صناعة السيارات البريطانية قلقة من تداعيات «بريكست»

  • 1/28/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

عندما قال ستيفن منوشين لحضور في دافوس هذا الأسبوع إن الولايات المتحدة قد تفرض تعريفات جمركية على السيارات البريطانية ردا على ضريبة بريطانية على التكنولوجيا، كشف وزير الخزانة الأمريكي عن الطريق الصعب الذي ستواجهه لندن في تأمين التوصل إلى صفقة تجارية مع واشنطن بعد "بريكست". لكن حتى لو سارت المفاوضات بسلاسة في الأشهر المقبلة، مديرو شركات السيارات في المملكة المتحدة يصرون على أن الصفقة التجارية عبر الأطلسي لن تكون الترياق الذي وعد به بعض مؤيدي "بريكست" الذين يجادلون بأنها ستعوض الألم الناشئ عن مغادرة الاتحاد الأوروبي. قال مايك هاوز، الرئيس التنفيذي لجمعية مصنعي وتجار السيارات التي تمثل الصناعة: "أهمية العلاقة مع الاتحاد الأوروبي يجب أن تأتي أولا". نحو 18 في المائة من السيارات المصنوعة في المملكة المتحدة بيعت إلى الولايات المتحدة، مقارنة بـ53 في المائة بيعت إلى أوروبا، وفقا لبيانات جمعية مصنعي وتجار السيارات عن عام 2018. بالنسبة للواردات، الفرق أكثر وضوحا. السيارات المستوردة من الاتحاد الأوروبي تمثل 69 في المائة من سوق المملكة المتحدة، مقارنة بـ1.4 في المائة من الولايات المتحدة. "لا يجب أن تؤدي أي صفقة أمريكية إلى وصول أقل إلى أوروبا"، حسبما أضاف هاوز. في بعض الحالات، المسؤولون التنفيذيون يشعرون بالقلق من أن صفقة الولايات المتحدة يمكن أن تضر فعليا بآفاق المصانع البريطانية، التي تعاني وسط تراجع المبيعات في الداخل والخارج، وارتفاع التكاليف. كثير من صانعي السيارات الفاخرة في بريطانيا - مثل "جاجوار لاند روفر" و"أستون مارتن" و"بنتلي" - يتمتعون بوصول مثمر إلى الولايات المتحدة. في الوقت نفسه، بالنسبة للمصنعين الأجانب الذين اختاروا المملكة المتحدة بوابة لسوق الاتحاد الأوروبي، مثل شركتي "نيسان" و"تويوتا"، تظل الولايات المتحدة سوقا مغلقة، إما لأن طرازاتهم للمملكة المتحدة صغيرة جدا أو لأن موقعا عالميا آخر يخدم الدولة. قال مايك فليويت، الرئيس التنفيذي لشركة ماكلارين أوتوموتيف، التي تبيع نحو 40 في المائة من سياراتها في الولايات المتحدة: "السوق الأمريكية تتاجر بصورة مفتوحة جدا اليوم، من الصعب رؤية ما يمكن أن نريده أكثر". بالمقابل، يمكن أن تشهد شركات صناعة السيارات زيادة في الرسوم الجمركية بموجب اتفاقية تجارية جديدة إذا لم تمتثل "لقواعد المنشأ" التي تنص على أن نصف الأجزاء المستخدمة في السيارة يجب أن تأتي من المملكة المتحدة. أولئك الذين يبيعون السيارات إلى الولايات المتحدة يدفعون رسوما بنسبة 2.5 في المائة، وهو مبلغ صغير نسبيا العملاء رفيعو المستوى على استعداد لتحمله. بينما تدعي " ماكلارين " أنها تجاوزت هذه العتبة، كثير من الأجزاء التي تدخل في السيارات التي صنعت في المملكة المتحدة تأتي من أوروبا، التي من شبه المؤكد أن تستبعد من الحسابات بموجب صفقة تجارية مع المملكة المتحدة وحدها. الشركات المصنعة في السوق الواسعة، مثل "تويوتا" و"هوندا" و"نيسان" تواجه تحديا أكبر، جزئيا لأن المصانع الأخرى خارج أوروبا تزود السوق الأمريكية مسبقا. شركة تويوتا في المملكة المتحدة تصنع سيارة كورولا، وهي طراز صنع مسبقا للولايات المتحدة في مصنع في مسيسيبي. علاوة على ذلك، الفجوة بين لوائح السيارات في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تعني أن السيارات التي يتم بيعها في الولايات المتحدة تختلف اختلافا جذريا، بدءا من موضع وسائدها الهوائية إلى اجتياز اختبارات التصادم مرورا بأنظمة التحكم في الانبعاثات المعقدة. نيسان كاشكاي، سيارة استخدامات رياضية عائلية، صنعت في سندرلاند وصدرت إلى أوروبا، تباع أيضا في الولايات المتحدة باسم روج سبورت. لكن الاختلافات كبيرة لدرجة أن مصنع المملكة المتحدة غير قادر على صنع نظيرتها الأمريكية. قال جيانلوكا دي فيشي، رئيس مجلس إدارة شركة نيسان في أوروبا: "التصديق في الولايات المتحدة مختلف تماما عن التصديق في أوروبا، لذا هما سيارتان مختلفتان مع الأسف"، في إشارة إلى الحاجة إلى تلبية معايير تنظيمية معينة في السوق. "مركباتنا تصنع للسوق الأوروبية". الجوار هو أيضا مفتاح. في حين أن الوصول إلى أوروبا من بريطانيا سهل، تستغرق الرحلة البحرية أسبوعين للوصول إلى الولايات المتحدة. كان هذا أحد أسباب الإغلاق الوشيك لموقع شركة هوندا في سويندون، الذي شحن نحو ثلثي سياراته إلى الولايات المتحدة. إنتاج إصداراتها الأمريكية من سيارتها العائلية الرائجة "سيفيك" ينتقل إلى الولايات المتحدة. من المرجح أن تغير أي صفقة تجارية أمريكية سوق السيارات في بريطانيا بشكل كبير، الأمر الذي يمكن أن يجعلها مليئة بشاحنات "بيك أب" وسيارات الدفع الرباعي الكبيرة من الولايات المتحدة بمجرد إزالة الرسوم الجمركية البالغة 10 في المائة. سيارات الدفع الرباعي وسيارات بيك أب الأصغر تكتسب حصة في السوق في جميع أنحاء المملكة المتحدة وأوروبا، في حين أن العلامة التجارية للسيارات الصغيرة الفاخرة "ميني" في بريطانيا لديها مبيعات محدودة في الولايات المتحدة، على الرغم من انخفاض الرسوم الجمركية. ما إذا كانت أمركة وشيكة لسوق السيارات في بريطانيا تتوافق مع أهداف الحكومة المتمثلة في خفض ثاني أكسيد الكربون إلى صافي صفري بحلول عام 2050 وتحقيق أهداف قصيرة الأجل في عقدي العشرينيات والثلاثينيات هو أمر غير واضح. على الرغم من أن السوق الأمريكية التي تشتري 17 مليون سيارة سنويا، أكبر من السوق الأوروبية (15 مليون سيارة)، إلا أن عضوية الاتحاد الأوروبي تتيح لبريطانيا أيضا الوصول إلى دول مثل كوريا الجنوبية من خلال سلسلة من الصفقات التجارية. يذهب ثلثا الصادرات إلى أوروبا نفسها أو الدول التي لديها صفقة تجارية مع الاتحاد الأوروبي.

مشاركة :