رأس المال الجريء ودوره في تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة (1-3)

  • 1/20/2020
  • 01:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

أكدت العديد من المداخلات في المؤتمر الثامن عشر لاتحاد غرف التجارة والصناعة العربية الذي عقد بمملكة البحرين بتاريخ 11-13/نوفمبر/2019 على اهمية تفعيل دور رأس المال الجريء (Capital Venture) لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ولتحويل الافكار الابداعية إلى مشروعات تنموية واعدة،، وفي اطار بحثي عن الادبيات الفكرية المتعلقة بالموضوع، لغرض تقديم عرض عن مناقشات ومداخلات المشاركين في ذلك المؤتمر، وجدت اطروحة دكتوراه في الاقتصاد بعنوان «التمويل برأس المال الجريء وآثاره الاقتصادية من خلال المشروعات الصغيرة والمتوسطة -دراسة تأصيلية تطبيقية» تقدم بها الباحث عمر بن صالح المحيسن إلى قسم الاقتصاد الإسلامي بكلية الشريعة-الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وبأشراف الاستاذ الدكتور رمضان محمد الروبي وقد اجيزت بتقدير امتياز عام 2018م. ولأهمية موضوع هذه الاطروحة حيث قرن الباحث دراسته بالتطبيق على مجموعة راز القابضة بالمملكة العربية السعودية للفترة 2008 – 2017م، خاصة ان الدراسات العلمية التي تناولت هذا الموضوع من الناحية التطبيقية تعد نادرة على صعيد دول مجلس التعاون الخليجي، لذا استأذنت الباحث بتقديم عرض مكثف لها عسى أن تثير أصحاب المال ليسهموا في تمويل المشروعات والافكار الابداعية التي لا يملك أصحابها الضمانات الكافية التي تطلبها المؤسسات التمويلية من بنوك وغيرها. تضمنت الاطروحة تمهيدا وسبعة فصول. احتوى التمهيد على التعاريف العامة للمصطلحات الواردة في الرسالة، وجاء الفصل الأول تحت عنوان: واقع التمويل برأس المال الجريء في المملكة العربية السعودية، بينما جاء الفصل الثاني بعنوان الملامح الرئيسية للتمويل برأس المال الجريء، والفصل الثالث ركز على الاثار الاقتصادية لاستخدام رأس المال الجريء في تمويل المشروعات، بينما حلل الفصل الرابع الدور الاقتصادي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتناول الفصل الخامس تجربة مجموعة راز السعودية القابضة في التمويل برأس المال الجريء، فيما تعرض الباحث في الفصل السادس لنماذج من المشروعات التي مولتها مجموعة راز القابضة، وتم في الفصل السابع تصنيف شركات مجموعة راز القابضة، بالإضافة إلى المقدمة والخاتمة. في المقدمة تحدث الباحث عن منهجية وخطة دراسته والدراسات السابقة المتعلقة بالموضوع، فيما تناول في التمهيد عددا من التعريفات النظرية والتطبيقية لرأس المال الجريء والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فقد عرف رأس المال الجريء بأنه أحد أشكال التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في أول مراحل انشائها، بخاصة التي تتميز بامتلاكها فرصة نجاح ونمو عالية، وبنفس الوقت يتسم الاستثمار بها بمخاطرة عالية، وعرف المستثمر في رأس المال الجريء بأنه شخص أو شركة أو صندوق استثماري يستثمر في المشروعات الريادية التي يسعى أصحابها للحصول على مساعدات إدارية وفنية بالإضافة إلى التمويل الذي يفتقرون إليه. ومن هنا يظهر أن دور المستثمرين في رأس المال الجريء هو دعم المبادرين وتمكينهم من تحويل افكارهم الابداعية إلى مشروعات ناجحة، ولذا يقوم رأس المـال الجـريء بدور مهم في دعم المشروعـات الصغيرة والمتوسطة، ولا سيما أنها تمثـل مشروعــات واعدة تحمل في طيـاتهـا أفكارا رياديـة ومبتكـرة، وخلص إلى ان فلسفة التمويل برأس المال الجريء تتمثــل في قيـام شركات كبيـرة، ذات خبرة في هذا المجال غالبا، بتمويـل المشروعات الصغيــرة والمتوسطة، ولا يقـــف دورها عنـد هـذا الحـد، بل وتشـارك في إدارتـها وإعــداد الدراسات الاقتصاديـة الـخـاصة بها، مما يضفي على هذه المشروعات مقدرة إنتاجية كبيرة، وقدرة تنافسية تؤهلها للدخول إلى السوق والاستمرار في العمل بنجاح لسنوات طويلة، ومما يؤكد ذلك الانتقائية الشديدة والصارمة لمثل هذه المشروعات من الشركات الممولة لها. ويتميز رأس المال الجريء ايضا بعدم مطالبـة أصحاب المشروعات الممولة بتقديم ضمانات أو رهونات كمـا يحدث في مصادر التمويـل التقليـدي، وغالبـا ما تركز شركـات رأس المـال الجريء على المشروعـــات الريادية المبتكرة ذات المخاطـــرة العاليــة، فلذلك سميت الفكــرة بـرأس المال الجريء أو رأس المال المخاطر.وقد اوضح الباحث ان فكرة رأس المال الجريء ليست جديدة وتعود إلى العصور القديمة، كما عرفها العرب قبل الإسلام، ومارسوها بعد الإسلام ايضا باعتبارها نمطا من انماط المشاركة. وفي العصر الراهن تم تطبيق الفكرة عام 1946 في الولايات المتحدة الأمريكية حيث اسس جورج دوريوت المؤسسة الأمريكية للبحث والتنمية، وهو عبارة عن صندوق للتمويل الخاص للمشروعات الاستثمارية الواعدة، ومع التطورات الاقتصادية والمالية العالمية تنامى حجم وعدد مشروعات رأس المال الجريء على المستوى العالمي ليصل إلى نحو 200 تريليون دولار في عام 2017، إلا ان الولايات المتحدة الأمريكية ظلت الاكبر حجما منها، حيث تستحوذ على نسبة تزيد على 40% من اجمالي رأس المال الجريء في العالم. وعلى مستوى دول مجلس التعاون الخليجي تأسس أول بنك يمارس عمليات التمويل برأس المال الجريء عام 2005 بمملكة البحرين (بنك فينشر كابيتال)، ويمارس البنك عمله بموجب ترخيص صادر عن مصرف البحرين المركزي (كمصرف استثماري)، وبرأسمال مصرح به قدره خمسمائة مليون دولار أمريكي، وفي المملكة العربية السعودية كانت شركة فينشر كابيتال الاستثمارية السعودية أول شركة تقوم بالتمويل بنظام رأس المال الجريء (برأس مال قدره مائة مليون دولار أمريكي)، وكان ذلك في عام 2007م، وللموضوع بقية في مقالات لاحقة بعون الله وتوفيقه. ‭{‬ أكاديمي وخبير اقتصادي.

مشاركة :