التحقق من الأخبار الزائفة شرط لاستمرار غرف الأخبار

  • 1/9/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أكد لوران بيغوت، الصحافي والأستاذ المحاضر في علوم الإعلام والاتصال، أن الصحافيين لم يعودوا يحتكرون نقل الأخبار في عصر الاتصال الرقمي وشبكات التواصل الاجتماعي، وباتت مهمتهم الأساسية التحقق من الأخبار، وهي إحدى أبرز وسائل التميز بالنسبة إلى وسائل الإعلام. وقال بيغوت “لم يعد الصحافيون اليوم يحتكرون نقل الأخبار، والوسيلة الوحيدة للتميز غدت هي العمل على التحقق بشكل مسبق ومعمّق” من صحة الأخبار، منوها أن الأمر يتعلق بأسلوب إعلامي جديد مرتبط بتنامي استخدام الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. وأكد الخبير الإعلامي أن عملية التحقق هذه تسمح “بجذب مزيد من القراء وتعزيز الأمل ببيع الأخبار لهم”، مشيرا إلى أن “الفاكت تشيكين” عمل يقوم على التحقق من الأخبار برز في الولايات المتحدة وانتشر في جميع أنحاء العالم عبر “التحقق السياسي من الأخبار”، بحسب ما نقلت وكالة المغرب العربي للأنباء. وأشار بيغوت، الذي يشغل أيضا منصب مدير المدرسة العامة للصحافة في تور الفرنسية، إلى أن التحقق من الأخبار امتد بعد ذلك إلى مجالات أخرى، أهمها التحقق من المعلومات المشكوك في صحتها التي يتم تداولها عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. ونتيجة لذلك، سعت منصات الإنترنت فيسبوك وغوغل وتويتر وغيرها إلى وضع آليات جديدة في محاولة منها “للتحقق من مصداقية العديد من الأخبار الزائفة التي تم تداولها” على شبكة الإنترنت. وحسب الخبير في التحقق من الأخبار الزائفة، فإن “القيمة المضافة الحقيقية للصحافة تكمن هنا بالضبط”، مضيفا أن “هناك التقارير والمقابلات والأجناس الصحافية الكلاسيكية، لكن سيضاف إليها بعد أقوى من التحقق والتدقيق”. وأكد بيغوت أن بعض غرف التحرير تعتبر التحقق من الأخبار مجرد ترف باعتباره يفرض تعبئة موارد بشرية للقيام به، معتبرا أن “الفاكت تشيكين” بات شرطا لبقائها على اعتبار أن غرف الأخبار التي لا تقوم به “سيتعين عليها العثور على قيمة مضافة أخرى” على مستوى أصالة المواضيع والطابع الحصري للأخبار وكذلك على مستوى التحقق. وإذن، فإن عملية التحقق من الأخبار الزائفة تعد، حسب بيغوت، “إحدى الشروط والأنشطة الضرورية لاستمرار” غرف الأخبار. ولمواجهة تدفق الأخبار الزائفة، أو “الفايك نيوز” على شبكات التواصل الاجتماعي، يحث الخبير الصحافيين والمؤسسات الإعلامية على الاضطلاع بعمل مكثف بمهمة توعية وسائل الإعلام. ويتوقع صحافيون وخبراء إعلام استغلال نظام الإعلان الرقمي خلال العام 2020 من أجل نشر المعلومات المضللة أو استهداف الأشخاص لجمع البيانات. ويشددون على مسؤولية الصحافيين بمعرفة كيفية الإعلان عن الأخبار المزيفة، ومن هم الأشخاص الموثوقون الذين تمكن الاستعانة بهم للكشف عنها على مواقع التواصل الاجتماعي لكي تصل إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور. وأوضح الصحافي كريغ سيلفرمان، الذي يعمل على مكافحة التضليل والأخبار المزيفة والمعلومات الخاطئة التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ هناك سوء استغلال لوسائل التواصل الاجتماعي ومنصات البحث الرئيسية في العالم، وأضحى من الصعب اكتشاف كلّ ما يجري نشره في تطبيقات المراسلة من أجل معرفة عدد الأشخاص الذين وصلتهم معلومات خاطئة، وكشف مصدرها. وشارك سيلفرمان في المؤتمر العالمي للصحافة الاستقصائية الذي أقيم في هامبورغ في أواخر سبتمبر 2019، حيث قدم بعض النصائح حول التحقيق في شبكات المعلومات المضللة، وتحدّث عن التحديات التي سيواجهها الصحافيون، إضافةً إلى مخاوفه بشأن المستقبل. وأوضح أنّ غرف الأخبار لا تملك الكثير من المال من أجل الاستعانة بتقنيات تكشف الأخبار المزيّفة. وعلّق سيلفرمان على بحث أعدّه شان روزنبرغ حول نهاية الديمقراطية بسبب الأخبار الوهميّة ووسائل الإعلام الاجتماعية، قائلا إنّه ليس متشائمًا، وأضاف “أعتقد أننا نواجه واحدًا من أكبر اختبارات الديمقراطية، وأشعر أنني كنت ساذجًا عندما أتذكر الربيع العربي حينما كنت أعتقد أنّ وسائل التواصل الاجتماعي ستكون أداة للحصول على الديمقراطية”. وأكد أنّه “يجب التعامل مع هذه الوسائل بجديّة، وقد بدأت الحكومات ومعها الناشطون والإعلاميون لتدارك هذا الأمر”. وأشار بيغوت أيضا إلى هذه النقطة، بالقول إن “مستخدمي الإنترنت هم بشكل مّا ضحايا لشبكات التواصل الاجتماعي، على اعتبار أن المعلومات التي تصل إليهم تتقاطع مع أذواقهم وطريقة تفكيرهم أو مع وسائل الإعلام التي دأبوا على متابعتها”. وحذر بيغوت وهو مؤلف كتاب “التحقق من الأخبار في مواجهة الأخبار الزائفة” الذي صدر في سبتمبر 2019، من كون المشتركين في شبكات التواصل الاجتماعي باتوا، نتيجة لذلك، ينغلقون على طرق محددة للوصول إلى الأخبار تحول بينهم وبين الحصول على معلومات جديدة أو مناقضة. وخلص بيغوت، وهو عضو فريق البحث في الممارسات وموارد المعلومات والوساطات، إلى القول إنه يتعين القيام بعمل صحافي لانتقاء الأخبار وترتيب أولوياتها، وألا يُسمح لمحرك البحث بسيليكون فالي بالولايات المتحدة بأن يعيد ترتيب أولويات “ما اعتدت أن تحب وما اعتدت أن تفكر فيه”.

مشاركة :