الأردن: قيود المظهر تدفع المعلمين الجدد إلى مغادرة المهنة

  • 10/28/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

منذ عين معلماً في إحدى المدارس الحكومية قبل شهرين، يجهد أسامة الجمل الذي تخرج في الجامعة الأردنية قبل سنتين في تخصص الحاسوب، بمحاولة ضبط الصف الدراسي المكون من أربعين طالباً أو أكثر، والذين لا يكبرهم بأكثر من 5 أعوام وأحياناً 4 أعوام بسبب إعادة بعض الطلاب للصف أكثر من مرة. فهم في نهاية المرحلة الثانوية وعلى أعتاب الجامعة، ولا يرون فيه معلماً بقدر ما يرونه شاباً «فايع» من جيلهم، ومن الصعب الانصياع لأوامره بخاصة أنه يلبس «الجينز الساحل» ويستخدم «الواكس» في تسريح شعره الذي يقف فوق رأسه كعرف الديك. يحاول مدير المدرسة نصحه بضرورة تغيير نمط لباسه وطريقة تسريحة شعره، بما يتناسب مع وظيفته وموقعه الاجتماعي الجديد، مبيناً له أن لذلك دوراً كبيراً في فرض هيبته في الصف الدراسي. غير أن محاولات المدير تصطدم بتعنت أسامة وعدم اقتناعه بذلك، مؤكداً للمدير أن «من الصعب أن يرتدي ملابس أبيه التي عف عليها الزمن»، وأن المشكلة ليست فيه وإنما بزملائه الأكبر سناً، الذين «لا يواكبون الحياة والتطور بحيث رسخوا لدى الطلاب صوراً نمطية عن المعلم بأنه قديم الطراز في لباسه ويسرح شعره مثل عبدالحليم حافظ، إن كان له شعر أصلاً». ويراهن أسامة على الوقت في إقناع الطلاب به وضبط صفه، غير أنه يواجه تهميشاً من زملائه في المدرسة الذين لا يشركونه في أي نشاط أو حوار في ما بينهم باعتباره «مجرد ولد». وإن بدت تلك المشكلة مضحكة إلا أنها مصدر قلق حقيقي لأسامة الذي بات يفكر في تغيير مهنته في المستقبل القريب لأن تخصصه يفتح المجال للعمل في وظائف إدارية بعيدة من مهنة التعليم ومتاعبها. لكن زميله الذي يقاربه سناً أحمد المحتسب، يحسد أسامة على جرأته وموقفه في عدم الانصياع لمضايقات مدير المدرسة وبقية المعلمين من أجل تغيير مظهره في اللباس وتسريحة الشعر، والتي يقول بأنه تخلى عنها في سبيل البقاء في وظيفته، وهو ما يشعره بالضيق المستمر. غير أن أحمد يجد في التحلل من هذه القيود بعد عودته إلى البيت ما يعزيه، مشيراً إلى أنه «يستعيد شخصيته الحقيقية عندما يخرج مع أصدقائه مساء»، والذين لا يتوقف عن البوح لهم بأنه يبحث عن وظيفة بعيدة عن هذه القيود التي لا تتوقف عند الملابس والشعر فقط، بل تمتد إلى الشخصية نفسها التي يجب أن تتميز بالرصانة والجدية والحزم وعدم التواضع على اعتبار أن من شأن هذه السمات الحفاظ على هيبة المعلم وحمايته من تطاول الطلاب عليه. ويرى مدير المدرسة محمد عرابي أن غالبية المعلمين الجدد «لا يصلحون لممارسة مهنة التعليم لأنهم دمروا قيمها وأحطوا من قدرها الاجتماعي». ويقول: «هؤلاء جيل لا يتقيد بآداب المهنة شكلاً ومضموناً إضافة إلى تدنى مستواهم العلمي لتخرجهم في جامعات أهلية هدفها الكسب المادي على حساب المستوى العلمي». ويضيف أن أكثر ما يزعجه بداية كل عام دراسي هو تعيين معلمين في مدرسته من الخريجين الجدد، مشيراً إلى أنه يحاول قدر الإمكان ملء الشواغر في المدرسة من خلال استقطاب معلمين قدامى من مدارس أخرى، حتى لا يقع في الدوامة نفسها، وهي التدخل شخصياً بشكل متكرر لضبط الطلاب في صفوف المعلمين الجدد. ولا ينفي عرابي وجود خريجين جدد جديرين بالمهنة ويستحقون الاحترام والتشجيع لكنهم قليلون. في المقابل يرى الخبير التربوي إسماعيل عبدالله أنه بقدر ما تحتاج مهنة التعليم إلى اللباقة في الحديث والمظهر الذي ينسجم مع مقامها الاجتماعي، فهي تحتاج إلى العلم والثقافة الواسعة لاستقطاب انتباه الطلاب، مشيراً إلى أن الشكل والمضمون يكملان بعضهما بعضاً. ويضيف أن مظهر المعلم يجب أن يتماشى مع مهنته، فلا يعقل أن يوجه النصح والإرشاد إلى الطلاب ويحدثهم عن مكارم الأخلاق، وهو يرتدي «الجينز الساحل» أو ذلك الممزق على الركبتين أو قميصاً مفتوحاً عن الصدر أو ضاغطاً على عضلات البطن.

مشاركة :