يوجه مهرجان البستان العالمي للموسيقى في لبنان في دورته لهذا العام تحية إلى المؤلف الموسيقي الألماني بيتهوفن، خلال الحدث السنوي الذي أصر القائمون عليه على تحدي الأزمة الاقتصادية والسياسية الخانقة التي يرزح تحتها لبنان منذ أشهر. ويحمل برنامج المهرجان الذي يستمر خمسة أسابيع بين شهري فبراير ومارس المقبلين عنوان “لودفيغ” كتحية للموسيقي الكبير لودفيغ فان بيتهوفن، “مثال للصمود والمثابرة”، في الذكرى المئتين والخمسين لولادته. وقالت مؤسسة المهرجان، ميرنا البستاني، في مؤتمر صحافي عقد في فندق البستان في بلدة بيت مري حيث يقام المهرجان، إن هذه النسخة تقام “رغم الظروف الصعبة التي يعيشها لبنان”. واعتبرت نائبة رئيسة المهرجان، لورا لحود، أن الموسيقى تمثل أحد وجوه الأمل في الأزمات، مؤكدة أن “بيروت ستبقى عاصمة التجدد والإبداع”. وترى لحود أن بيتهوفن الذي اختاره المهرجان عنوانا له هذه السنة، “بطل (…) قاوم كل الصعوبات” مشيرة إلى أنه “أفضل مثال للصمود والمثابرة”. وأفاد المدير الفني للمهرجان، جانلوكا مارتشانو، أن السيمفونية التاسعة لبيتهوفن، وهي آخر سيمفونية كاملة له قبل وفاته في العام 1827، تتناول الوحدة والأمل في كلماتها المأخوذة من نشيد الفرح للشاعر الألماني فريدريش شيلر، و”لبنان اليوم كما المنطقة برمتها، بحاجة ماسة إلى الوحدة والأمل”. ولفت مارتشانو إلى أن “الفنانين يحبون لبنان ومهرجان البستان، ويفهمون الوضع ويدعمون سعي المهرجان إلى الاستمرار وتقديم أفضل موسيقى”. ويتضمن برنامج المهرجان الذي يفتتح في 18 فبراير، 15 حفلة موسيقية يحييها عازفون ومغنون عالميون لامعون. وينطلق المهرجان في ليلته الأولى مع السيمفونية الخامسة لبيتهوفن، تعزفها على البيانو الإيطالية غلوريا كامبانير وترافقها الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية بقيادة المدير الفني للمهرجان جانلوكا مارتشانو. ويختتم المهرجان في 22 مارس بالسيمفونية السابعة، وهي الأجمل في نظر مارتشانو، ويؤديها على البيانو الأوكراني فيتالي بيزارينكو بمعاونة كورس الجامعة الأنطونية بقيادة الأب توفيق معتوق وأوركسترا الحجرة الوطنية الأرمنية بقيادة مارتشانو. ويطغى على برنامج المهرجان هذه السنة عازفو البيانو المعروفون، منهم الإيطالي فيليبو غوريني (21 عاما)، الفائز بجائزة مسابقة بيتهوفن تيليكوم في مدينة بون الألمانية عام 2015، وهو سيعزف سيمفونية بيتهوفن الأولى، ترافقه الأوركسترا الفيلهلرمونية الوطنية اللبنانية بقيادة ميشال خيرالله. أما السيمفونية الثالثة فتعزفها على البيانو الإيطالية فانيسا بينيلي موسل، في حين يعزف الأوكراني ألكسندر رومانوفسكي، ترافقه أوركسترا الحجرة الأرمنية بقيادة مارتشانو، السيمفونية الثانية التي كرست شهرة بيتهوفن. وعلى البيانو أيضا، يعزف الإيطالي جوزيبيه غاريرا السيمفونية الرابعة، مع الأوركسترا الأرمنية بقيادة مارتشانو. ومن المحطات اللافتة في البرنامج حفلة تقام في الظلام مع “الرباعي ساكوني”، دعت إليها إدارة المهرجان مؤسسات للصم والبكم، وسيتوافر خلالها مترجم للغة الإشارات. ويسلط الكاتب اللبناني ألكسندر نجار في 26 فبراير، الضوء على حياة بيتهوفن وطفولته وإعاقته، خلال لقاء بعنوان “اعترافات بيتهوفن”، ويرافقه عزفا على البيانو اللبناني عبدالرحمن الباشا، ومعهما الممثل جان فرنسوا بالميه. وتطل السوبرانو من أصل لبناني جويس الخوري والميتزو سوبرانو روكسانا كونستاتينسكو والتينور الماليزي الأسترالي ستيف دافيليزم والباريتون الكندي بريت بوليغاتو، مقدمين “ميسا سوليمنيس” التي قدمها بيتهوفن للمرة الأولى في مدينة سان بطرسبورغ الروسية في العام 1824. وحدّد المهرجان سعرا رمزيا موحدا للبطاقات من كل الأنواع وفي كل الصالات وهو نحو 20 دولارا، “شعورا منه مع اللبنانيين” الذين يعانون أزمة اقتصادية ونقدية ومعيشية. ويعيش لبنان منذ 17 أكتوبر الماضي على وقع حراك شعبي غير مسبوق أدى إلى استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري، إضافة إلى أزمة اقتصادية غير مسبوقة ترافقت مع تراجع كبير في سعر الليرة مقابل الدولار في السوق الموازية.
مشاركة :