بيروت - الوكالات: عاد المتظاهرون مجددًا إلى الشوارع امس في بيروت وعدد من المناطق اللبنانية احتجاجًا على تعثّر تشكيل حكومة وازدياد حدّة الأزمة الاقتصادية والمالية، بعد ثلاثة أشهر من انطلاق تظاهرات غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية. ونظم متظاهرون بعد الظهر في بيروت مسيرة باتجاه منزل رئيس الحكومة المكلف حسان دياب الذي لم يتمكن، بعد نحو شهر على تكليفه، من تشكيل حكومة اختصاصيين، وفق ما تعهّده. وتحت شعار «أسبوع الغضب»، عمد المتظاهرون إلى قطع طرق رئيسية في بيروت ومحيطها وفي عدد من المناطق بالإطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات، كما أفاد مصورو وكالة فرانس برس. وتداول ناشطون دعوات لتنظيم مسيرات ومشاركة طلاب الجامعات والمدارس وقطع الطرق. وقالت المتظاهرة ليلى يوسف (47 عامًا) في محلة فرن الشباك قرب بيروت، بينما كان شبان يقطعون الطريق «سنعاود قطع الطرق لأننا لم نعد نقوى على التحمّل أكثر». وأضافت «ما نجنيه (من المال) لا يكفينا لشراء حاجات المنزل» في خضم أسوأ أزمة اقتصادية في البلاد. وخسر عشرات آلاف اللبنانيين وظائفهم أو جزءًا من رواتبهم خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. ويشكو اللبنانيون من تقلص قدرتهم الشرائية مقابل ارتفاع الأسعار وعجزهم عن تسديد التزاماتهم المالية. وتقترب الليرة اللبنانية من خسارة نحو نصف قيمتها عمليًا. ففيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتًا على 1507 ليرات مقابل الدولار، لامس الدولار عتبة 2500 ليرة في السوق الموازية. وتفرض المصارف قيودًا مشددة على عمليات السحب بالدولار، وتشهد فروعها بشكل شبه يومي إشكالات يثيرها زبائن يريدون الحصول على أموالهم. وقال متظاهر غاضب (75 عامًا) في محلة جل الديب شمال بيروت عرّف عن نفسه باسم «ثورة» لفرانس برس «لم يجد الزعماء ما يسرقونه، ولكي يُذلوا الشعب اللبناني شكلوا مافيا مع المصارف»، متسائلاً «هل يُعقل أن يرتفع الدولار بين ليلة وضحاها من 1500 إلى 2500 ليرة؟». ومنذ 17 أكتوبر، خرج عشرات الآلاف من اللبنانيين إلى الشوارع والساحات وقطعوا الطرق احتجاجًا على أداء الطبقة السياسية التي يتهمها المتظاهرون بالفساد ويحملونها مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي وعجزها عن تأهيل المرافق وتحسين الخدمات العامة الأساسية. وتسببت هذه الاحتجاجات باستقالة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، ومن ثم تكليف دياب تشكيل حكومة إنقاذية في 19 ديسمبر. وتراجعت مذاك وتيرة التظاهرات لتقتصر على تحركات تجاه المصارف أو تجمعات ونشاطات رمزية، في ما بدا افساحًا في المجال أمام دياب لتشكيل حكومة جديدة. وأقر رئيس الجمهورية ميشال عون امس، في كلمة ألقاها خلال استقباله أعضاء السلك الدبلوماسي في لبنان، بأن «بعض العراقيل حالت دون» ولادة الحكومة التي يجب أن يكون لديها «برنامج محدد وسريع للتعامل مع الأزمة الاقتصادية والمالية الضاغطة، ومجابهة التحديات الكبيرة التي تواجه لبنان وكل المنطقة». وأعلنت قوى سياسية عدة عدم نيتها المشاركة في الحكومة على رأسها «تيار المستقبل» بزعامة الحريري الذي استقال في نهاية أكتوبر على وقع غضب الشارع. وتأمل القوى السياسية أن يفتح تشكيل الحكومة الباب أمام تقديم المجتمع الدولي مساعدات ملحة يحتاج اليها لبنان لتفادي انهيار اقتصادي أكبر، بينما يعيش ثلث سكانه تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة، ويشهد أزمة سيولة حادة وارتفاعًا في أسعار المواد الرئيسية.
مشاركة :