غاندي ومسيرة الملح - مهـا محمد الشريف

  • 5/28/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

إن إرجاء مفاوضات السلام إنما هو تأويل لا يكون إلا في الزمن الحاضر، وتكون مفاهيمه زمنية غير مكتملة ويعني أن السلام قيد التفاوض والحديث عنه طور التحقيق، والمعارك في منطقة الشرق الأوسط تستعر، فهل تأجيل المفاوضات دلالة على زمن معين، أم أنه يعبر عن تحقيق الصيرورة؟ ويعمل لإضعاف الأنظمة التي تحارب الشرعية لكي تتم السيطرة عليهم، فعلى سبيل المثال تقسيم سورية حسب مصدر سياسي مقرب من النظام قال: إن تقسيم سورية ربما أصبح أمراً واقعاً وهناك نسب متفاوتة تقلصت تدريجياً فالمناطق التي يسيطر عليها النظام الحاكم بين 50% إلى 60% وتسيطر داعش على 20% والنصرة والمعارضة من 20% إلى 25% والأكراد تسيطر على 10% من أرض سورية، وسوف نرى ما تؤول إليه الأحداث، إذا تأجلت مفاوضات السلام في كل جهة تستعر حرباً وعنفاً. يقول فولتير: "للأسف يبدو أن السياسة والحرب هما المهمتان الأقرب إلى طبيعة الإنسان، فإما التفاوض وإما التحارب". بينما يعول معظم السياسيين في العالم على أن من فنون السياسة تدبير حياة المجتمع المدني وإدارة القوة العسكرية بانضباط شديد، وبالتأكيد هي ليست مجرد مسألة تقنية تربط بين الوسائل والغايات، بقدر ما تسعى إلى تحقيق عدالة اجتماعية تسجل أعلى مستوى من التوافق بين الفرد وغاياته، فالسياسة في مجملها تسعى للإبقاء على الدول ومحاولة ازدهارها اقتصادياً واجتماعياً في مفهومها الحقيقي وتعريفها. فعندما تشتد الظروف وترتفع أعداد الضحايا، يترتب على المحارب المعتدي خلع سترة الحرب ولبس اللون الأبيض بحثاً عن السلام وإبقاء على حياة الإنسان، فإذا كنت لا تستطيع وقف الحرب فتحرر من مأزق الغضب والعنف وابحث عن دوافع السلام والتفاوض، كن المهاتما غاندي بطل المقاومة السلمية الذي قاد مسيرة الملح إلى معاهدة تحفظ حقوقهم من السلطات البريطانية، وألبس شخصه وفكر بفكره، وسيتحقق الأمر في النهاية، وعليك أن تكون أنت التغيير الذي تريده للعالم كما قال هذا القائد الأسطورة. وأيضاً هناك ما يبرر دوافع الحرب ودواعي السلام، ويظهر أكثر من سبب لافتراض وجود تضاد وتعاكس ما بين اثنين في هذا العالم بشار وغاندي شخصان متضادان في المضمون وفي الضمير وفي السياسة وفي الفكر، لو تم إسقاط ما كتبناه، لقال الجميع إنما هي سرقة نهبت التطابق بين الاثنين وصنفته مستوى من مستويات التمثيل غريب الأطوار ونقيضاً للحقيقة، والسؤال هنا لماذا تم اغتيال رجل السلام والإبقاء على مجرم حرب جعل بلاده مرتعا للإرهاب والقتلة؟! لم يكن القصد دراسة المحتوى السياسي المعاصر وإنما هو تذكير بالنزعة السلوكية التي أصابت أفكار ومواقف الناس الذين استبطنوا العنف لا سيما في الأعمار الشابة، وخاضوا الأحداث بصور معاكسة للطبيعة الإنسانية ما جعل الحياة رخيصة مقابل الموت بأسوأ الطرق ولا ضير عندهم إن تناثرت أشلاء الأجساد في كل مكان، هل هو المرض الذي أذهب العقل أو المحرض الناقم البشع الذي يحمل الرؤوس المقطوعة أمام الكاميرات. بل هي خلايا التنظيمات الإرهابية في العراق وسورية واليمن والتي تفوّج هؤلاء الصغار لقتل المدنيين العزل، وإثارة الشغب والفتن والطائفية في المجتمعات الآمنة.

مشاركة :