لم يمنع التحرك الكويتي الحثيث لاحتواء ما تشهده الأزمة الخليجية من تمدد يهدد بتدويلها، حتى وصل ذلك التحرك إلى أميركا والأمم المتحدة وبريطانيا، وسط تأييد ودعم دوليين للوساطة الكويتية، لم يمنع ذلك من تحرك داخلي يتعلق بقضية كانت مشروع أزمة كبيرة بين السلطتين، لولا التدخل السامي الذي وضع حدا لتضخم كرتها.وقبل الحديث عن الأزمة الخليجية، والتي تلقي بظلالها على مستقبل مجلس التعاون الخليجي، نتحدث عن القضية المحلية التي عادت للواجهة بعد عطلة العيد، وهي قضية عودة الجناسي المسحوبة التي اتفق الجميع، وفق التوجيهات السامية، على أن عودتها أصبحت أمراً واقعاً، حتى خرجت إلينا الصحف بجديد عن المسألة تمثل بعودة الجناسي إلى عائلة البرغش، فيما ترفض الحكومة عودتها إلى بقية العائلات، متذرعة بصحة إجراءات سحبها، وهو الأمر الذي أحدث ردود فعل غاضبة، ولاسيما بين نواب مجلس الأمة الذين تبنوا الملف، ورأوا في التوجيهات السامية حلا جذريا له. وهو ما ظهر في تصريحات النواب الذين رأوا توجه الحكومة باطلاً، بعدما حسمت المسألة بالأمر السامي، وهو ما يجعل الحكومة في موقف محرج في هذا الملف إذا ما أصرت على موقفها الرافض من إرجاع بقية الجناسي التي انتهت اللجنة المختصة من دراسة ملفاتها ورفعتها إليها لإصدار قرارات بعودتها.ولكن الحكومة يبدو أنها تريد وضع العصي في العجلات، ومنع عربة التعاون بين السلطتين من السير لتحقيق تطلعات المواطنين، وهي بذلك تعطي المبرر للنواب للعودة إلى التصعيد والمواجهة التي لا تضمن الحكومة نتائجها، حتى لو كانت ترتكز على أغلبية مريحة بين النواب، فالقضايا الشعبية ستجعل مناصريها من أعضاء مجلس الأمة في موقف محرج واختيار صعب، فإما أن يقفوا معها، على حساب قضية شعبية، وعندها لن يكون لهم أمل في العودة إلى المجلس، أو أن يقفوا مع عودة الجناسي للجميع وبذلك ستكون الحكومة الخاسر في المواجهة.ورغم كل ما يقال عن رأي الحكومة وتوجهها تجاه عودة كل الجناسي التي درست اللجنة المختصة ملفاتها، فإنني على يقين أن الأمر لا يعدو أن يكون زوبعة إعلامية أو محاولات حكومية لجس نبض المجلس، وبالون اختبار تجاه قضايا أخرى تريد تمريرها لعل أبرزها رد الحكومة قانون معاشات العسكريين الذي اقره المجلس في مداولتيه، لأنه كما ذكرنا فإن عودة الجناسي هي رغبة وتوجيهات سامية لا مجال للمساومة فيها. وبالنسبة إلى الملف الخليجي الذي تضطلع الكويت فيه بدور كبير من حيث العمل على رأب الصدع بين دول مجلس التعاون، ففي حين رأينا التحرك الكويتي الذي انطلق عبر وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله إلى الولايات المتحدة وبريطانيا، تابعنا في الوقت نفسه التباين الذي يزداد اتساعاً بين موقف قطر من جهة، والدول المقاطعة من جهة ثانية. ولأجل ذلك فإن الرهان اليوم، مع حلول الموعد النهائي للرد القطري على المطالب المقرر اليوم الاثنين الثالث من يوليو، الرهان على عقلاء دول الخليج، للتجاوب مع مساعي صاحب السمو لرأب الصدع وإيجاد حل يحفظ وحدة دول الخليج ويبعد عنها شر التمزق والتفرقة، وأعتقد أن دول المجلس فيها من الحكماء والعقلاء الكثيرون الذين ستظهر حكمتهم مع وصول الأمر إلى منتهاه عندها سنجد الأمر قد حل، بعيداً عن التأزيم والتفرقة.h.alasidan@hotmail.com@Dr_alasidan
مشاركة :