«بريكست» يترك صناعة السيارات البريطانية على طريق مجهول

  • 2/14/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أكثر من مليون سيارة جديدة تغادر بريطانيا سنويا، متجهة إلى أوروبا وبقية العالم. لكن مع كل واحدة تغادر، تصل اثنتان، ما يعني اعتماد المملكة المتحدة الكبير على مصانع السيارات الخارجية لإبقاء مواقفها مزودة بالسيارات. احتمال فرض رسوم جمركية جديدة بعد "بريكست" يدفع بعض شركات صناعة السيارات إلى التفكير في تمزيق هذا الترتيب المستمر منذ عقود من خلال صناعة مزيد من سياراتها المبيعة محليا في بريطانيا. قال كارلوس تافاريس، الرئيس التنفيذي لمجموعة PSA مالكة العلامة التجارية فوكسهول: "من الجيد دائما تصنيع السيارات بالقرب من السوق التي تبيعها فيه، بشكل عام. لذلك أود تصنيع كثير من سيارات فوكسهول في المملكة المتحدة لسوق المملكة المتحدة (...) هذا على المحك (الآن)". لن يتم النظر في تكييف المصانع البريطانية للإنتاج المحلي فقط، إلا إذا تم تطبيق رسوم جمركية – الترتيب الحالي السلس عبر الحدود مع الاتحاد الأوروبي مربح للغاية بحيث لا يمكن تكراره مع المصانع البريطانية فقط. مثل هذا التغيير يجعل الصناعة البريطانية أشبه بالولايات المتحدة، حيث يتم استيراد نصف سياراتها فقط. أو الصين، حيث يصل الرقم إلى 5 في المائة فقط بسبب رسوم الاستيراد العقابية. لكن كلاهما من الأسواق الضخمة – يتم شراء نحو 40 مليون سيارة بينهما، وهو رقم تتضاءل بجانبه سوق السيارات السنوية في بريطانيا البالغة 2.3 مليون. تتمتع الصين بأكبر عدد سكان في العالم، وطبقة متوسطة متنامية، لدعم آفاق النمو القوي لشركات صناعة السيارات التي تفتح مصانع لها في البلاد. سيكون من المستحيل أن تصبح المملكة المتحدة مكتفية ذاتيا بالكامل، حيث لا يمكن إنتاج السيارات الأكثر شيوعا، مثل فورد فيستا، بشكل تنافسي داخل بريطانيا، إلى حد كبير لأن تكاليف العمالة تؤدي إلى تآكل هوامش الأرباح الضئيلة بالأصل على السيارات الأصغر. حتى الولايات المتحدة، التي لديها بعض المصدرين ذوي القيمة العالية، مثل "بي إم دبليو" أو "مرسيدس"، تعتمد على منشآت مكسيكية لصناعة سيارات إنتاجها داخليا غير اقتصادي. فكرة تحويل صناعة السيارات التي تعتمد على التصدير في بريطانيا إلى واحدة ذات تركيز محلي أكبر أصبحت تحظى باهتمام جديد بعد أن نشرت "فاينانشيال تايمز" الأسبوع الماضي أن شركة نيسان وضعت خططا لمضاعفة إنتاجها في المملكة المتحدة في حال واجهت رسوما جمركية على الصادرات. ردا على ذلك، قالت شركة صناعة السيارات اليابانية إنها "خططت لكل التداعيات المحتملة لـ«بريكست» وتبقى حقيقة أن أعمالنا بالكامل في كل من المملكة المتحدة وأوروبا ليست مستدامة في حال تم فرض الرسوم الجمركية المعمول بها في منظمة التجارة العالمية". عادة ما تحاول منشآت السيارات التي تعمل على هوامش أرباح ضئيلة للغاية في أفضل الأوقات، الاستفادة من المزايا التنافسية من خلال بناء موديل أو اثنين بكميات كبيرة، تبيعها فيما بعد في مناطق قضائية متعددة. أحد التحديات التي تواجه زيادة التركيز المحلي هو أن تصنيع عدة سيارات على خط الإنتاج نفسه يزيد التكلفة والتعقيد، ما يقلل من ربحية المصنع. قال أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في الصناعة: "دائما ما يكون الحجم أحد الدوافع للحصول على القدرة التنافسية. ليس من المنطقي صناعة كثير من الموديلات بكميات قليلة". كان لدى كل من جنوب إفريقيا وأستراليا فيما مضى صناعة سيارات محلية، لكنهما كانتا تفتقران إلى الحجم لدعم مصانعهما. تكيفت جنوب إفريقيا من خلال تقليل عدد الموديلات التي تصنعها، وأصبحت مركزا دوليا للتصدير. الآن لديها عمليات كبيرة من "بي إم دبليو" و"فورد" و"تويوتا" و"فولكسفاجن". في المقابل، تراجعت صناعة السيارات في أستراليا بعد فشلها في التطور – وبعد صفقة تجارة حرة ضعيفة مع تايلاند. أغلقت البلاد مصنعها الأخير في عام 2017. حذر مسؤولون تنفيذيون في الصناعة من أن المصانع المفتوحة على سوق واحدة متوسطة الحجم، مثل المملكة المتحدة، تواجه مخاطر أعلى بكثير، حيث يعتمد الإنتاج فقط على الطلب المحلي بدلا من موازنته بين عدة دول. مع ذلك، حصلت فكرة تركيز الإنتاج محليا على مزيد من الثقة كون التقدم في التصنيع يعني أن شركات صناعة السيارات يمكنها وضع مجموعة أكبر من الموديلات على خط الإنتاج نفسه، ما يخفف من تآكل الأرباح الناجم عن التعقيد المضاف. ومع أن المجموعة الفرنسية PSA، مثلا، لديها عشرات الموديلات المنتشرة عبر علاماتها التجارية بيجو وسيتروين وأوبل وفوكسهول وDS، إلا أنه يتم إنتاجها جميعا على واحدة أو اثنتين من صواني قاعدة العجلات، أو المنصات. دمج مجموعة PSA مع شركة فيات كرايسلر، التي تملك العلامة التجارية جيب، يفتح إمكانيات على المدى الطويل أكثر بكثير للموقع. "لا يوجد أحد اليوم يتحدى حقيقة أنه يمكننا مشاركة المنصات مع أنواع علامات تجارية مختلفة حتى بين جماهير مختلفة"، كما قال تافاريس، الذي مزح ذات مرة قائلا إن فوكسهول يمكن أن تكون "الناجية الوحيدة" بين مصانع السيارات في المملكة المتحدة لأنها علامة تجارية تباع فقط في بريطانيا. أحد التحديات الكبيرة يكمن في سلسلة التوريد – لا يأتي عدد كافٍ من قطع الغيار للسيارات البريطانية من المملكة المتحدة، ما يترك بعض المصانع تواجه تكاليف أعلى لبناء السيارات في بريطانيا، إذا تم فرض رسوم جمركية على الاستيراد. بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية، تواجه السيارات رسوما جمركية بنسبة 10 في المائة، بينما يتم فرض رسوم تراوح بين 2.5 و4.5 في المائة على قطع الغيار. السيارات الكهربائية، مع عدد أقل من الأجزاء المتحركة وخطوط إمداد أقصر، قد تساعد على تخفيف هذا، كما قال جاستن كوكس، رئيس الإنتاج العالمي في شركة LMC Automotive، على الرغم من أن كثيرا منها سيعتمد على مصدر البطاريات. هناك عقبة أخرى هي الطلب. السوق البريطانية متواضعة جدا بحيث إن عددا من مصانعها لن يحقق مستويات الإنتاج اللازمة للبقاء قابلة للحياة بمجرد أن تتم إزالة الصادرات. موقع شركة نيسان في سندرلاند، الأكبر من مصانع تويوتا وفوكسهول وميني مجتمعة، لديه القدرة على إنتاج 600 ألف سيارة. في العام الماضي أنتج 320 ألف سيارة، بينما بلغ إجمالي مبيعات نيسان في المملكة المتحدة 90 ألف سيارة فقط. من بين السيارات الثلاث التي صنعت في المصنع – قاشقاي وليف وجوك – باعت نيسان 77 ألف سيارة فقط في بريطانيا. خطة نيسان للطوارئ بالنسبة للرسوم الجمركية بعد "بريكست" تضمنت زيادة المبيعات إلى 20 في المائة من السوق البريطانية – تعادل 400 ألف سيارة – ما يكفي، كما تعتقد الشركة، للحفاظ على مستقبل الموقع.

مشاركة :