حكم المحكمة بإلغاء قرار الحكومة بسحب جناسي عائلة البرغش أعاد لنا الاستقرار والإحساس بالطمانينة. هذا الحكم القضائي مثير للانتباه ورسالة كبيرة للشعب لأنه يقول إن السلطة لا تمتلك قوة مطلقة ولا يجوز لها أن تتصرف بمزاجية وخارج قوانين البلد ومواد الدستور، وهذا الأمر بحد ذاته مريح لأنه يُشعر المواطن بالاستقرار والثقة بان البلد على الرغم من العواصف المحيطة به إلا أنه محكوم من خلال مؤسسات قوية قادرة على لجم التحركات المزاجية والخارجة عن الإطار القانوني. طبعا توجد ملاحظة هنا لا بأس من استثارتها وطرحها وهي ربط الحُكم بهوية الشخص الذي حكمت لصالحه المحكمة. فهنا ينقسم الناس لفريقين: الأول مؤيد لقرار المحكمة، والآخر معارض ومنزعج لأنه جاء خلافاً لموقفه المسبق من البرغش وزملائه في المعارضة. فالفريق المؤيد لبرغش هم من شخصيات شغلت كراسي الأغلبية في فترة من الفترات، وشحنت البلد والمجتمع بزخم معين، وملأوا جلسات المجلس بمناظر غير مألوفة. وفي مقابل ذلك يوجد الفريق المعارض والمنزعج فأولئك أيضاً انزعجوا كثيراً لأنهم يريدون تقليم أظافر المعارضة الإسلامية قدر المستطاع. لا يهمني من هي هذه الشخصية وبغض النظر عن انتماءاتها الفكرية والقبلية، فالأهم من كل ذلك قوة وعدالة المسألة. فأنا أعلم أن القضية تتعلق بالنائب السابق عبدالله البرغش الذي له مواقف متشددة معروفة مثل تأييده سحب جنسية ياسر الحبيب، لكننا أمام أمرين أحدهما أخطر من الآخر، فصحيح أن الموقف المتطرف والطرح الطائفي خطير على البلد، لكن الأخطر منه أن يشعر المواطن بغياب العدالة وضياع حقوقه، فساعتها سيقول الجميع «أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض». نريد العدالة البعيدة عن التطرف الطائفي والمذهبي، والبعيدة عن الانحرافات السياسية بحيث تعيد للناس حقوقهم. فكل ما على الحكومة فعله أن تثبت للقضاء أن البرغش وغيره مخالفون للقانون كي تحكم المحكمة بما نصت عليه الجزاءات، حالها كحال أي خصم آخر. لكن ان تُعاقب وتُسحب الجنسية هكذا من دون إسنادات قانونية، ففي الأمر إشكال كبير. hasabba@gmail.com
مشاركة :