جاسم الخرافي ... فقدناك قلباً وروحاً | مقالات

  • 5/27/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره تلقينا ببالغ الحزن والألم والأسى خبر وفاة العم والأخ العزيز جاسم محمد الخرافي رئيس مجلس الأمة الأسبق، والذي بفقده فقدت الكويت وشعبها أحد أبرز رجالات الدولة المخلصين الذين ساهموا في إثراء العمل السياسي والاقتصادي في الكويت، فأفنى عمره خدمةً للوطن والمواطنين، وللفقيد العزيز مآثر ومناقب عالية لا تغيب عن أذهاننا، فمن منا لا يتذكر خدماته الجليلة التي قدمها للوطن الغالي عبر مسيرة حافلة بالعطاء اللا محدود والتضحية من خلال تقلده مختلف المناصب الرفيعة، وفي مقدمتها توليه لرئاسة مجلس الأمة في فصول تشريعية عدة وتحديداً في الفصل التشريعي التاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر. وفي الفصل التشريعي الثالث عشر نال الفقيد الخرافي رئاسة المجلس «بالتزكية» نظراً لما يتمتع به المرحوم من ثقة وحكمة عالية ورزانة العقل ورصيد من العلاقات الطيبة مع جميع أعضاء مجلس الأمة، وفي عام 1985 أسندت إليه حقيبة وزارة المالية في التشكيل الحكومي الذي استمر منذ عام 1985 حتى 1990، وذلك لحنكته وخبرته الطويلة في عالم المال والاقتصاد، ودوره الكبير في معالجة مشاكل الاقتصاد الكويتي منذ أن كان عضواً ورئيساً للجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس 81، هذا وقد ساهم الفقيد جاسم الخرافي في تقريب وجهات النظر بين السلطتين منذ أن كان رئيساً لمجلس الأمة على مدى أعوام عديدة رغم الصعوبات والمشكلات الدائرة بين الطرفين وفي ظل أصعب الظروف السياسية التي خيّمت على البلاد، والأصعب من ذلك تحمّله أزمات حل المجالس النيابية المتعاقبة وتحمله رياح قوى المعارضة في المجلس، ورغم ذلك ظل الفقيد الخرافي صامداً قوياً في وجه الأعداء، فلم يتأثر بالإشاعات والأقاويل الفارغة التي طالت حتى سمعته الطيبة، فقد كان يقابلها بابتسامته المعهودة وبصبر جميل لا يتحمله أحد، وكأنه يقول للأعداء «أنا الأقوى» لأنه كان محتسباً ومؤمناً بإرادة الله سبحانه. ومن أقواله الحكيمة: «مَن بيته من زجاج لا يقذف الناس بالحجر»، وأيضاً «اللي في قلبه صلاة ما تفوته»، وكلها أمثال شعبية تدل على مدى صبره ورزانة عقله وحكمته، إذ يتميّز الفقيد رحمة الله عليه بحسن الخلق وخفة الدم التي تصاحبها ابتسامته الصادقة فالابتسامة لا تفارق محياه، وبحسن التعامل والتواضع مع الآخرين، فأداؤه كان راقياً لأنه يتسم بالصراحة والحيادية بالطرح، وقد رأينا كيف لهذا الرجل المخلص قلب كبير ومعدن أصيل حينما تجاوز المحن وعفا عمن أساء إليه ونال من سمعته، وهذا ليس غريباً بشخص بو عبدالمحسن الذي كان بمثابة مدرسة سياسية واقتصادية تجتمع فيها الأخلاق الحميدة والقيم وروح التسامح وقوة الصبر على البلاء... نعم أقولها بكل فخر لقد كنت يا جاسم الخرافي رمزاً شامخاً واسماً عالياً في سماء الكويت، وإنساناً راقياً فيك جميع الخصال الطيبة، فمازلت أتذكر كلامك الطيب والعلاقة الأخوية بيننا التي تتخللها نصائحك السديدة ومزاحك الدائم، فكيف أنساها وأنت كنت بمكانة الأب والعم والأخ والصديق الوفي رغم مشاغلك الكثيرة ومسؤولياتك الكبيرة... نعم لقد فقدناك رجلاً وفياً وأصيلاً، طيب القلب والمعشر، ورحيلك عنا خسارة كبيرة ليست للكويت ولأهلها الطيبين فقط بل للأمة العربية والإسلامية كلها. وفي هذا المصاب الجلل علينا أن نعزي أنفسنا أولاً، ولأسرة الفقيد ثانياً بفقدان هامة من هامات الكويت وشخصية وطنية صادقة، كانت له بصمات واضحة في رفعة سمعة الكويت عالياً. رحمك الله يا أبا عبدالمحسن فاسمك سيظل محفوراً في قلوبنا ولن نوفيك حقك. نسأل الله العلي العظيم أن يغفر للفقيد ويتغمده بواسع رحمته وأن يلهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان. «إنا لله وإنا إليه راجعون» alfairouz61alrai@gmail.com

مشاركة :