أدب الأطفال.. من أين؟ وإلى أين؟

  • 1/11/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كان لأدب الأطفال قبل عقدين وأكثر من الزمن قيمته المنهجية، والأدبية، والتربوية؛ كان ذلك الأدب حاضرًا في الوسط الأكاديمي، والتربوي، والعلمي، وقد تنازعه أهل الأدب والتربية، وانبعث الاهتمام به من حيث الدراسة تحديدًا في بعض الكليات والجامعات، وكان لكليات المعلمين فيما مضى، وبعض الجامعات قصب السبق في الاعتناء بهذا الأدب، من خلال المحاضرات العلمية الجامعية، والمؤلفات، والدراسات إلى أن انكمش هذا الاهتمام في وقتنا الحالي، ولست أدري ما السبب؟! إن إعادة الاهتمام بأدب الأطفال تعني إعادة الاهتمام بالشاعرية، والذائقة، كما تعني الاعتناء بالخيال لدى الأطفال؛ هذا الاهتمام حتمًا سوف يصنع لنا أجيالًا مثقفة قادمة، وربما ينتج لنا أدباء صغارًا، أو فنانين ناشئين، وهذا من البدهي الذي ليس يخفى على المهتمين والباحثين، غير أن هذا الأدب ظل حائرًا بين أهل التربية، وأهل الأدب، فالتربويون راحوا يطبقون عليه دراساتهم، وتصوراتهم، وتجاربهم حتى غاصوا به إلى النظريات التربوية، والأدباء والنقاد صاروا ينتقون نصوصه، ويحللون نماذجه، ويحاولون النزول معه إلى مستوى خفيض من الأدبية، وهكذا فعلوا، إلى أن خف وهج هذا الأدب، وكادت أن تضيع هويته. على أننا حين نريد العودة إلى بعث الاهتمام بأدب الطفل، وإيقاظه من رقدته، لا بد أن نشير إلى قلة تناوله من الناحية النقدية، فكل ما يمكن كشفه من ملامح نقدية لا يكاد يتعدى حدود النص الطفولي، ومدى تقبّل الصغار له؛ لهذا يحسب لملتقى النقد الأدبي الثامن الذي سينظمه نادي الرياض الأدبي قريبًا اختياره لعنوان (أدب الطفل في المملكة العربية السعودية والعالم العربي، مقاربات في المنجز النقدي)، ويبدو لي أن رئيس مجلس إدارة النادي الدكتور صالح المحمود وفريقه المتميز كان واعيًا جدًا بأهمية هذا الأدب وقيمته النقدية؛ لهذا خصصوا له هذا الملتقى. وقد أعجبني ما طرحته (كيمبرلي رينولدز) أستاذ أدب الأطفال في كلية الآداب واللغة واللغويات الإنجليزية بجامعة نيوكاسل من أسئلة مهمة أخذت تلوح في الأفق: ما أدب الأطفال؟ وهل يقتضي هذا الأدب وجود أدب للكبار؟ وإذا كان كذلك فما الفارق بينهما؟ وهل يناسب أدب الطفل الكبار أحيانًا (هاري بوتر – سارقة الكتب – برسبوليس)؟ وهل يتناسب أدب الطفل بالأمس مع أدب الطفل اليوم؟ وكانت الإجابات أعقد من السؤال؛ حيث أشارت إلى أن أدب الطفل واسع، ولا يمكن الإلمام به، ولا يصح تسميته بذلك (أدب الأطفال)، كما أننا لا يصح أن نقول (أدب الكبار). وبهذا انفتح موضوع أدب الأطفال على مصراعيه، بين قلة الاهتمام به، وصعوبة تناوله، واتساع مفهومه، ما يشير إلى أنه لم يعد موضوعًا عامًا، أو عاديًا كما قد يُظن، بل أصبح قضية عالمية شائكة تتطلب مزيدًا من العناية والاهتمام من جوانب مختلفة، ذروة سنامها الأدب والنقد.

مشاركة :