يسعى المصرف المركزي في لبنان إلى تنظيم “إجراءات” مشددة تفرضها المصارف منذ أشهر على العمليات النقدية وحركة الأموال في خضم انهيار اقتصادي متسارع تشهده البلاد، واستمرار للأزمة السياسية. وكانت البنوك التجارية قد فرضت قيودا شديدة على السحب من الودائع ومنعت بعض التحويلات للخارج منذ أكتوبر حين دفعت احتجاجات على الأزمة الاقتصادية في لبنان، تختمر منذ فترة، المشهد إلى ذروته. وتثير تلك القيود المزيد من غضب الشارع الذي شكلت السياسة المصرفية للدولة أحد الأسباب التي دفعته للتحرك ضد السلطة السياسية الحاكمة. وكشف مصدران مصرفيان الأحد عن مذكرة أرسلها حاكم مصرف لبنان لوزير المالية في التاسع من الشهر الحالي، قال فيها إنه “يقتضي تنظيم الإجراءات المتخذة وتوحيدها بين المصارف بغية تطبيقها بشكل عادل ومتساو بين المودعين والعملاء جميعا”. المصارف تحولت خلال الأسابيع الماضية إلى مكان للصراخ ولإشكالات وصلت إلى حدّ الاشتباك بين الزبائن والموظفين وطلب حاكم مصرف لبنان من الوزير “السعي لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة من قبل السلطة ذات الصلاحية لتكليف مصرف لبنان بالصلاحيات الاستثنائية اللازمة لإصدار الأنظمة المتعلقة” بذلك. ولم يصدر أي رد من وزارة المالية حتى الآن. وحاليا، بالكاد يتمكن زبائن غالبية المصارف من سحب مبالغ محدودة لا يصل سقفها إلى ألف دولار شهريا. وكانت قبل مدة قصيرة، فرضت قيودا أيضا على سحب الليرة اللبنانية. وبالإضافة إلى الحد من سحب الأموال داخلياً، تمنع المصارف التحويلات إلى الخارج. ولا يمكن للبناني المقيم في الخارج ويملك حسابات مصرفية في بلده الأم سوى الاستفادة من مبالغ مالية محدودة. وأوضح المحامي علي عباس، الناشط في الحراك الشعبي، أن “القيود المصرفية الحالية أمر واقع لا تستند إلى أي نص قانوني”، مشيرا إلى دعاوى عدةّ تقدم بها العديد من المودعين ضد المصارف لإلزامها تسليم ودائعهم. وقال مدير الأبحاث في بنك بيبلوس نسيب غبريل إن “المصرف المركزي يسعى إلى تعبئة الفراغ الناتج عن غياب إجراءات تشريعية وتنفيذية، وليس فرض إجراءات جديدة”. وأوضح مصدر مصرفي أن “الهدف (…) هو وضع معايير وتوجيهات عامة للعمليات المصرفية على أن تفرض على كافة المصارف”، مشيرا إلى أن من شأن ذلك منح ضوابط على رأس المال رسميا. وتحولت المصارف خلال الأسابيع الماضية إلى مكان للصراخ والدموع ولإشكالات وصلت إلى حدّ الاشتباك بين الزبائن والموظفين. ويشهد لبنان أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 - 1990) وسط نقص حاد في السيولة وارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية، في وقت حذر البنك الدولي من تزايد معدل الفقر (ثلث اللبنانيين) إلى خمسين بالمئة. وفيما لا يزال سعر صرف الدولار محدداً رسمياً بـ1507 ليرات لبنانية، فإن السعر تخطى في السوق الموازية الـ2400. وبموازاة ذلك، تشهد البلاد منذ 17 أكتوبر احتجاجات اتخذت أشكالا مختلفة ضد الطبقة السياسية كاملة التي يتهمها المتظاهرون بالفساد ويحملونها مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي. المصارف تمنع التحويلات إلى الخارج. ولا يمكن للبناني المقيم في الخارج ويملك حسابات مصرفية في بلده الأم سوى الاستفادة من مبالغ مالية محدودة وبعد أكثر من ثلاثة أسابيع على تكليفه بتشكيل حكومة جديدة، لم يتمكن الأستاذ الجامعي حسان دياب من تحقيق هذا الهدف، في ظل حديث عن ضغوط متزايدة يتعرض لها من قبل رئاسة الجمهورية ومن خلفها التيار الوطني الحر وبتغطية من الثنائية الشيعية (حزب الله وحركة أمل) تطالبه بتشكيل حكومة تكنوسياسية. ويصر دياب على نيته تشكيل حكومة اختصاصيين ومستقلين مصغرة وتحدث دياب الجمعة عن “ضغوط” قال إنها “لن تغير من قناعاتي وأنني لن أرضخ للتهويل”. واستفزت تصريحات دياب على ما يبدو رئاسة الجمهورية التي سارعت إلى الرد عبر بيان لوزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي، قال فيه “إن رئيس الجمهورية ليس ساعي بريد أو صندوق اقتراع في عملية التكليف والتسمية وليس مجرد موثق بتوقيعه لوثيقة تأليف الحكومات”. وشدد “كفانا حرب صلاحيات ومهاترات وبكائيات ونصرة مزعومة لمواقع في الدولة هي من أحجار الزاوية في النظام الدستوري اللبناني وليست قطعا مكسر عصا”. ولا يستبعد محللون أن يتم إفشال جهود دياب في تشكيل حكومة تكنوقراط وبالتالي العودة إلى المربع الأول والبحث عن شخصية جديدة في الوقت الذي لا تتحمل البلاد المزيد من المماطلة. وسبق وأن وجهت الأمم المتحدة انتقادات للزعماء السياسيين في لبنان، معتبرة أن “عدم وجود حكومة عمل غير مسؤول”.
مشاركة :