«الزواج» هو أحد أهم الخطوات في الحياة، وأكثره تأثيرًا في المجتمعات، فكما يُقال: «لا هم إلا هم الزواج»، وهو ما انطبق فعليا على الراغبين في إكمال نصف دينهم، واللاتي ينتظرن نصيبهن.كشفت دراسات اجتماعية حديثة تنامي ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج، التي ترتبت عليها زيادة نسبة العنوسة في المجتمعات العربية، إذ أشارت الأرقام إلى تفاقم الظاهرة بصورة مخيفة، وهو ما يتطلب الوقوف على أسباب المشكلة، وسرعة حلها حتى لا تطغى آثارها السلبية على المجتمع.ميل الجنسين للتأخير إلى ما بعد «إثبات الذات»» ديون وأعباءنظرة تأمل ثم تنهد، هكذا كانت بداية إجابة إبراهيم سليمان، الذي يبلغ من العمر نحو 42 عامًا، وقال: إنه كان يتمنى الزواج منذ أن كان عمره 25 عامًا، ولكنه اصطدم بالتكلفة العالية للزواج، حيث المهر 100 ألف ريال، وتكاليف الزواج 100 ألف أخرى، بخلاف إيجار الشقة وتأثيثها.وأوضح أن راتبه حينها كان 4 آلاف ريال، وبالتالي سيضطر لتحمل ديون وأعباء مالية عالية، مطالبًا الأهالي بأن يكونوا عاملًا مساعدًا في تيسير الزواج، واستذكار الحديث الشريف «أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَؤونَةً».» تباهٍ ومبالغةوبلهجة غاضبة، اعتبر صالح الغامدي أن المجتمع يتحمل مسؤولية عزوف الشباب عن الزواج، وعنوس الفتيات، بسبب التباهي والمبالغة في التكاليف والطلبات، وأن أكثر مَنْ يتحدث عن العنوسة، هم الأهالي الذين يبالغون في الطلبات. ووجه الغامدي سؤالًا للأهالي: «لماذا لا تطبقون ما تطالبون به على أنفسكم؟»، مضيفًا إنه لا يزال يتذكر حجم الطلبات التي طُلبت منه عندما تقدم لإحدى الأسر، قبل نحو 3 سنوات، إذ كانت مضحكة ومبكية، منها المهر، الذي قارب 100 ألف ريال، وآلية الزواج، بحجة أن الأصدقاء كثر، وحينها قال لهم: «لست ماكينة صراف».» تكاليف عاليةوقال بدر الصالح، البالغ من العمر 40 عامًا: إنه قرر عدم الزواج لأسباب عدة، في مقدمتها التكاليف العالية، إضافةً إلى عدم وجود الرغبة، مبينًا أن الزواج من خارج المملكة أقل كلفة بنسبة 70%، ولكنه لا يشجع على ذلك. وأضاف إنه يعرف قصصًا لأشخاص تزوجوا وأنجبوا، ولا يزالون يسددون أقساط الزواج حتى الآن.» تأثير عاطفيمن ناحيتها، قالت فاطمة سالم: إنها قاربت على 40 عامًا، ولم يأت النصيب، وهذا له تأثيره النفسي والعاطفي عليها، وعلى أسرتها، مبينةً أنها ترى أن المجتمع يساهم أحيانًا في زيادة نسبة العنوسة، بسبب الطلبات الغريبة، التي تثقل كاهل المقبلين على الزواج، ما يجعلهم أمام أمرين، إما تحمل تبعات تلك الطلبات، أو الابتعاد عن الزواج.» قلق الفتياتوأكدت هدى المسفر أن كلمة «عانس» تثير القلق في أوساط الفتيات تحديدًا، لأن المرأة لها عمر أقل من الرجال في سن الزواج، مبينةً أنها لا تزال تنتظر نصيبها الذي تدعو ألا يتأخر أكثر من سنتين، لبلوغها سن الـ 38، وطالبت بالنظر في قضية الطلاق، التي لا تقل خطورة عن العنوسة.تبدأ بعد سن الـ32.. رسمياقالت الهيئة العامة للإحصاء: إن مصطلح العنوسة تعبير يستخدم لوصف النساء اللاتي تعدين سن الزواج «المتعارف عليه في كل بلد»، التي تقل احتمالية الزواج بعدها، وهي سنٌ تختلف من دولة إلى دولة، بل وتختلف في نفس الدولة بين فترة زمنية وأخرى.وأضافت الهيئة إنه من خلال المسح الديموغرافي، الذي أجري في الربع الثالث من عام 1437هـ، والذي شمل كافة مناطق المملكة، اتضح أنَّ 97.2% من الإناث السعوديات قد تزوجنَّ عند أعمار أقل من أو تساوي 32 سنة، وعليه فيمكن اعتبار أنَّ سنَّ العنوسة في المملكة تبدأ بعد عمر الـ 32 سنة.مجتمع مهدد.. وقصص مريرة.. وطلبات غريبةقال الأمين العام لجمعية «وئام» د. محمد العبد القادر لـ«اليوم»: إن مسيرة الجمعية بدأت بموافقة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية، على إنشاء جمعية تُعنى بشؤون الأسرة وتنميتها، وصدرت الموافقة في عام 1431هـ لتكون «جمعية التنمية الأسرية بالمنطقة الشرقية وئام»، وجرى تسجيلها في سجل الجمعيات الأهلية برقم «496»، موضحًا أن سموه هو الرئيس الفخري للجمعية.» أهداف وقيموأشار إلى أن من بين أهداف الجمعية: تمكين الأسرة لتحقيق استقرارها من خلال البرامج التنموية، والارتقاء بالخبرات والتكامل مع الفرد والمجتمع، وتعزيز الاستقرار الأسري في المجتمع، وتمكين العاملين في المجال الأسري من تطوير مهاراتهم وقدراتهم العلمية والعملية، إضافةً إلى أن لها العديد من القيم، من أهمها الإخلاص، والتخصص، إذ تركز على برامج وتنمية الأسرة والعلمية.» مساعدات ماديةوأضاف د.العبد القادر إن الجمعية تقدم المساعدات المالية للمقبلين على الزواج، لمساعدتهم في بداية زواجهم، وهي عبارة عن مبلغ مالي، أو مجموعة من الأجهزة الكهربائية الأساسية للشقة، وبلغ عدد المستفيدين من المساعدات المالية 2875 مستفيدًا، وتكلفة إجمالية تُقدر بـ 31.829.417 ريالا.» زفاف جماعيوأشار إلى تنظيم حفلات الزفاف الجماعي، التي تسهم في تخفيف تكاليف الزواج على الشباب، فارتفاع التكاليف من أهم الأسباب الرئيسة في عزوف الشباب عن الزواج وارتفاع نسبة العنوسة، إضافةً إلى تقديم بعض البرامج التوعوية والأمسيات الحوارية.» إحصائيات العنوسةوعرّف د.العبد القادر العانسين والعانسات بأنهم الرجال أو النساء، الذين لم يتزوجوا قط، ووصل عمرهم إلى ثلاثين عامًا أو أكثر، مبينًا أن نسبة الذكور فوق سن الثلاثين ولم يتزوجوا في المنطقة الشرقية، وفق إحصائية المرصد الحضري بالمنطقة، بلغت حوالي 4.47% من إجمالي السكان، أما نسبة الإناث فبلغت حوالي 6.30%.
مشاركة :