عبد العال البنداري يكتب: «زوجتي».. ساكنة العشش!!

  • 11/16/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أخبرني صديقي المستشار بخبر مفزع وهو أن هناك حكما بالحبس عليّ بستة أشهر وكفالة 500 جنيه في قضية ضرب لسيدة تبلغ من العمر٥٠ عاما وأحدثت بها إصابات خطيرة طبقا للتقرير الطبي وأن هذه السيدة تسكن في عشش السكك الحديد.. هذه قصة واقعية وليست من وحي الخيال.. تحركت مسرعا ووكلت محاميا لعمل استئناف علي الحكم والبحث عن السيدة التي لم أقم بضربها، ولم أعرفها أو تعرفني، ولم أشاهدها حتى هذه اللحظة لأتصالح معها ولأعرف منها لماذا فعلت ذلك ولكن لم أعثر عليها. ورغم طلب رئيس المحكمة باستدعاء المجني عليها ولأنها تسكن في عشش بجوار خط السكة الحديد وليس لها عنوان، ولم نستطع أن نستدل عليها ولم تنجح محاولات استدعائها وقمنا بتصوير القضية وأقوالها في المحضر لمعرفة لماذا أنا قمت بضربها وما هي علاقتي بها وإذ أفاجأ بأن الذي سألها في المحضر أظهر كذبها وكيدها في محضر قبضت ثمنه لإلحاق الأذى بي عندما سألها: ما علاقتك بالمتهم؟.. فقالت كان زوجي وهو الآن طليقي فهنا تنفست الصعداء وأكدت للمحامي انه ليست لي زوجة ثانية، وذهبت لمصلحة الأحوال المدنية وأحضرت شهادة بعدد الزوجات وليست فيهن زوجة أو طليقة باسم السيدة فتحية صاحبة الشكوى. ويوم الجلسة تقدمت بهذه الأوراق وحصلت علي البراءة في جريمة لم أرتكبها، وعندما بحثت عرفت أن هناك شخصا مجرما استغلها ودفع لها مقابل عمل محضر كيدي لإلحاق الأذى بي لكن نجانا الله من هذه المكيدة المدبرة. كانت هذه القضية منذ 5 سنوات وخلاصة ذلك انه كان هناك عشش وعشوائيات كان يسكنها الكثير من المجرمين والتي كان البعض يخاف أن يمر بجوارها فكان شريط السكة الحديد خاصة في بولاق الدكرور مأوى لهؤلاء المجرمين الذين كانوا هاربين من الكثير من الجرائم والأحكام ويمكنك استئجار البعض منهم لعمل محاضر كيدية أو عمل بعض المشاجرات أو ضرب وتأديب بعض الأشخاص وكله بثمنه. تذكرت هذه القضية عندما مررت بجوار عشش السكة الحديد في بولاق الدكرور والتي كانت تسكن فيها هذه الزوجة المزعومة فوجدت هذه العشش والعشوائيات تحولت إلي عمارات سكنية جميلة ومكان مخطط وشقق ممتازة تم تسكين  بعض ساكني هذه العشش بها، ومن هنا تأتي فلسفة الدولة في القضاء علي العشوائيات والمجهود الجبار الذي تبذله الحكومة في القضاء علي العشوائيات ببناء آلاف العمارات السكنية المخططة وتطوير مئات المناطق العشوائية الخطرة وأن مصر كان لديها 3 أنواع من العشوائيات، ومنها غير الآمن والتي تم الانتهاء من تطوير أماكن كثيرة منها وسوف يتم القضاء علي الكثير منها وأن خلخلة العمران السيئ في مصر لكي يكون آمنا يحتاج لوقت وجهد ومال كثير وإقناع لهؤلاء لينتقلوا إلي مكان أفضل. ومما لاشك فيه انه كان هناك عشوائية كبيرة في البناء العشوائي من البداية، وأن توجه الدولة إلي القضاء علي العشوائيات والبناء غير المرخص مطلب هام وضروري للدولة المصرية العصرية وأخيرا فعلت الحكومة بأنها ستعطي تراخيص مرتين عرض الشارع، بدلا من مرة ونصف عرض الشارع في محافظة الجيزة خاصة في القرى لتشجيع التوسع الرأسي بدلا من الأفقي وعمل مشروعات عمرانية سليمة للقضاء علي العشوائيات، وكان حجم مصروفات صندوق تطوير العشوائيات 652 مليون جنيه، لتصل تكلفة تطوير المناطق غير الآمنة والمناطق العشوائية غير المخططة إلي حوالي ٤٢٤ مليار جنيه وذلك خلال الفترة من عام٢٠١٤ وحتى عام٢٠٢٠ حيث تم تطوير ٢٩٦ منطقة من إجمالي ٣٥٧ منطقة وأن هناك جهودا جبارة تبذل لتنفيذ المشروع الحضاري لمصر، وهذا يوضح حجم اهتمام الدولة بقضية العشوائيات وتوسع الحكومة في بناء وحدات الإسكان الاجتماعي وإنشاء مدن سكنية مخططة ومنظمة وجميلة وإيجارها الشهري مخفض ولا يتعدي الـ300 جنيه كما هو الحال في مدينة الأسمرات. لاشك أن هذا المشروع الكبير الذي يتم تنفيذه لتطوير العشوائيات انجاز كبير وهام ولهذا يجب عودة الحياة للبناء المخطط والانتهاء فورا من الاشتراطات البنائية، وتشجيع التوسع الرأسي بإعطاء تراخيص مرتين عرض الشارع وإطلاق يد القطاع الخاص في البناء واستئناف استخراج الرخص وعودة البناء لتعود مصانع الطوب والأسمنت والحديد والسيراميك والمحاجر وعمال البناء إلي العمل للقضاء علي الركود الاقتصادي في قطاع البناء وعودة المطورين العقاريين للعمل وتوفير أراض لهم بأسعار مخفضة لتنفيذ مشروعاتهم المعمارية وجذب المستثمرين العقاريين مع أهمية تبسيط الاشتراطات البنائية وتسهيل استخراج الرخص، والانتهاء من الأحوزة العمرانية الجديدة في المدن والقرى لمواجهة الزيادة السكانية وحق المواطنين في السكن ووقف الاعتداء علي الأراضي الزراعية .

مشاركة :