بعد أن قصفت طائرات حربية إسرائيلية القنصلية الإيرانية في سوريا مطلع شهر أبريل الجاري، لقي على أثره 7 مستشارين عسكريين للحرس الثوري الإيراني حتفهم، من بينهم محمد رضا زاهدي القائد الكبير في فيلق القدس الإيراني، الذراع الخارجية للحرس الثوري. وبعد مرور أسبوعين على غارة تدمير «القنصلية الإيرانية» لدى دمشق قالت طهران: لا يمكن أن يمر ذلك دون عقاب ، ولكن تأخر موعد تنفيذ الضربة إلى وقت متأخر من ليلة 14 أبريل 2024 على أهداف إسرائيلية بطائرات بدون طيار وصواريخ إيرانية. حجم الأضرار التي لحقت بالأرواح والممتلكات غير معروف بشكل واضح، لكن التقارير تقول إنه تم اعتراض 99 % من الطائرات بدون طيار والصواريخ، ولم تحدث أي أضرار كبيرة. رافق ذلك سيل من تهديدات إيران على الهجوم الإسرائيلي من أراضيها وأراضٍ تهيمن عليها أذرعتها في العراق واليمن وسوريا، فأطلقت على مدى 5 ساعات نحو 185 مسيرة متفجرة و36 صاروخ كروز و110 صواريخ أرض - أرض نحو إسرائيل التي قالت إنها أسقطت قسماً كبيراً منها في أجواء العراق وسوريا بمشاركة القوات الأميركية. فيما أصاب قسم آخر مواقع في إسرائيل أبرزها مطار عسكري في النقب، قالت إيران إنه مخصص لطائرات F35 . بلا شك أن كثرة الأقاويل حول الخسائر والمكاسب من هذا السجال من كلا البلدين في تصاعد مستمر، ولا يكفي أن نجد لهذه الحالة تسلسلاً سببياً سوى أن السياسة هي التي سوف تلعب الدور الحاسم في حل هذه المعضلة، وخاصة بعدما قال ياكوف أميدرور، زميل المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي في واشنطن: «كان حجم الهجوم الإيراني بمثابة المفاجأة». وأضاف أن «الإيرانيين فتحوا لنا فرصة جديدة فيما يتعلق بشرعية إسرائيل لتدمير أهداف في إيران، بما في ذلك البرنامج النووي»، فهل فُتحت البوابات بعد أن شنت إيران هجوماً مباشراً من أراضيها ضد إسرائيل؟ يبدو أنه لا حل في ظل سياسة إشعال فتيل زعزعة أمن واستقرار المنطقة بعد إعلان هذه المواجهات بين إيران وإسرائيل، فمهما يكن المستوى الذي تصل إليه الأحداث لا بد أن تلتزم السياسية بحدودها، وتعزز قوتها وتعمل من أجل إيجاد حلول لإيقاف الزيادات الغربية للقوة الإسرائيلية والإيرانية، لأن القوة التي لا تتحكم بنفسها تنزلق نحو العنف وتثير المزيد من الفوضى والصخب. لا أحد يشك بأفضلية السلم عن خطر الحرب، فمن يتحمّل مسؤولية هذه الحرب؟ حين نحلل جوهراً بذاته لكي ندرك ماهيته الأولية فإن السؤال سيأخذ منحى آخر يصعب طرحه لوجود العديد من التناقضات لهذا الصراع وإعلانه على شاشات العالم كدعاية أو نظرية لإنهاء العنف بالعنف وفق مشاهد لا تكون لها فكرة واضحة عن هذه السياسة وأهدافها وتداعياتها، فهي من حيث المبدأ بلا فائدة وتكتيكياً تستخدم جميع مصادر التقنية السياسية الأشد قسوة لكي تحقق النصر لثورة تهدف إلى محو كل أشكال الاستقرار والسلام للمنطقة.
مشاركة :