كان موعد جني القطن في مصر المحروسة عيد كان الفلاحون ينتظرونه كل عام من عليه ديون يسددها، وتنصب الأفراح ويزوج الأبناء ويسود الرواج في معظم قري مصر ويعمل الرجال والأطفال في جني محصول الذهب الأبيض، وكانت الأغاني تنطلق من الراديو والتليفزيون «نورت يا قطن النيل يا حلاوة عليك ياجميل.. إجمعوا يا بنات النيل يالا دا ملوهش مثيل» .وبلغت مساحة القطن ما يزيد على مليون فدان في بداية التسعينات من القرن الماضي لتنخقض إلى 131 ألف فدان العام قبل الماضي، فوضعت الحكومة خطة لزيادة المساحة المزروعة بالقطن، وبعد جهود مكثفة ارتفعت المساحة إلى 350 ألف فدان في 2018.وانخفضت المساحة مرة أخري في 2019 الي 200 ألف فدان والعام القادم ستنخفض أكثر وذلك بسبب تراجع أسعاره من 2700 جنيه للقنطار لأقطان الوجه البحري و2500 جنيه لأقطان الوجه القبلي إلي 2100جنيه هذا العام بسبب تراجع الأسعار العالمية والدعم الكبير الذي تقدمه الدول المنتجة للقطن إلي مزارعيها والتي تصل في بعض الدول.كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية إلي مليار دولار وأن تدهور تسويق القطن هذا العام انعكس بالفعل علي المساحة التي تشير كل المؤشرات إلي انخفاضها وهذا محزن، وأن مصر تستورد بمبلغ 8مليار دولار ملابس جاهزة وتصدر بمليار ونصف المليار فقط وتستورد زيوت بحوالي 22 مليار جنيه.وكانت بذور القطن تساهم بنسبة كبيرة في إنتاج الزيوت وتخفيض حجم الاستيراد هذا فضلا عن الاستفادة القصوي من مُخلفات بذرة القطن المصري والمُخلفات الأخرى التي تستخدم كأعلاف للمواشي.وقبل قرنين من الزمان، وتحديدًا في العام 1816، استجلب محمد علي، والي مصر آنذاك، بذرة القطن من الهند، لأول مرة إلى مصر، بعد اقتناعه برأي رجل فرنسي يُدعى «غوميل» بأهمية القطن كمحصول استراتيجي، وعصبًا في تأسيس مصر الحديثة. ومُنذ ذلك الحين، ومصر أصبحت رائدة العالم أجمع في إنتاج الأقطان الفاخرة، وصناعة الغزل والنسيج، بعد إنشاء أول مصنع حكومي لها هو؛ "مصنع الخرنفش للنسيج" لحلج وكبس القطن، حتى تحول القطن من مجرد محصول تنتجه الأرض المصرية إلى سلعة زراعية ضرورية لمصانع الغزل والنسيج فى إنجلترا فى عهد الاحتلال الإنجليزي.وأن الحرب الأهلية في أمريكا عام 1861، حرمت مصانع بريطانيا من القطن الأمريكي، وهو ما أدى إلى زيادة إنتاج مصر من الأقطان حتى صارت عائدات القطن تمثل 93% من مجمل الصادرات ومع تصاعد الحركة الوطنية ضد الاستعمار عام 1927.وقام بنك مصر بتأسيس شركة مصر للغزل والنسيج، في المحلة الكبري والتي اصبحت من اكبر القلاع الصناعية في مصر والعالم وكانت مصانع الغزل والنسيج تستوعب 32% من العمالة المصرية.والآن أصبحت وزارة الزراعة لا تملك إمكانية زيادة أو خفض المساحة المزروعة بالقطن أو أي محصول آخر لكن تتحكم السياسات السعرية التي يفرضها السوق العالمي والمحلي في تُشجيع المزارعين على خفض أو زيادة المساحة من محصول القطن وأن السياسة الزراعية المتبعة في مصر مُنذ عام 1990 وإلغاء الدورة الزراعيةوحتى الآن،هي أن المزارع حر في زراعة ما يشاء ولهذا تتارجح المساحة طبقا للاسعار والعرض والطلب. والقطن محصول استراتيجي، والمفروض أن الحكومة تتخذ من السياسات ما يُشجع ويحفز المزارع على زراعة هذا المحصول الاستراتيجي. ويوفر سبل زيادة الطلب التصديري له وأن أسعار الأقطان المستوردة أقل كثيرا من المحلية بسبب الدعم الكبير الذي يلقاه المزارع الأجنبي وكون تكاليف الإنتاج في مصر مُرتفعة كما أن الأصناف المصرية الأفضل عالميًا لاتصنع في مصر فنحن نزرع قطنا لانصنعه ونصنع قطنا لا نزرعة. فيجب تحسين جودة القطن المصري واستعادة مكانته وسمعته المتميزة عالميا، مع التعاون والتنسيق المشترك بين الوزارات المعنية وأن تدخل وزارة المالية بقوة في اللجنة التنسيقية لتطوير صناعة وزراعة القطن كضامن وداعم لتطبيق استراتيجية النهوض بالقطن المصري والتي تشمل تحسين أساليب الزراعة والجني ونظام تداول الأقطان لتحفيز المزارعين، وكذلك تطوير المحالج التابعة لقطاع الأعمال العام باستخدام تكنولوجيا حديثة.والتعاقد على توريد وتركيب مكن حديث يمكنه غزل ونسج الاقطان المصرية طويلة التيلة في باقي المحالج الواردة بخطة التطوير وتطبيق نظام الحليج الجديد، خاصة بعد التعاقد مع شركة "باجاج" الهندية الموردة لمحلج الفيوم المطور، والتي حصلت على أعلى تقييم فني ومالي عند البت في العروض المقدمة، بعد نجاح تشغيل محلج الفيوم على الأقطان المصرية بكافة انواعها، وذلك ضمانا لسرعة تنفيذ خطة التطوير. وان وزراة الزراعة بذلت جهودا كبيرة للنهوض بمحصول القطن. وقامت بزراعة مايزيد علي 13الف فدان اقطان اكثار لزراعة اكثر من 400 الف فدان طبقا للخطط التي كانت موضوعة في ذلك الوقت خاصة بعد تكتل القطاع الخاص في ذلك الوقت وطلبه زيادة المساحة والانتاج ونفذت الدولة ذلك لكن لم يلتزم القطاع الخاص وفضل الاقطان المستورده لان عينه كانت علي الاسعار العالمية فانخفضت اسعار الاقطان المصرية وبالتالي انخفضت المساحةو تدهورت الي 200 الف فدان وباعت وزارة الزراعة بذور القطن التي كانت مخصصة كتقاوي من 700 جنيه لاردب البذرة الي ٤٠٠جنيه للاردب لتخسر ٣٠٠ جنيه في بند البذرة وتخسر شركات قطاع الأعمال هذا العام 40 مليون جنيه ل التزامها بشراء القطن هذا العام ب2100 جنبه للقنطار.كما أن خروج وزارة المالية من المنظومة وعدم التزامها بدعم المحصول سيؤدي الي انخفا ض اكتر في المساحة العام القادم وهذا خطر وسيؤدي بنا ذلك الي الخروج من السوق العالمي للذهب الابيض وهذه كارثة بكل المقاييس فيجب ايضا تفعيل قانون الزراعة التعاقدية في المحاصيل الاستراتيجية وخاصة القطن وإعلان أسعار الضمان مسبقا كما كان متبع و الاستفادة من حلجه، وغزله، ونسجه، لتصدير النسيج بدلا من تصدير الخام،وفقا لخطة الدولة الحالية في عدم اللجوء إلى بيع الخام، بل تصنيعه وتصديره كمنتج نهائي يحقق الفائدة المضاعفة للاقتصاد الوطني.ودراسة تجارب دول كانت لا تملك إنتاجا من القطن، مثل الهند، وبنجلادش، وتونس، حيث نجحت الأولى في تربية أصناف عالية الإنتاجية، وطورت صناعة الغزل والنسيج لديها، كما أن الثانية والثالثة لا تملك إنتاجا على الإطلاق، ووصلتا في باب صناعة الغزل والنسيج إلى مصاف الدول المتقدمة، ونجحت دولة بنين لتكون الأولي في إفريقيا في انتاج القطن بينما تراجعت مصر، وهي الدولة الرائدة .ولهذا يجب دراسة إمكانية فرض رسوم إغراق علي الغزول المستوردة أسوة بما يحدث في الحديد.
مشاركة :