تداعيات «بريكست» على السيارات البريطانية

  • 2/20/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تواجه صناعة السيارات حول العالم تحديات كبيرة، لأسباب عديدة في مقدمتها تراجع الطلب على المركبات بأنواعها، والحملات التي تشن حول السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري، وفرض ضرائب مرتفعة على هذه السيارات في أغلب دول العالم. غير أن القطاع المذكور يبقى حاضرا على الساحة الاقتصادية بصرف النظر عن وضعيتها، خصوصا أن كثيرا من شركات السيارات دخلت بالفعل عالم الكهرباء عبر خطوط إنتاج متصاعدة وغير ذلك من المعايير التي أنتجتها التطورات الراهنة على الساحة الدولية. غير أن هذا الأمر لا ينطبق على صناعة السيارات البريطانية المهددة أكثر من غيرها من الشركات على الساحة العالمية وتحديدا في الميدان الأوروبي. مع ضرورة الإشارة إلى أن شركات السيارات في بريطانيا باتت مملوكة لجهات أجنبية منذ أعوام طويلة في إطار السياسات الاقتصادية التي أدخلتها حكومة مارجريت ثاتشر في عقد الثمانينيات من القرن الماضي. المهم الآن أن مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست" تعقد المشكلات التي يواجهها قطاع السيارات البريطاني، تماما كما تعقد مشكلات قطاعات أخرى محورية في المملكة المتحدة. حتى الآن لا أحد يعلم كيف ستخرج البلاد من هذا الاتحاد، وهناك مدة لحسم الأمر تنتهي بنهاية العام الجاري. فإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري شامل بين الطرفين، فإن أزمة قطاع السيارات البريطانية ستزيد بقوة. فكل شيء مرتبط الآن بطبيعة هذا الاتفاق إذا ما تم التوصل إليه بالفعل. في الوقت الراهن يعاني هذا القطاع على الساحة البريطانية "بريكست" ومخرجاته غير الواضحة، وتراجع الطلب العالمي. وهذا التراجع ينسحب على جميع شركات السيارات حول العالم، لكنه يبقى الأقوى بريطانياً، بفعل تأثيرات "بريكست". بعض التقديرات من جهات خبيرة في هذا الميدان، تتحدث عن فقدان صناعة السيارات البريطانية نصف صادراتها في غضون خمسة أعوام. وهذا يعني أنها ستواجه مصاعب جمة في العقد الحالي، في الوقت الذي وقف فيه القطاع بقوة ضد مسألة "بريكست". فالقائمون عليه يعرفون كيف يحققون عوائد وفوائد وأرباحا كبيرة بفضل السوق الأوروبية المفتوحة على بعضها بعضا، وبحكم عدم وجود رسوم جمركية على هذه الصادرات. في عز المشكلات السياسية حول طبيعة "بريكست"، أعلنت "لاند روفر" الضخمة الشهيرة، أنها تفكر في نقل أغلبية عملياتها إلى القارة الأوروبية، بعد إتمام الخروج، خصوصا إذا ما كان انسحابا بلا اتفاق طويل الأمد مع المفوضية الأوروبية. وفعلت شركات أخرى في قطاعات مختلفة الشيء نفسه خوفا من خسارة السوق الأوروبية المفتوحة أمامها. لا حلول واضحة حتى الآن للمصاعب التي يواجهها قطاع السيارات البريطاني، إلا حلا واحدا يعتقد الخبراء أن لا غنى عنه، وهو أن تقوم السلطات البريطانية بطرح مزيد من الإعفاءات الضريبية لإنقاذ الصناعة المتعثرة. المشكلات التي يتعرض لها هذا القطاع الحيوي الذي يسهم بأكثر من 18 مليار جنيه استرليني في الاقتصاد المحلي، ويشغل 168 ألف عامل وموظف، هذه المشكلات لا بد من احتوائها بأسرع وقت ممكن. لأن التوقعات تشير إلى انكماش الاقتصاد البريطاني أصلا في أعقاب الانسحاب العقلي من الاتحاد الأوروبي فضلا عن البطالة التي سترتفع من جراء أي هزة أو مشكلة في القطاع المذكور. بريطانيا في الواقع حاضنة كبيرة لعدد كبير من شركات السيارات التي تنتج مركباتها في المملكة المتحدة، تنتج في العام الواحد ما يقرب من مليوني سيارة ومركبة، فضلا عن 5.2 مليون محرك. إنها صناعة كبيرة ترفد الاقتصاد والمجتمع، والحكومة تعي هذه الأهمية، لكنها لم تقدم حتى الآن أي حلول واضحة معلنة على الأقل، أو تصورات للوقوف في وجه المشكلات المرشحة للانفجار لاحقا.

مشاركة :