الحفاظ على أمن الخليج مسؤولية أبنائه.. و«الدفاع» حاضر في أذهان القادة

  • 5/30/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

في الظروف الحالية التي تمر بها منطقة الخليج خاصة، والمنطقة العربية عامة، كان من الأهمية بمكان إجراء هذا الحوار مع الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي للوقوف على رؤيته لما يدور في المنطقة، وكيف تواجه دول مجلس التعاون المخاطر والتحديات، وكيف تنظر إلى ما حققته من إنجازات وكيف ترسم ملامح المستقبل، وأكد أن أمن منطقة الخليج مسؤولية أبنائها بالدرجة الأولى، وأن الولايات المتحدة باقية في المنطقة وسوف تعزز وجودها حماية لمصالحها وللحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة. وأوضح أن دول مجلس التعاون ماضية على طريق المزيد من التكامل ومواجهة المخاطر والتحديات وتثبيت الأمن للمواطن، وتعزيز الاستقرار الإقليمي في المنطقة، وانتهاج سياسة حسن الجوار مع الدول الإقليمية مع عدم التدخل في شؤون الآخرين وعدم السماح لآخرين بالتدخل في شؤون دول المنطقة. وأن دول مجلس التعاون تعتبر أمن اليمن جزءا لا يتجزأ من أمنها، وأن أهل اليمن هم أهلنا، ومن يعتدي على اليمن وشرعية حكومته فهو يعرض أمن اليمن واستقراره والأمن الإقليمي للخطر، وأن حل الأزمة السورية يكمن في التوصل إلى حل سياسي وفق «جنيف1» وأن دول الخليج تدعم هذا الحل وتسانده، وحول العراق أوضح معالي الدكتور الزياني أن دول مجلس التعاون تدعو إلى مصالحة وطنية حقيقة ومعالجة تظلمات كافة مكونات المجتمع العراقي. وقال إن دول مجلس التعاون تتطلع إلى إقامة علاقات جوار بناءة ومستدامة مع إيران تحقق الخير والمنفعة لشعوبنا وشعوب المنطقة. وفيما يلي نص الحوار: • يحتفل مجلس التعاون الخليجي خلال أيام بالذكرى الرابعة والثلاثين على تأسيسه، ماذا تقولون في هذه المناسبة للمواطن الخليجي؟ •• أبارك لكافة مواطني دول المجلس بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين على قيام مجلس التعاون، وأتقدم لهم بالشكر والتقدير على مساندتهم ودعمهم لهذه المسيرة المباركة، وأؤكد لهم أن المجلس ما كان ليحقق ما تحقق من إنجازات مهمة منذ قيامه لولا جهودهم الفاعلة وإيمانهم بدور هذه المنظومة المباركة في تجسيد التضامن والتعاون والتكامل في مختلف المجالات، حتى أصبح هذا مجلس اليوم كيانا راسخا يتبوأ مكانة رفيعة في المجتمع الدولي. وأنا واثق بأننا سوف نحقق المزيد من الإنجازات بمواصلة البذل والعطاء، وبالمزيد من الجهد والتفاني، وسنسعى جاهدين للارتقاء بهذه المنظومة الخليجية المباركة بإذن الله. • كيف تنظرون معاليكم إلى الإنجازات التي حققها المجلس خلال مسيرته؟ وهل ترون أنها تتناسب مع المدة الزمنية التي انقضت من عمر هذا المجلس؟ •• إن إنجازات الشعوب لا تقارن بالسنوات وإنما بما تحقق منها على أرض الواقع. وبفضل من الله وحكمة وبصيرة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون، حفظهم الله ورعاهم، تمكنت مسيرة المجلس من تحقيق الكثير من الإنجازات سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو العسكري والأمني أو التنموي، والمواطن الخليجي بلا شك يدرك ذلك ويلمسه. وبالطبع لا يجب أن ننسى الظروف والتحديات المتعددة التي واجهت مسيرة مجلس التعاون، وبخاصة الظروف السياسية والاقتصادية والحروب والصراعات التي شهدتها المنطقة خلال الثلاثين عاما الماضية والتي أثرت على مسيرة مجلس التعاون، إلا أنها لم توقفها أو تعطلها، بل أستطيع أن اقول إنها زادت عزيمة دول المجلس وإصرارها على المضي قدما لتحقيق الأهداف السامية التي تأسس المجلس من أجل تحقيقها. • بعض أبناء دول مجلس التعاون يشتكون من بطء سير خطى الإجراءات التي تنعكس إيجابيا على المواطن الخليجي تحت مظلة «التعاون».. فلماذا البطء رغم السنوات التي تجاوزت ثلث قرن على تأسيس هذا الكيان الخليجي المهم؟ •• خطوات العمل في مجلس التعاون وإجراءات إقرار المشاريع والخطط والبرامج إذا ما قارناها بالعديد من المنظمات المشابهة لمجلس التعاون لوجدنا أنها تسير بشكل جيد، بل إن دول المجلس تحرص باستمرار على تسريع وتيرة تلك الإجراءات، إلا أنه يجب ألا ننسى أن إقرار مشروعات العمل الخليجي المشترك تتطلب دراسات شاملة ومتكاملة إدارية وفنية وتشريعية ومالية، وذلك يستلزم الكثير من التنسيق الوثيق والمتابعة المستمرة بين دول المجلس الست، وهذا يستغرق جهدا ووقتا. وتعمل الدول الأعضاء والأمانة العامة على مواصلة الجهد لتسريع الخطى من خلال الآليات والأجهزة المختصة. فلدينا في مجلس التعاون لجنة وزارية مختصة بمتابعة تنفيذ قرارات العمل المشترك، كما أن وزارات الخارجية بدول المجلس خصصت إدارة لشؤون مجلس التعاون تتولى بشكل يومي التواصل والتنسيق مع الأمانة العامة ومتابعة كافة شؤون العمل الخليجي المشترك. • التكامل الاقتصادي الخليجي ما زال متعثرا، فقطاع نقل السلع والبضائع والاستثمارات المشتركة وحجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون ما زال لم يشهد التحسن المأمول، بل لم تواكب الرغبة لدى زعماء دول المجلس.. ما الأسباب وما الحلول؟ •• على العكس تماما، فالتكامل الاقتصادي وتعزيز التبادل التجاري بين دول المجلس يعد ركيزة أساسية لتحقيق المواطنة الاقتصادية الخليجية وزيادة معدلات النمو الاقتصادي، لذلك حرص القادة ومنذ قيام المجلس على إصدار القرارات اللازمة لتعزيزها، ويتضح ذلك جليا لمن يتابع تطور التعاون الاقتصادي منذ قيام المجلس وحتى الآن، حيث يرى المتتبع لتلك التطورات أن دول المجلس وعبر السنوات الماضية أعفت منتجاتها من الرسوم الجمركية، وعاملتها معاملة السلع الوطنية، وأقامت دول المجلس منطقة تجارة حرة فيما بينها عام 1983م، وحققت نقلة تكاملية كبيرة بإقامة الاتحاد الجمركي عام 2003م، وتخلل تلك السنوات إقرار العديد من القوانين والأنظمة والسياسات التي سهلت التجارة البينية وانسياب السلع وحققت تكاملا في العديد من الأصعدة التجارية والاقتصادية. وجاء إعلان انطلاق السوق الخليجية المشتركة كتتويج لسنوات من السعي نحو التكامل ولإبراز ما تم تحقيقه على أرض الواقع، حيث أثمرت تلك الخطوات وعلى مدى سنوات من العمل التكاملي عن توحيد كثير من الأنظمة والسياسات وفتح المجال لانتقال السلع والبضائع، وكذلك فتح فروع للشركات الخليجية وغيرها من الخطوات الهامة اللازمة لتحقيق المساواة التامة والتكامل الاقتصادي والمواطنة الاقتصادية الخليجية للأشخاص الطبيعيين والاعتباريين، يدل على ذلك حجم التجارة البينية بين دول المجلس الذي قفز من حوالي 6 مليارات دولار في العام 1984م، إلى ما يزيد على 140مليارا في عام 2014 م. • دول الخليج العربية مازالت مستهلكة وغير منتجة ومتماثلة في النمط الإنتاجي، ومع ذلك لا يوجد خطط جماعية لتنويع مصادر الدخل وإقامة مشاريع مشتركة تقوم على المزايا النسبية لهذه الدول بما يحقق التعاون وليس التنافس.. هل هناك رؤية خليجية موحدة لتجاوز هذه المعضلة؟ •• في مسيرة العمل الخليجي المشترك يتولى وزراء التخطيط والتنمية بدول المجلس إعداد الخطط التنموية اللازمة لدول المجلس، كما تتفرع من اللجان الوزارية لجان متخصصة للتنسيق في عمل السياسات المالية والنقدية كل فيما يخصه، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الصعوبة في بروز نتائج العمل الجماعي وعمل تلك اللجان المشتركة هي أن المزايا النسبية لدول المجلس تكاد تكون متشابهة فيما بينها من ناحية الثروات الطبيعية والمناخ والموقع والطبيعة الاجتماعية، علما أنه تم تحقيق نتائج طيبة في تنويع مصادر الدخل مع الأخذ في الاعتبار الاستفادة من الميزة النسبية لدول المجلس لتحقيق المنافسة الدولية وجدوى المنتجات المطروحة، فالكثير من القطاعات الإنتاجية كالصناعة والسياحة والخدمات والمصارف أصبحت تسهم بنسب جيدة في الدخل القومي لدول المجلس. • رغم تماثل الاحتياجات لدول مجلس التعاون وتشابه الإنتاج والطقس والمناخ وشح المياه العذبة وندرة الزراعة إلا أن دول المجلس وبعد ما يقرب من 34 عاما من إنشاء مجلس التعاون مازالت تعمل فرادى دون تنسيق اقتصادي أو استثماري.. كيف يمكن توحيد الجهود في هذا الصدد، وتوحيد إجراءات الاستثمارات وتوحيد الجهود في الداخل والخارج لإنشاء كيان اقتصادي كبير؟ •• لقد تنبهت دول مجلس التعاون منذ قيام المجلس إلى أهمية توحيد جهودها في المجال الاقتصادي، فتبنت في عام 1981 م، الاتفاقية الاقتصادية الموحدة من أجل رسم خطة العمل الاقتصادي المشترك ومراحل التكامل والتعاون الاقتصادي بين دول المجلس، ولتشكل نواة البرامج التكاملية التي تم وضعها بشكل مفصل على مدى السنوات العشرين الأولى من قيام المجلس، وتشمل على وجه الخصوص: - تحقيق المواطنة الاقتصادية. - إقامة منطقة التجارة الحرة. - تأسيس الاتحاد الجمركي. - إقامة السوق الخليجية المشتركة. - إقامة الاتحاد النقدي. تواكب هذا الجهد مع العمل على تقريب الأنظمة والسياسات والاستراتيجيات في المجالات الاقتصادية والمالية والتجارية، مع ربط البنى الأساسية بدول المجلس لا سيما في مجالات المواصلات والكهرباء وتشجيع إقامة المشاريع والمؤسسات المشتركة. • هل هناك خطوات لتفعيل صيغة مجلس التعاون الخليجي من أجل تفعيل المكاسب الخليجية وتعظيم فوائدها خاصة على صعيد التحول من صيغة (التعاون) إلى صيغة (الاتحاد)؟ •• تفعيل المكاسب الخليجية مستمر، ويلقى من أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس- حفظهم الله- الكثير من الاهتمام والمتابعة المستمرة. والمواطنة الخليجية، بفوائدها العظيمة، هي إحدى المشروعات الطموحة التي أرادت من خلالها دول المجلس تحقيق العديد من المكاسب للمواطن الخليجي، وتعزيز الترابط والتكامل بين دول المجلس. وحرصا من دول المجلس على متابعة تنفيذ قرارات المجلس الأعلى والمجلس الوزاري تم تشكيل لجنة خاصة مهمتها متابعة التنفيذ دعما للمسيرة المباركة. أما بالنسبة للتحول من صيغة (التعاون) إلى صيغة (الاتحاد)، فهو كما يعلم الجميع مبادرة مخلصة من المغفور له بإذن الله تعالى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، ولقيت مباركة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس -رعاهم الله- الذين كلفوا المجلس الوزاري واللجنة المتخصصة بمتابعة المشاورات بين الدول الأعضاء، وما زالت المشاورات مستمرة في هذا الخصوص. • الوضع في اليمن الشقيق المجاور لدول مجلس التعاون يمر بظروف غاية في التعقيد والصعوبة بعد أن استولت مجموعة أنصار الله على مقاليد الأمور بالقوة وانقلبت على الشرعية وألغت وتجاوزت المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن الدولي.. كيف ستتعامل دول المجلس مع اليمن وما وسائلها وآلياتها في تنفيذ أسس هذا التعامل، وما رؤيتكم لموقف دول الخليج بعد عاصفة الحزم؟ •• فيما يخص اليمن، كانت المبادرة الخليجية هي الحل السلمي الذي توافقت عليه جميع الأطراف والقوى السياسية ومكونات المجتمع اليمني من أجل انتقال سلمي للسلطة ينهي الأزمة التي شهدتها اليمن في 2011م، ويجنب اليمن الحرب الأهلية والصراع وسفك الدماء. وبموجب المبادرة جرت انتخابات رئاسية تولى بعدها فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئاسة الجمهورية، وعقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي أصدر مخرجات بناءة، كان من المفترض تنفيذها، واستكمال العملية السياسية بإعداد الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية. إلا أن الانقلاب الحوثي على الشرعية عطل العملية الانتقالية، وقاد اليمن إلى الوضع المأساوي الذي يعيشه الآن. إن دول مجلس التعاون تعتبر أمن اليمن جزءا لا يتجزأ من أمنها، وأهل اليمن أهلنا، ومن يعتدي على اليمن وشرعية حكومته، فهو يعرض أمن اليمن واستقراره والأمن الإقليمي للخطر. ولذلك بادرت المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون إلى تشكيل تحالف عربي إسلامي للقيام بعملية (عاصفة الحزم) استجابة لطلب فخامة الرئيس اليمني لحماية الشعب اليمني من الانتهاكات التي ارتكبتها القوى المعادية للشرعية، ومنعها من تهديد جيران اليمن وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية. كما بادرت دول المجلس إلى التقدم بقرار تحت الفصل السابع تبناه مجلس الأمن الدولي برقم 2216. ودول المجلس ستواصل مطالبة مجلس الأمن بتنفيذ قراره حماية لليمن وشعبه العزيز، وتأكيدا للشرعية وسعيا لإعادة الأمن والاستقرار إلى اليمن. ولا شك أن مؤتمر الرياض الذي اختتم أعماله بتاريخ 19 مايو 2015 م، دليل واضح على الدعم والمساندة التي تقدمها دول مجلس التعاون للأشقاء في اليمن، وهو يمثل خطوة مهمة على تأكيد الشرعية واستكمال العملية السياسية في اليمن بما تضمنه إعلان الرياض الصادر عن المؤتمر من مبادئ تعبر عن رأي أغلبية الشعب اليمني، وتعكس ما يتطلع إليه من آمال وطموحات لبناء دولة حديثة تنعم بالأمن والاستقرار والسلام. • ما يحدث في العراق وسوريا ينذر بأخطار ومخاطر كثيرة كيف يمكن إيجاد حلول عملية من وجهة نظر مجلس التعاون الخليجي لهذه المعضلة التي طال أمدها؟ •• إن دول المجلس تعتبر أن حل الأزمة في سوريا يكمن بالتوصل إلى حل سياسي وفق «جنيف1» الذي يضع إطارا زمنيا محددا لتشكيل حكومة انتقالية سورية، لها كل السلطات التنفيذية، وهو الحل الأمثل الذي من خلاله يمكن إنهاء معاناة الشعب السوري ووقف نزيف الدم في سوريا، ويكمن دور دول المجلس في توفير المساندة والدعم من أجل التوصل إلى الحل السياسي المنشود. كما أن دول المجلس تدين استمرار مشاركة قوات أجنبية – وعلى رأسها ميليشيات حزب الله – مع قوات النظام السوري، في قتل الشعب السوري وتدمير مدنه وممتلكاته، ونناشد المجتمع الدولي التحرك العاجل لتقديم الحماية للشعب السوري، ومساعدته ليتمكن من الدفاع عن نفسه، وتقديم الدعم والمساندة للاجئين والنازحين من أبنائه. أما فيما يتعلق بالعراق، فدول مجلس التعاون يهمها كثيرا الوضع في العراق الشقيق، فهو بلد عربي جار نتمنى له الأمن والاستقرار والازدهار. ودول المجلس تدعو دائما إلى إجراء مصالحة وطنية حقيقية من خلال معالجة تظلمات كافة مكونات المجتمع العراقي، وتنفيذ الإصلاحات التي تم الاتفاق عليها في الصيف الماضي. كما تدعو إلى تعاون إقليمي ودولي واسع النطاق لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي. • هناك تحولات كبرى في موازين القوى على مستوى العالم وبالطبع منطقة الخليج، كيف يمكن لدول المجلس تثبيت أمن منطقة الخليج والحفاظ على التوازن العسكري والاستراتيجي؟ •• إن منطقة الخليج العربي ومنذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي تعيش حالة متغيرة من التوتر والاستقطاب حولها لأسباب عديدة في مقدمتها وجود البترول وما يمثله من أهمية حيوية للعالم أجمع، إلى جانب موقعها الجغرافي المتميز، بل إن منطقة الشرق الأوسط كاملة ومنذ خروج الاستعمار الغربي منها، وهي تعاني من التوترات والتجاذبات والتي انتهت إلى الأوضاع الحالية من عدم الاستقرار وانعدام الأمن التي يعيشها عدد من الدول العربية، وإذن فالتوتر والقلق هو أحد سمات هذه المنطقة الحيوية، والأطماع والتهديدات المحتملة تكتنفها أمس واليوم وغدا، وفي مثل هذه الأجواء كان لابد لدول مجلس التعاون من أخذ زمام المبادرة للدفاع عن نفسها ومقدراتها ومنجزاتها، ولذلك كان الجانب الدفاعي حاضرا بقوة في أذهان مسؤولي دول المجلس ومخططيه، حيث حظي هذا الجانب بأهمية بالغة من لدن قادة دول المجلس منذ قيام هذا الكيان المبارك. إن دول مجلس التعاون تؤمن أن الحفاظ على أمن دول المجلس والدفاع عنها هو مسؤولية أبنائها بالدرجة الأولى، وتدعيم تعاونها وجميع عناصر العمل العسكري المشترك فيما بينها كفيل بحول الله بدرء أي مخاطر عنها، ومواجهة أي تهديدات قد تتعرض لها، والتعامل مع مختلف المتغيرات التي تمر بالمنطقة. • يتردد أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تغادر منطقة الخليج أو سوف تقلل من تواجدها في المنطقة وتتجه شرقا نحو الشرق الأقصى.. كيف يتم ملء الفراغ في المنطقة؟ •• لابد من التأكيد أولا أن دول المجلس ذات توجه دفاعي لا تسعى للاعتداء على أحد وليس لها مطامع فيما لدى الآخرين، بل إنها تسعى لإقامة علاقات متوازنة مع جميع الدول في المنطقة دون التفريط في مكتسباتها وسيادتها وحقوقها المشروعة، كما أن علاقات دول مجلس التعاون متعددة الأوجه مع أطراف دولية فاعلة كثيرة، ومن ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية. إن العلاقات بين دول مجلس التعاون وأمريكا علاقات تاريخية قديمة، والمصالح المشتركة بينهما عديدة وتشمل مختلف المجالات، وهناك حرص واهتمام مشترك بتطوير تلك العلاقات وتعزيزها. والذي تابع نتائج القمة الخليجية الأمريكية التي عقدت في كامب ديفيد سيلاحظ أن الولايات المتحدة باقية في المنطقة وسوف تعزز وجودها في المنطقة حماية لمصالحها وللحفاظ على الأمن والاستقرار فيها. فالبيان أكد على الرغبة المشتركة في تأسيس شراكة استراتيجية بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون لبناء علاقات أوثق في كافة المجالات بما فيها التعاون الدفاعي والأمني. كما أكد البيان أن سياسة الولايات المتحدة تستند إلى استخدام كافة عناصر القوة لحماية المصالح الرئيسية المشتركة في منطقة الخليج. وهذا دليل واضح على حرص الولايات المتحدة على التواجد في المنطقة نظرا لأهميتها الاستراتيجية الكبيرة ليس فقط لأمريكا بل للعالم أجمع. • مازالت العلاقات الخليجية الإيرانية لم تشهد تطورا ملحوظا، وما زالت إيران تحتل الجزر الإماراتية الثلاث، كما تحاول التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج الأخرى، كيف تنظر دول مجلس التعاون الخليجي لمستقبل العلاقات الخليجية الإيرانية في مرحلة ما بعد الوفاق الأمريكي الإيراني والاتفاق حول الملف النووي والإيراني؟ •• دول مجلس التعاون تدعو دائما الجارة المسلمة إيران إلى بناء علاقات تعاون بناء ومثمر مع دول المجلس، قائمة على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل النزاعات بالطرق السلمية وضرورة تسوية المشكلات القائمة، ومن بينها الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية، «طنب الكبرى» و«طنب الصغرى» و«أبو موسى». كما عبرت دول المجلس عن تقديرها للجهود الكبيرة التي بذلتها مجموعة دول 5+1 من أجل التوصل مع إيران لإطار مرحلي حول برنامجها النووي، ونأمل أن يؤدي ذلك إلى اتفاق نهائي يضمن الأمن والسلم في المنطقة. ونتطلع إلى إقامة علاقات جوار بناءة ومستدامة تحقق الخير والمنفعة لشعوبنا وشعوب المنطقة عموما. والأمر المهم، أن نلمس على أرض الواقع مواقف إيجابية من إيران، وخطوات سياسية جديدة تجاه دول المجلس. • تم طرح توسعة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وضم دول أخرى من خارجه مثل الأردن والمغرب.. فهل ما زالت الفكرة مطروحة؟ وهل من الوارد توسعة عضوية المجلس؟ •• لقد أصدر المجلس الأعلى لمجلس التعاون في دورته الـ32 التي عقدت بالرياض في كانون الأول (ديسمبر) 2011م، قرارا نص على تعزيز العلاقات والتعاون بين مجلس التعاون وكل من المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية، من خلال شراكة استراتيجية تشمل مختلف مجالات التعاون. وقد تم تأسيس لجنة وزارية تضم وزراء خارجية دول المجلس والبلدين الشقيقين، تجتمع دوريا، ويتم من خلال هذه الاجتماعات التنسيق في شأن القضايا الدولية والإقليمية، والإشراف على مسيرة الشراكة الاستراتيجية التي تم تأسيسها. وقد أقر أصحاب السمو والمعالي وزراء الخارجية خطتين للعمل المشترك مع كلا البلدين للأعوام (2013-2018)، تشمل مسارات التعاون المختلفة، بما في ذلك التعاون السياسي والاقتصادي والقضائي، إضافة إلى التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والبيئة والزراعة والأمن الغذائي والثقافة والشباب والرياضة والسياحة والتعليم والخدمات الاجتماعية. كما تم الاتفاق على خطط تفصيلية لكل من هذه المجالات. وتقوم الأمانة العامة واللجنة المشتركة المشكلة من كبار المسؤولين في مجلس التعاون وكل من الأردن والمغرب بمتابعة سير العمل في مسارات التعاون المختلفة، وتجتمع فرق العمل المتخصصة بصفة دورية، وتعمل وفق خطط تفصيلية تم الاتفاق عليها لكل مجال، وفي إطار زمني محدد. وتهدف خطط العمل المختلفة، التي يجري تنفيذها حاليا، إلى وضع أساس علمي مدروس للشراكة الاستراتيجية بين مجلس التعاون والبلدين الشقيقين، بما يحقق المصالح المشتركة ويعود بالنفع على مواطني دولنا.

مشاركة :