم قيام الدولة التونسية بالإصلاحات المطلوبة”. مليار دولار حجم شرائح قرض صندوق النقد المتبقية لتونس من أصل 2.9 مليار دولار وبعد تصريح ممثل الصندوق في تونس جيروم فاشير، بدأ الجدل على أشده بشأن مستقبل اقتصاد البلاد وانعكاسات إيقاف صرف هذا القسط على الوضع المالي. ونسبت وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء للخبير الاقتصادي عزالدين سعيدان تأكيده أن سبب إيقاف صرف القسط الأخير من القرض من قبل الصندوق بمبلغ إجمالي قيمته 2.9 مليار دولار، هو أن تونس لم تقم بما التزمت به هي من إصلاحات اقتصادية كبرى، لأن صندوق النقد لا يفرض إصلاحات بل الدول تتعهد بالقيام بذلك. وأشار سعيدان إلى تعليق زيارات ممثلي الصندوق والمراجعات، مؤكدا أن تونس تأخرت في “مراجعتين” كان من المرتقب أداؤهما لكن لم يتم ذلك إلى جانب تأخر صرف قسطين من المبلغ المسند إلى تونس من قبل هذا الصندوق. وأوضح أن ما حدث يمكن تنزيله خارج سياق عدة مؤشرات أخرى من بينها أن السفير الأوروبي بتونس صرح منذ أسابيع قليلة أن الاتحاد الأوروبي منح تونس ما بين قروض وهبات 10 مليارات يورو منذ 2011 إلى الآن. وتعليقا على ذلك قال سعيدان “لم نرَ انعكاسا لهذه المبالغ المالية على الاقتصاد التونسي، وعلى التونسيين في العمل على إنقاذ بلادهم”. وبعدها بفترة قليلة أكد البنك الدولي أنه تم منح تونس 15 مليار دينار (أكثر من خمسة مليارات دولار تقريبا) على امتداد فترة ما بعد الإطاحة بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي. وقال سعيدان “كل هذه المؤشرات كانت ممهدة للوضع الاقتصادي الذي تعيشه تونس حيث لم نرَ أي استثمارات ملموسة يمكنها أن تساعد على إنقاذ الوضع المتأزم”. ويرى بعض المهتمين بالشأن الاقتصادي أن القرار الصادر عن الصندوق يعد سابقة تاريخية في تونس، ويعكس مدى ارتباك المسؤولين في إدارة الأزمة. وأشاروا إلى أن تونس تعاملت مع الصندوق من خلال البرنامج الهيكلي الذي نفذ سنة 1986 وقامت بتسديد الدين منذ 1990. وأوضح شق آخر من الخبراء أن حكومة يوسف الشاهد قامت بعكس ما تعهدت به ومن بينها الترفيع في حجم الأجور إلى 15.2 بالمئة من الناتج الداخلي الخام. وتمر البلاد بأوضاع اقتصادية صعبة مع إقرار موازنة هذا العام والتي يقدر العجز فيها بأكثر من 3 بالمئة إلى الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك، يعتقد الخبير الاقتصادي عاطف بن صالح أنه ورغم أن قرار صندوق النقد بإيقاف صرف ما تبقى من القرض الممنوح إلى تونس سيدفع البنوك الدولية إلى رفض التعامل مع الدولة التونسية إلا أنه يجب النظر إلى المسألة من جانبها الإيجابي حيث كان يفترض على تونس أن تعول على نفسها وعلى شعبها في تكثيف الإنتاج لسد عجزها. وقال الخبير لوكالة سبوتنيك إن “التونسيين قادرون على الخلق والابتكار وبالتالي تجب تغطية الحاجيات بالضغط على المصاريف وتكثيف الإنتاج”. وأوضح بن صالح أن تونس في حاجة إلى استعادة الثقة في نفسها للخروج من أزمتها الاقتصادية ويجب التعويل على العمل كوسيلة لزيادة الإنتاج. وبحسب وثيقة موازنة هذا العام ستكون فاتورة الأجور 19 مليار دينار (6.74 مليار دولار)، من حجم الموازنة البالغ قيمتها 16.67 مليار دولار. وحاول محافظ البنك المركزي مروان العباسي تسويق تبريرات حول مسار الإصلاحات. وقال لإحدى الإذاعات المحلية إن “تونس تمكنت من إنجاز العديد من الإصلاحات المتفق عليها وأخرى لم تتم بعد”. وأضاف أن “تونس وصندوق النقد الدولي سيشرعان في الفترة القادمة في مناقشة برنامج جديد”، مشيرا إلى أن توقيت الزيارة المرتقبة لبعثة الصندوق إلى تونس ستكون فور موافقة البرلمان على الحكومة الجديدة لمناقشة النقاط الشائكة.

مشاركة :