اتسعت مخاوف اللبنانيين من أن يؤدي استمرار تعثر تشكيل الحكومة إلى تفاقم مخاطر الانهيار المالي الذي يهدد الدولة منذ سنوات في وقت لا يجد فيه المحللون سوى ضوء خافت في نهاية نفق طويل من الأزمات بسبب خلافات النخبة السياسية بيروت - تصاعد قلق الأوساط الاقتصادية والشعبية من انحدار لبنان في دوامة متفاقمة من الأزمات الاقتصادية واستمرار شلل مؤسسات الدولة بسبب عجز رئيس الوزراء سعد الحريري عن إتمام مهمة تشكيل الحكومة بعد 3 أشهر على تكليفه بذلك. ولم تتمكن القوى السياسية من إحداث أي اختراق في الملف المستعصي، الذي يعرقل حصول لبنان على منح وقروض بمليارات الدولارات تعهد بها المجتمع الدولي دعماً لاقتصاده المتهالك، كما يثير مخاوف من تدهور أكبر قد ينعكس أيضاً على العملة المحلية. ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية لمستشار الحريري، نديم المنلا، قوله إن “السبب الأول لتأخر تشكيل الحكومة يعود إلى اختلاف الأطراف السياسية في تقاسم الحقائب الوزارية”. وفي لبنان ذي الموارد المحدودة، لا يمكن تشكيل الحكومة دون توافق القوى السياسية الكبرى، حيث يقوم النظام السياسي على أساس تقاسم الحصص والمناصب بين الطوائف والمجموعات السياسية. ولطالما كان تشكيل الحكومة مهمة صعبة، ففي العام 2009 احتاج الحريري إلى خمسة أشهر لتأليف حكومته مقابل عشرة أشهر لرئيس الوزراء السابق تمام سلام بين العامين 2013 و2014. آلان عون: لبنان يمر بمرحلة أخطر من السابق، فنحن أمام حالة طوارئ اقتصادية آلان عون: لبنان يمر بمرحلة أخطر من السابق، فنحن أمام حالة طوارئ اقتصادية ويرى النائب آلان عون عن التيار الوطني الحر، أن لبنان يمر اليوم بمرحلة أخطر من السابق، ويقول “نحن أمام حالة طوارئ اقتصادية”. ويعتبر رئيس قسم الأبحاث في بنك عوده، مروان بركات، أن من شأن التأخر في تشكيل الحكومة أن ينعكس سلبا على الاستثمارات وبالنتيجة على النمو الاقتصادي. ويتحدث بركات عن تدهور سبعة مؤشرات اقتصادية من أصل 11 في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، بينها الجمود في القطاع العقاري حيث تراجعت تراخيص البناء بنحو 20 بالمئة. كما تراجعت كذلك قيمة الشيكات المتداولة، التي تدل على مستوى الاستهلاك والاستثمار، بنحو 13 بالمئة في نفس الفترة، وفق مصرف لبنان المركزي. وإلى جانب ذلك كله، تزداد الخشية من انحدار الليرة اللبنانية مقابل الدولار أكثر، بعدما دفع تراجعها المصارف إلى زيادة الفوائد على الليرة ووصل الأمر ببعضها إلى تحديدها بنسبة 15 بالمئة. ومن شأن الأزمة الاقتصادية، التي حذر منها الحريري أيضاً، أن تعيق تنفيذ مشاريع استثمارية كبرى يفترض تنفيذها بعد تعهد المجتمع الدولي في أبريل الماضي بمبلغ يفوق 11 مليار دولار على هامش مؤتمر “سيدر” لدعم الاقتصاد اللبناني. ولا يمكن للبنان الحصول على القروض والمساعدات التي تعهد بها المجتمع الدولي طالما الحكومة لم تشكل بعد. وربطت معظم الجهات الدولية والمانحة مساعداتها بتحقيق لبنان سلسلة إصلاحات بنيوية واقتصادية وتحسين معدل النمو الذي سجل واحدا بالمئة خلال السنوات الثلاث الماضية مقابل 9.1 بالمئة في السنوات الثلاث التي سبقت اندلاع النزاع في سوريا. وبلغ الدين العام في لبنان 82.5 مليار دولار، أي ما يُعادل نسبة 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. ويحتل لبنان بذلك المرتبة الثالثة على لائحة البلدان الأكثر مديونية في العالم. مروان بركات: التأخر في تشكيل الحكومة يؤثر سلبا على الاستثمارات وبالتالي على النمو مروان بركات: التأخر في تشكيل الحكومة يؤثر سلبا على الاستثمارات وبالتالي على النمو وحذر البنك الدولي، الذي قدم للبنان أكثر من 4 مليارات دولار في مؤتمر سيدر، من دقة وضع الاقتصاد اللبناني خصوصا في ظل وجود قروض “عالقة” في أدراج مجلس الوزراء أو البرلمان بانتظار تحويلها إلى استثمارات فعلية. وقال المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في يونيو الماضي، إن لبنان يحتاج إلى اتخاذ إجراءات “فورية وكبيرة” لضبط الاختلالات المالية وتحسين قدرة الحكومة على خدمة الدين العام الذي ينمو بسرعة خطيرة. ورغم المؤشرات الاقتصادية السلبية، يؤكد مسؤولون أنه سيكون بمقدور لبنان الحصول على مخصصات مؤتمر سيدر، الذي رعته فرنسا. وسيعقد بداية هذا الشهر لقاء بين مسؤولين حكوميين وممثل فرنسا، بيار دوسكين، لوضع “آلية متابعة” للمؤتمر، وفق المنلا الذي اعتبر أن “شهرا أو شهرين إضافيين لن يؤثرا على خطة طويلة الأمد تستمر لعشر سنوات”. ويشهد لبنان منذ العام 2005 أزمات سياسية متلاحقة زاد النزاع السوري في العام 2011 من تعقيداتها. وبعد أكثر من عامين ونصف العام من الفراغ في سدة الرئاسة، جرى التوصل في 2016 إلى تسوية أتت بعون رئيساً للبلاد وبالحريري رئيساً للحكومة. وتضرر الاقتصاد اللبناني كثيرا بفعل الحرب الدائرة في سوريا. وتراجعت معدلات النمو السنوي إلى ما بين واحد واثنين بالمئة مما بين ثمانية وعشرة بالمئة في السنوات الأربع قبل الحرب. ومن أبرز الأمور العالقة، حاليا، انقسام القوى السياسية بشأن العلاقات مع دمشق بالتزامن مع مساعي تسريع عودة نحو 1.5 مليون لاجئ سوري يثقلون كاهل الاقتصاد الهش أصلا، فضلاً عن تحول البلد تدريجياً إلى مركز أساسي للشركات الساعية للدخول إلى سوريا للمشاركة في إعادة الإعمار.
مشاركة :