كلُّ (خبر) له أكثر من وجه لصياغته عبر مُختلف وسائل الإعلام، تبعاً للأجندة والقوة والعمق، إلاَّ أنَّ (قيمة) الخبر و(تأثيره) تفرضان موقعه ومساحته على خارطة انتشار الأخبار الأكثر مُشاهدة وتداولاً -مهما كان عنوانه وبأي صيغة أو لون حبر كُتب- وهو مالا ينطبق بالضرورة على المدرسة الجديدة في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث لا قواعد ولا قوالب علمية مُحدَّدة يُمكن الركون إليها. المسألة تحكمها عناصر وعوامل مُتغيرة ومُتجدِّدة في مقدمتها عدد المُتابعين، وأن يكون الخبر مُثيراً، خفيفاً، سريعاً، قصيراً، لغته جاذبة، ويتحدث من خارج القصة ولا يبحر في تفاصيلها، مع عدم إغفال تقديم معلومات مُحدَّدة من الداخل بعين (الرقيب)، وملاحظة عدم الغرق في التكرار أو السرد أو الطول، الخبر هنا أشبه بالرواية (الصفراء) أو الفضيحة التي يمكن تداولها و نقلها بسرعة -كسبق- أو انفراد، فالناس شغفون بمعرفة الأسرار وتداول الفضائح والغرائب لأسباب عددية يمكن الحديث عنها مع المُختصين النفسانيين وعلماء التغير الاجتماعي، فقد ظهر لدينا جيل جديد من (المُتمصدرين) أو من يتسابقون لنشر أول الأخبار وأسرعها، دون أي اهتمام بالمصداقية أو أثر النشر لاحقاً، الفكرة تُشبه إلى (حدّ ما) أحاديث المجالس المُغلقة التي تُروى بصوت مُنخفض قديماً، من شخص يعتقد أهل الحي أو المنزل أنَّه (يجيب العلم) بنقله الأخبار المهمة إمَّا بسبب وظيفته أو مكانته، ويتلذَّذون بسماع أجرأ الأخبار التي لم يتعودوا على سماعها، وينصتون لأغربها من لسانه، ليكسب قيمة أكثر في مجتمعه، خصوصاً إذا روي الخبر الكاذب بعفوية وتلقائية وبعد عن المسؤولية، تبعاً للقاعدة الشعبية الشهيرة (أنا لَله أبرا)، وأسند الأمر إلى (وكالة يقولون) البائدة. صياغة الأخبار والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي غير بعيدة عن هذا المشهد، وإن كانت اليوم فناً مستقلاً بذاته بدأ يبرز مع تطور وازدهار وسائل الحقبة الثالثة للثورة التقنية، خصوصاً مع اعتماد تلك المنصات (كمصادر خبرية) من وسائل الإعلام التقليدية نفسها، ولربّما أزاحت وسائل التواصل الاجتماعي بعض المؤسسات الإعلامية والصحفية وتسبَّبت في إفلاسها وإغلاقها -فكما ذكرت أعلاه- لا قواعد ولا قوالب علمية مُحدَّدة حتى الآن يُمكن الركون إليها بشكل قاطع.. الباحثون والمتخصصون في كليات الإعلام ما زالوا يبحثون في المزيد من القواعد والنظريات الخاصة بما يحدث في هذه المنصات لناحية سرعة انتشار الأخبار وتأثيرها، إضافة للمُستقبل المليء بالعديد من المفاجآت والمتغيرات. غداً نتحدث -إن كنَّا من أهل الدنيا- عن دور المؤسسات الصحفية العريقة، ونفصِّل في اللغة الرشيقة والعصرية التي بدت تظهر على حساب (صحيفة الجزيرة) على تويتر، ودلالات تبسيط لغته.. والاعتماد على القصة الخبرية فيه.. وصياغته التشويقية. وعلى دروب الخير نلتقي،،،
مشاركة :