إعطاء معنى للحياة في الأوقات الصعبة

  • 1/21/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الوصول إلى المصادر التي تعطي معنى لحياتنا يساعدنا على التعامل مع شعورنا المتزايد بحالة عدم الأمان في حياتنا وعائلتنا وعملنا. سواء كنا أشخاصا متعلقين بجذورنا أم لا، نحتاج إلى الشعور مع مرور الوقت بأننا أشخاص مفيدون وأن حياتنا ذات قيمة. أسئلة مثل "ما المعنى الحقيقي لحياتي؟ ما ماهيتي؟" تعد حاسمة من أجل صحتنا النفسية. بالنظر إلى الأوقات الصعبة التي نعيشها -تسيطر عليها حالة عدم اليقين من الناحية الاقتصادية وتنامي التعصب للقومية وأزمة المناخ التي تلوح في الأفق- أصبحت تلك الأسئلة أكثر أهمية مع فقداننا الشعور بالأمان. من أنا؟ ما الذي أصبحت عليه؟ هل يعجبني ما أراه؟ عندما نتأمل المراحل المختلفة لحياتنا، هناك عديد من العوامل التي قد تؤثر في طريقة رؤيتنا للأمور، وهي مزيج معقد من القوى الشخصية والمهنية والاجتماعية والثقافية والعلاقاتية، تسهم في تحديد وإعادة تعريف المعنى الشخصي في حياتنا. المواطنون العالميون، وهي مجموعة من الأشخاص حول العالم قمت بإجراء بحث عنهم من أجل كتابين أصدرتهما أخيرا "والثالث سيصدر قريبا"، هم عبارة عن مجموعة من أصحاب المواهب الحاصلين على درجات علمية عالية ويتحدثون عدة لغات عاشوا وعملوا ودرسوا لفترة معينة في فترات ثقافية مختلفة. أسهمت تلك الخبرات في توسيع مداركهم حيث مع كل منعطف من منعطفات الحياة يواجهون تغيرات، والطريقة التي تؤثر بها في جوانب مختلفة من حياتهم. عند اختبار التحديات التي تنطوي عليها الحياة حول العالم وحصد فوائدها يتخذون قرارات معقدة كونها تشكل فصولا جديدة من حياتهم تؤثر أيضا في المعاني المختلفة لها. فبالنسبة لهم المعنى الذي يبحثون عنه بعيد كل البعد عن أن يكون ثابتا. في حين أن كل جزء من حياتنا يعد شخصيا وقابلا للتطور، فإن التحدي المتمثل في الحفاظ على معنى لحياتنا يكون أكثر وضوحا بالنسبة للمواطنين العالميين بشكل خاص. فمن دون القاعدة الاجتماعية للثقافة الواحدة التي تساعد على تحديد المعنى الذاتي، يواجهون مهمة ابتكارية وغالبا ما تكون صعبة لابتكار بدائل. في بعض الأحيان ومن دون إدراك ذلك، يكافح هؤلاء الأشخاص لتوحيد حياتهم المهجنة ثقافيا بطريقة متماسكة، مفسحين بذلك الطريق أمام مجموعة أكبر من الأشخاص لا تشملهم هذه الدراسة. كي تتعلم مجموعة أكبر من الأشخاص من خبرات المواطنين العالميين، حاولت ذكر وشرح عدة مصادر حول المعنى الشخصي وتعريفه. تلك المصادر معقدة ومتشابكة. وبغض النظر عما نكون فإن القصة التي تحدد هويتنا محبوكة بعناية من خلال التزامات وعلاقات ووجهات نظر متغيرة. يمكن أن يبدأ ذلك بتقديم قائمة مؤقتة كون الأشخاص ينظرون إلى تشكيل فصل جديد من حياتهم. الهوية: في حين أن الاحترام والقدرة على تحقيق أهداف تحفيزية قد تكون من الأمور الأساسية للإحساس بالهوية بالنسبة للأشخاص موضوع الدراسة، تستطيع الأدوار الأخرى في الحياة والخبرات الداخلية المساهمة بشكل كبير في الشعور بالرفاهية. فالبنيان الأساسي للهوية قد يصبح ذا أهمية مع نضوج الشخص. يمكن التخلص من مركزية جانب واحد من جوانب الهوية عندما تقلب القرارات الحياتية الصورة المغروسة في مخيلة الفرد. تركز التحركات العالمية غالبا على الفجوات أو التغيرات في المعارف الشخصية، وترى أنها مرتبطة بالثقافة أو التقاليد الروحية أو القيم. أخذ القرار بالانتقال إلى مكان تعده بيتك أو رفض مكان آخر، قد يثير تساؤلات مثل "إلى أي مدى أعد شخصا عالميا؟ بإمكانه أيضا إثارة تساؤلات حول إذا ما كانت تلك الخطوة ستخولنا استخدام مهارات أساسية في جوانب شخصيتنا، وقدرتنا على المساهمة بشكل هادف. الذات العلائقية: لطالما تشابكت هويتنا مع علاقتنا بالآخرين. يساعد هذا الرابط على تشكيل شخصيتنا، وإعطاء حياتنا هيكلا عاطفيا وأخلاقيا وعمليا. أن تكون شريكا أو طفلا أو والدا جيدا، يعد أمرا أساسيا لاستكمال اللوحة. وجود أطفال على سبيل المثال بإمكانه إحداث تغيير كبير بالكيفية التي يرى بها الأشخاص أنفسهم. فهو يستطيع إرغامنا على التفكير في نقل قيم ومصادر جوهرية لمعنى حياتنا للجيل المقبل. بالمثل، الاهتمام بالعائلة والأصدقاء يؤكد قيما ويوجد طقوسا ولحظات تفرض أمورا على حياتنا. غالبا ما يشعر الأشخاص العالميون بالألم بعيدا عن العائلة والصداقات التي صنعوها خلال حياتهم. وعندما يتوفى شخص قريب منهم تكون خسارتهم مضاعفة بسبب الموت وبسبب خسارة الصورة الذاتية كشخص موجود من أجل أشخاص متابعين للأحداث وللحياة. الانتماء الذاتي: يثير هذا البعد أسئلة على غرار: "أين أنتمي وأشعر أنني في وطني؟ هل المكان مهم؟" بالنسبة للأشخاص العالميين لا يرتبط الوطن بلون جواز السفر. ففي النهاية قد لا يعودون لمكان ولادتهم لأعوام أو عقود. يسلط الأشخاص العالميون الضوء على أهمية تحديد معنى الانتماء لتكوين شعور بالوطن وامتلاك قيم تسهم في الشعور بمعنى الوجود، بعيدا عن جذورهم من وطنهم الأصلي. تنشأ مناقشات حثيثة عندما يناقش الأشخاص العالميون مسألة الانتماء والوطن وأهمية المكان. تختلف التعريفات اختلافا كبيرا. في مراحل زمنية مختلفة، يحكي أفراد العائلة كيف يثقل كاهلهم فكرة الذهاب إلى الوطن أو عدمه. يصف المواطنون العالميون في كثير من الأحيان القرارات الصعبة التي تدور حول كونهم أعضاء جيدين في العائلة ويتبعون في الوقت نفسه أحلامهم وخياراتهم المهنية أو حتى مشاريع مهمة تشعرهم بأهمية حياتهم. في النهاية قد تهدد تلك القرارات رغبات أفراد العائلة وحاجاتهم التي تعطي لحياتهم معنى. الذات المسؤولة والمؤثرة: أين وكيف بإمكاني إحداث تغيير أو تأثير ذي أهمية؟ هل أستطيع أن أجعل أهدافي ومهاراتي تتماشى مع قيمي وشعوري بالمسؤولية الاجتماعية؟ يريد معظمنا الشعور بأننا نجحنا في إحداث فرق، وأن العالم حاله أفضل بوجودنا. تتغير فكرة المرء عن قيامه بذلك مع الوقت. بالنسبة لعديد من المواطنين العالميين تكون الحاجة والرغبة في إحداث تأثير في العالم فورية، ويمكن تحديد نطاقها على صعيد العالم. لكنه قد يكون أكثر صعوبة عندما تكون حياة الفرد وولاؤه موزعين عبر الحدود. الإضرار بالقومية لتلك المجموعة كمواطنين لا ينتمون لمكان ولديهم تحيز للعالم ككل من شأنه أن يثير مخاوف عدة. بالنظر إلى قدرتهم على رؤية التحديات فرصا وسلوكا إيجابيا، يبادر عديدون للشروع في مشاريع تمكنهم من إحداث تأثير عالمي، أو تحضير حوار ملهم حول العولمة لأماكن يسمونها "وطن". تغيير النمط:إنشاء حياة ذات معنى يعد بمنزلة عملية مستمرة. فمع كل منعطف في نمط حياتهم، يتعين على المواطنين العالميين دمج المصادر التي تعطيهم معنى لحياتهم مع عملية صنع القرار، مع العلم أن التغيرات في السياق العالمي وحياتهم الشخصية والمهنية متحولة أيضا. هم يعرفون أن الأهداف التي صنعوها في مرحلة ما قد لا تكون ذات صلة في وقت آخر. فإدراكنا لعدم وجود منهج واضح لحياة ذات معنى، والتركيز على الأبعاد الحياتية الواردة أعلاه، قد يساعدان على توضيح ما هو مهم على الأخص عندما يفكر الأشخاص في فتح فصل جديد في حياتهم.

مشاركة :