كما قيل «لكل مجلس لبوس، ولكل مقام مقال»، فإن لكل وظيفة كفاءة من تُسند إليه، لا هيئته، ولا معرفته، بل لا وثيقة تعليمه.. هذه القاعدة لم تُنقَّ بعد من شوائب معايير: «المعرفة» باختلاف أنواعها، ولا المصلحة بتعدد «قنواتها».. تظل في المجتمع العربي العاطفة تغلب المنطق، والمصلحة ليست بالدرجة الأولى للوظيفة، بل لمن يتقلدها.. وإلا لما خرج الباحث المميز، والأكاديمي ذو الخبرة، والطبيب ذو المهارة، والإداري المحنك من مختبراتهم، ومكتباتهم، وقاعات تدريسهم، وميدان بنائهم، وعيادات تطبيبهم؛ لينخرطوا في أعمال مكتبية، ومسؤوليات إدارية، ومنصات لا خبرة لهم فيها، ولا مهارة تمكِّنهم من الوفاء بمتطلبات واجباتها.. وإلا لما أسندت ريشة رسام لكفِّ فران، ومنجل مزارع ليد جراح، ومقود سفينة لمن لا يحسن العوم.. وإلا لما عاث غير الخبيرين في ميدان معرفة، وغير العارفين بنتائج حصاد.. إن فوَّهة النجاح ليكون محلقا أن يوضع لكل وظيفة مَن يمهر في خبراتها، ويلم بتفاصيلها، ويعرف بل يعلم ما تحتاج إليه من إجراءات، وما تصل إليه من مكتسبات، وفق معايير لا تمس.. وإن مهارة تُكتسب في ميدانٍ لتوازي بأدائها، ونتائجه الموجبَة ورقةً مزخرفة بالدرجات، بل تفوقها في الخبرات، تختصر الوقت، وتبدد التسويف، وتنهض بالخطط، وتبلغ الهدف.. فكم فشلت ثقة في اختيار حين جاءت نتائجه عائمة غائمة، مهدرة للوقت، ضئيلة في المحصلة، رخوة في العماد؛ لأن المعايير التي يتم بها إنزال الأفراد في مواقع أعمالهم ينبغي أن يضبطها قانون الجدارة، وفق معايير الكفاءة، والمهارة، والخبرة الميدانية في المجال قبل شهادة التعليم، ودون أبجديات العاطفة، من المعرفة الشخصية، والوصايا الإخوانية، و.. و.. فهذه قواعد لا تُنقض، وأسس لا تُنفَض!!..
مشاركة :