قال الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء للسشئون الاقتصادية سابقا، إنه للحديث عن تجربة الصين، فهناك ثلاثة أسئلة هامة يجب طرحها والإجابة عنها وهى "ما حقيقة الاقتصاد الصينى اليوم؟ وكيف تحول لما عليه الآن؟ وهل تصلح التجربة الصينية للاقتداء بها سياسيا واقتصاديا؟".وتحدث بهاء الدين خلال ندوة بعنوان: "الصين: أربعون عاما من التحول الاقتصادى عن التطور السياسى لدولة الصين التي مرت بمراحل مختلفة، لكن حدث تطور كبير للحزب الشيوعى الحاكم وبدأت مرحلة الانفتاح الاقتصادى عام 1979، ولكن الفترة منذ عام 2012 حتى اليوم فهى تمثل مرحلة مختلفة قليلا في التجربة الصينية الفريدة من نوعها.وأكد بهاء الدين أن الصين دولة كبيرة الحجم، فهى ثانى دول العالم بعد الولايات المتحدة من حيث الحجم الاقتصادى بقيمة 15 تريليون دولار، وهو ما يمثل ثلاثة أضعاف حجم اليابان و5 أضعاف حجم الهند وفرنسا وإيطاليا، ولدى الصين أكبر احتياطي نقدى في بعض الموارد، وأكبر احتياطي نقدى في العالم، ورابع متلقى للاستثمارات المباشرة عالميا، ولديها ثلاثة من أكبر عشر بورصات في العالم، في حين أن ترتيبها رقم 73 عالميا من حيث متوسط دخل الفرد في الصين والذى يعادل 10 آلاف دولار سنويا، مقابل 65 ألف دولار للفرد في أمريكا. وأشار بهاء الدين إلى أن التحول الاقتصادى الأكبر في الصين حدث في نهاية السبعينات عندما أعلن الحزب الشيوعى الحاكم سياسة جديدة بفتح المجال للقطاع الخاص في النشاط الاقتصادى، لافتا إلى أن الصين لديها قطاع عام قوى يطغى عمله في مجال الدفاع والبنية التحتية والطاقة والموارد المائية وملكية الأراضى والعقارات والبحث العلمى، ولكن القطاع الخاص يساهم حاليا بنحو 60% من الدخل القومى للصين، وينفذ 70% من الاستثمارات الجديدة، ويوفر 90% من الوظائف الجديدة.ويرى بهاء الدين أن تحقيق الصين لهذه النهضة الاقتصادية بخلاف المشاركة القوية للقطاع الخاص، يرجع لعوامل أساسية أهمها استمرارية السياسات والذى أدى لتحقيق الصين متوسط معدل نمو سنوي 9% منذ عام 1989 حتى الآن، لافتا إلى أن عدم استمرارية السياسات في مصر وتغيرها المستمر أحد أهم نقاط الضعف، وحتى وإن لم تكن السياسات سليمة تماما فإن استمراريتها أفضل من التأرجح في سياسات مختلفة. ومن أهم معجزات التجربة الصينية التي وصفها بهاء الدين، هي القدرة على خفض نسبة الفقر من 80% من السكان عام 1980 إلى 2 – 2.5% عام 2019، وهو ما يعنى خروج أكثر من 800 مليون مواطن من دائرة الفقر، لافتا إلى أن الصين في طريقها للقضاء على الفقر نهائيا في عام 2022.ويوضح بهاء الدين أن الصين ليست دولة ديموقراطية، ولكن الحزب هو الحاكم ولا يوجد حكم فرد، وبالتالي يحدث الصراع الداخلى على السياسات داخل الحزب الحاكم الذى تأسس عام 1925، وساعد تطور فكره وتطور تشكيله على استمراره حتى الآن.وأشار بهاء الدين إلى أن مبادرة الحزام والطريق التي تتبناها الصين، قدر البنك الدولى في تقرير له عام 2018 تكلفته تنفيذه عند الانتهاء منه بنحو 575 مليار دولار، ويقدر حجم الزيادة في حركة التجارة الدولة بعد انتهائه بنحو 4.5%، لافتا إلى أن الاستفادة الحقيقية للدول المختلفة المشاركة بالمبادرة يتوقف على استعاد هذه الدول لجذب المزيد من الاستثمار والتحوط من حجم الفساد الداخلى، والحرص على الاقتراض لتنفيذ المشروعات الداخلية في حدود القدرة على السداد، ومراعاة الأثر الاجتماعى لهذه المشروعات ليكون لها أثر داخلى جيد.أما التحديات التي يراها بها الدين أمام التجربة الصينية، تتمثل في وجود فجوات بين الريف والحضر، بالإضافة إلى الحرب التجارية بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، والتي يعد الاتفاق الذى تم توقيعه مؤخرا بين الدولة مجرد هدنة في معركة هيكلية، بالإضافة إلى تحديات الإصلاح السياسى، وقدرة الصين على الاستمرار في النجاح لأنه تحديا في حد ذاته. وختم بهاء الدين حديثه بقوله، إن أهم ما يمكن الاستفادة منه من واقع التجربة الصينية، لافتا إلى وجود 3 دروس اقتصادية هامة يمكن الاستفادة منها، وهو إيجاد المعادلة السليمة لاستمرار الدولة في النشاط الاقتصادى، لافتا إلى أنه بالنسبة للتجربة المصرية فهو ليس من أنصار خروج الدولة من النشاط الاقتصادى في ظل وجود معدلات فقر مرتفعة وبالتالي لا يسمح الوضع بخروج الاقتصاد من النشاط الاقتصادى، لكن يمكن الاستفادة من التجربة الصينية في كيفية تحول هذه العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص إلى علاقة تكامل وتدعيم من الدولة للقطاع الخاص بدلا من وجود أي عنصر من عناصر التنافس.ويتمثل الدرس الثانى في استمرارية السياسات لأنه ما يشجع الاستثمارات على الدخول إلى الدولة، لأن التغيير المستمر فى السياسات هو أكثر ما يضر بالاستثمار، وأخيرا الاهتمام بالعنصر البشرى لأنه أساس النمو وزيادة الإنتاجية، ولكن على الجانب السياسى لا يرى بهاء الدين أن النموذج السياسى في الصين لم يعد من الممكن الاقتداء به ولا يصلح بسبب ثورة التكنولوجية وزيادة تطلعات الشباب، موصيا بالاقتداء بالتجربة الصينية اقتصادية وتجاوز الظرف السياسى.
مشاركة :