السلم الاجتماعي السعودي عصيّ على الإرهاب - إبراهيم بن سعد آل مرعي *

  • 5/25/2015
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

المملكة العربية السعودية تتعرض لهجوم لم يسبق له مثيل من خلال استهدافها من قبل المنظمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابي، والذي كانت آخر عملياته يوم الجمعة (22 مايو 2015م) بتفجير مسجد الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه في القديح، بمدينة القطيف، بالمنطقة الشرقية، والذي نتج عنه استشهاد (21) من أبناء الوطن الأبرياء أثناء تأديتهم لصلاة الجمعة. ترمي هذه العمليات لضرب وتفكيك الوحدة الوطنية السعودية والتي أثبتت خلال الأزمات أنها عصية على الإرهاب، ومتماسكة إلى حد أزعج الأعداء وأقض مضاجعهم، كما تهدف هذه العمليات إلى إشغال حكومة المملكة عن الجبهة الخارجية والمتمثلة في عملية إعادة الأمل التي أتت استجابة للرئيس هادي وإنقاذاً للشعب اليمني المكلوم. الدولة الإقليمية المستفيدة من هذه العمليات هي إيران ولم يعد ذلك سراً، فقد أعلن المسؤولون فيها من خلال تصريحات متكررة عداءهم لبلاد الحرمين ودعمهم الصريح لذراعهم العسكرية في اليمن، وكما تحالفت طهران مع المخلوع في اليمن على الجبهة الخارجية، فقد تقاطعت مصالحها مع تنظيم داعش لاستهداف الجبهة الداخلية السعودية، ولم يعد ذلك خافياً على أحد. ولم يجد التنظيم الارهابي والذي يدعي انتماءه للدين الإسلامي إلا بلاد الحرمين، ومهبط الوحي، ومنبع الرسالة المحمدية، لتكون مسرحاً لعملياتهم الإجرامية، فكان جيش الأطفال والخلايا النائمة أداتهم، والتي تحولت إلى نشطة بأوامر من طهران ودمشق والرقة. لم تدخر حكومة خادم الحرمين ممثلة في وزارة الداخلية جهداً في محاربة هذه الآفة والتي ظهرت مع تنظيم القاعدة واستمرت مع تنظيم داعش، فتمكنت من الكشف عن المجرمين ومن يقف خلف هذه العملية في أقل من (24) ساعة، ولكن الملامة والعتب يقعان على الأسرة، والمجتمع، والمواطن والمقيم، فرغم التعاون الملحوظ من قبل المجتمع مع وزارة الداخلية إلا أن هذا التعاون يبقى خجولاً ولا يرتقي لمستوى التحدي وطبيعة المرحلة التي نعيشها، فالمملكة تخوض حرباً ضروسا على الجبهة الداخلية ضد التنظيمات الإرهابية والتي تحركها قوى إقليمية، وجبهة خارجية ممثلة في حربنا العادلة ضد الخونة والمتمردين في اليمن. إن برقية خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه التي وجهها لولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد نايف، والتي وصف بها هذه الجريمة (بالفاجعة) وأكد على محاسبة ليس فقط من يقف وراء هذه الجريمة، بل ومن يتعاطف ويبرر لهذا الفكر المنحرف والمتطرف والذي يحمل في طياته نزعة إجرامية، لهي أكبر دليل على حرص خادم الحرمين على لحمة الوطن، والحفاظ على أمنه واستقراره، ويبقى الدور الرئيسي على عاتقنا كمواطنين ومقيمين وأن نبلغ عن من يروج لهذه الأفكار الإجرامية، أياً كان أخاً، أو ابناً، أو صديقاً، قال تعالى (وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ). إن التنظيمات الإرهابية، استفادت وبخبث من الخلافات السياسية بين الدول، ومن الحرب المذهبية بين الشعوب، ومن الصراع الاستخباري بين الأجهزة الأمنية الدولية، فاستغلتها في تجنيد أنصارها، وفي تمويل عملياتها، وفي تنفيذ جرائمها. إن وجود بيئة حاضنة مثالية لمثل هذا التنظيمات في سورية، والعراق، واليمن، وليبيا ستساعد في استمرارها، وتمددها، وتطور عملياتها، وبالتالي أصبح لزاماً على المجتمع الدولي التعامل مع الإرهاب بشمولية، وإن لم يشرع في ذلك، فستستمر العمليات الإرهابية، وتبقى الأجهزة الأمنية الدولية تتعامل مع هذه الآفة بردود الأفعال، والتي تعتبر أدنى مستوى للعمليات الأمنية. الإستراتيجية الشاملة لمكافحة الإرهاب مطلب ضروري، وتضافر المجتمع الدولي أمر ملح، ولا يمكن القضاء على تنظيم الدولة دون استهداف مقر قيادتهم في الرقة، وإيجاد حل جذري للأزمة السورية. * الخبير الأمني والإستراتيجي

مشاركة :