قامت النقابات العمالية في فرنسا بخطوة تصعيدية جديدة بهدف الضغط على السلطات من خلال إغلاق عدد من المصافي النفطية، الثلاثاء، بهدف إحداث نقص في محطات الوقود بعد أن أخفق الإضراب الذي تنفذه هذه النقابات بقطاع النقل العام والذي استمر شهرا، في إجبار الحكومة على سحب خططها لإصلاح معاشات التقاعد. وقالت نقابة “سي.جي.تي” المتشددة، إن العمال في مصفاتي بور جيروم وفوس التابعتين لإكسون موبيل في فرنسا بدأوا إضرابا مدته أربعة أيام. وأكدت متحدثة باسم إكسون أن مصفاة فوس سور مير البالغة طاقتها 140 ألف برميل يوميا، والتي تشكل عشرة بالمئة من إنتاج التكرير في فرنسا أغلقت، لكنها أضافت أن مصفاة بور جيروم البالغة طاقتها 240 ألف برميل يوميا تعمل بشكل طبيعي. وقال رئيس الوزراء إدوار فيليب إن البلاد ليست عرضة لخطر عجز في الوقود وإن الشرطة ستضمن عدم إغلاق مستودعات النفط. وقال مسؤول بنقابة “سي.جي.تي” لوكالة رويترز إن جميع مصافي فرنسا باستثناء واحدة ستبدأ إضرابا مدته 96 ساعة اعتبارا من الثلاثاء وحتى يوم الجمعة وإن تلك المصافي سيتم غلقها بشكل كامل. وتتعهد النقابات بوقف الإصلاحات التي تأتي في بؤرة برامج الرئيس إيمانويل ماكرون. وتسببت إضرابات ومظاهرات في أنحاء البلاد في إغلاق مدارس وتوقف خدمات للنقل، بينما أدت مظاهرات إلى اشتباكات مع الشرطة. وتخطط النقابات ليوم رابع من التظاهرات في أنحاء البلاد يوم الخميس المقبل. ويأتي هذا التحرك في وقت التقت فيه الحكومة الفرنسية، الثلاثاء، بممثلين عن هذه النقابات وأصحاب العمل في جولة جديدة من المفاوضات في وقت دخل فيه النزاع حول إصلاح أنظمة التقاعد يومه الـ34. وعقد اجتماع أول في وزارة العمل مع رئيس الوزراء إدوار فيليب المصمم على تطبيق الإصلاح الرامي إلى تغيير أنظمة التقاعد الـ42 وتوحيدها. ولدى خروجه من الاجتماع، أعلن رئيس الحكومة أن الشركاء سيجتمعون اعتبارا من الجمعة للبحث في الأوجه المالية للمشروع. رئيس الوزراء إدوار فيليب أكد أن فرنسا ليست معرضة لعجز في الوقود وإن الشرطة ستضمن عدم إغلاق مستودعات النفط وتخطت التعبئة ضد إصلاح أنظمة التقاعد 28 يوما متتالية، وهو عدد قياسي من الأيام سبق أن سجل في 1986 – 1987. والخلاف هو الأطول داخل الشركة الوطنية للسكك الحديدية منذ تأسيسها في 1938. وبحسب استطلاعات الرأي تراجع الدعم للإضراب حسب العديد من الشركات التي تهتم بسبر الآراء بعد أعياد نهاية السنة لكن ما بين 44 بالمئة و60 بالمئة من الفرنسيين لا يزالون متضامنين مع الحراك. وتترجم معارضة المشروع منذ الخامس من ديسمبر في إضراب يؤثر خصوصا على تسيير القطارات في فرنسا ووسائل النقل العام في المنطقة الباريسية، وواجه المستخدمون جراء ذلك مشاكل جمة. وخلال عطلة أعياد السنة تكبدت فرنسا خسائر اقتصادية كبيرة جراء الإضراب الذي شلّ وسائل النقل وكذلك تسبب في غلق العديد من المحلات التجارية وغيرها. ويواجه الرئيس إيمانويل ماكرون أزمة كبيرة قد تعصف بشعبيته لاسيما مع تلقي النقابات دعما كبيرا من أصحاب السترات الصفراء الذين انضموا للحراك ليزيدوه زخما أكبر. ومن المرتقب أن يتوجه رئيس الوزراء إدوار فيليب إلى البرلمان الفرنسي في فبراير المقبل لتمرير خطة الرئيس لإصلاح نظام التقاعد. ويشير القانون الجديد إلى أن سن التقاعد 62 عاماً، ولكن القانون أيضاً يحتوي بنوداً قد تطيل العمل إلى سن الرابعة والستين، على أن يرتبط تمديد سن التقاعد بنظام خاص من التأمين. ونظام التقاعد موضوع شديد الحساسية في فرنسا، حيث لا يزال السكان متمسكين بنظام تقاعد قائم على التوزيع، يعتبر من أكثر الأنظمة التي تؤمّن حماية للعاملين في العالم.
مشاركة :