بعث إليّ مشكورًا الإعلامي الدكتور خالد علي أبو الخير مؤسس المتحف المدني بفيلم من إنتاجه واهتمامه تحت عنوان (هجرة غيرت التاريخ) تتبع فيه سير هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة الى المدينة المنورة، فوجدت أنه قد بذل فيه جهدًا كبيرًا لتقفي آثار الهجرة خطوة بخطوة مستعينًا في ذلك بعد الله بطائرة خاصة وفريق عمل يغطي الناحية التاريخية دراسة والناحية الفنية تقصيًا، والفيلم يمتاز ببساطة اللغة ودقة تحري الأماكن النبوية وتحديد مسار الهجرة النبوية والوقوف عند محطاتها. وكنت قد قلت سابقًا -ولازلت- إن المحطات النبوية والأماكن التي حل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة ذات بعد تاريخي وتستحق أن تكون لها علامات تدل عليها، لأن فيها تاريخ وعبق نبوة بدءًا من غار ثور وانتهاءً بأحداث آخر حياته صلى الله عليه وسلم، وقد لحقنا على مشاهدة بعض من تلك الآثار، نحن أبناء المدينة المنورة من عاش في الفترة قبل توسعة المسجد النبوي وتطور المدينة العمراني، وشيء كبير من تلك الآثار النبوية كانت تنبض بتاريخها وبقائها، وحفاظًا على تلك المواقع الاثرية اقترحت في مقالة لي عام ١٤٢٦هـ أن يكتب على أي موقع نبذة عنه وتاريخه، وضربت مثلا لذلك بيت سيدنا أبو أيوب الأنصاري الذي نزل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وصل إلى المدينة المنورة. بقي أن نذكر بمناسبة حلول بداية العام الهجري الجديد أن طريق الهجرة النبوية كانت عليه معالم ومحطات نبوية مثل خيمة أم معبد وبئر التفلة ونزوله عليه السلام في بعض الأماكن، وقبل ذلك تحركه في بداية هجرته، وكذا كل قرية قد مر بها عليه السلام إلى موقع وصوله في بداية دخوله المدينة عند مسجد قباء ويليه مسجد الجمعة ومكان وقوف ناقته ودار أبو أيوب الأنصاري ويكون هناك تسلسل مكاني موصوف بشرح زماني وكتيب إرشادي عن الهجرة النبوية وأحداثها وما جاء خلالها من حديث للنبي صلى الله عليه وسلم كحادثة سراقة ابن مالك وخيمة أم معبد وغيرها من الأحداث الثابته في السيرة النبوية، لأن السيرة النبوية المتمثلة في الهجرة النبوية تحمل من معاني الحياة الشيء الكثير حيث فيها أسوة حسنة في مواجهة التغلب على مصاعب الحياة كما قال تعالى (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) وأغلى وأعلى معنى للهجرة النبوية أنه عليه السلام حمل الإسلام لنا دينًا كما قال الشاعر: الرحلة هجرة هادينا... حمل الإسلام لنا دينا فسلام الله على الهادي... والكون يردد آمينا وبعد غد يحل علينا العام الهجري الجديد ١٤٤٤فعلينا أن نستشعر كل خطوة خطاها عليه السلام وتعب فيها من أجل أن يقول لنا إن الهجرة تعني العيش الجديد والولادة الجديدة للحياة تحت معطيات ربانية يرضى عنها الله، فشكرًا للإعلامي الدكتور خالد أبو الخير على إهدائه وجزاه الله كل خير على ما قام به من جهد مبارك خدمة للسيرة النبوية والهجرة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
مشاركة :