بعقوبة، العراق 29 يناير 2020 (شينخوا) أسهم الهطول المبكر للامطار وبكميات جيدة هذا العام في انعاش الزراعة الديمية التي تعتمد بشكل أساسي على مياه الامطار، وشجع الفلاحين بمحافظة ديالى شرقي العراق على زراعة مساحات واسعة من محصولي الحنطة والشعير. وتشكل الزراعة الديمية مصدرا مهما لآلاف المزارعين في ديالي، لعقود طويلة باعتبارها أقدم نظام سقي لا يحتاج إلى تكاليف مادية كبيرة. وهي تعتمد على مياه الأمطار بشكل أساسي، لسقي المزروعات، بعكس الزراعة المروية التي تعتمد على المياه الجوفية، أو مياه الأنهار والمسطحات المائية في سقاية المزروعات، حيث يتم الاعتماد على مياه الأمطار في سقي المزروعات عندما يكون معدل هطول الأمطار أعلى من 500 ملم في السنة. وقد أثر شح الأمطار خلال السنوات الماضية، على حجم المساحات المزروعة ، لكن الآمال انتعشت خلال عام 2019 عندما هطلت أمطار غزيرة شجعت المزارعين على بذر مساحات جيدة عادت عليهم بانتاج وفير. وفي هذا السياق، قال حقي الجبوري، رئيس اللجنة الزراعية في مجلس محافظة ديالي السابق لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن" الزراعة الديمية في ديالي تمثل مصدر دخل مهم لآلاف المزارعين في خمس بلدات كبيرة، حيث يغطي انتاجها الحاجة المحلية في مواسم الامطار الجيدة". وأضاف " مرت الزراعة الديمية لسنوات قريبة بانتكاسة كبيرة وتسببت في خسائر مادية جسيمة للمزارعين بسبب شح الأمطار لكن الموسم الماضي أعاد الآمال من جديد نتيجة ارتفاع غير مسبوق في معدلات الأمطار دفع المزارعين خلال الموسم الحالي إلى مضاعفة الزراعة الديمية بنسبة تصل إلى 50 بالمائة" مبينا أن اجمالي الأراضي المزروعة بلغت أكثر من 100 الف دونم (الدونم 2500 م2). وأشار الجبوري إلى أن تقلبات المناخ خاصة في السنوات الأخيرة أثرت كثيرا على مفهوم وأسلوب الزراعة الديمية ودفعت الكثيرين إلى تركه أو تغير أسلوب السقي واعتماد بدائل أخرى. إلى ذلك أوضح رعد التميمي ، رئيس الاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية في ديالي، بان الزراعة الديمية في ديالي اقتربت للاندثار قبل عدة سنوات بسبب تكرار مواسم شح الامطار بشكل كبير رافقها خسائر مادية جسيمة للمزارعين الذين حرثوا الأرض ونثروا البذور ولكن لم تسقط كميات كافية من الأمطار وهو ما أدى إلى خسارتهم الموسم. وأضاف أن"هناك زيادة كبيرة في مساحة الأراضي التي تعتمد على أسلوب الزراعة الديمية خلال الموسم الحالي بسبب نجاح الموسم الماضي"، مؤكدا أنه حتى الأن وضع الأمطار جيد ونأمل باستمرارها حتى نهاية الموسم". ومن جانبه، أكد محمد ضيفان العبيدي، المسؤول الإداري لمنطقة العظيم (60 كم) شمال مدينة بعقوبة، مركز المحافظة، أن" هذه المنطقة تعد الأكبر على مستوى محافظة ديالي في مجال الزراعة الديمية، حيث يصل إجمالي الأراضي التي اعتمدت هذا الاسلوب للموسم الحالي قرابة 40 الف دونم وهي الأعلى منذ سنوات طويلة". وأضاف، أن" الأمطار الأخيرة أمنت ما يعرف لدى المزارعين بالرية الأولى وأعطتهم أملا بموسم جيد، لكن نأمل أن تكون هناك امطار أخرى في الأشهر المقبلة من اجل تأمين الكميات الكافية لري محصولي الحنطة والشعير". أما المزارع علوان العزاوي، من أهالي منطقة العظيم، فقال انه" زرع 50 دونما من محصول الحنطة هذا العام معتمدا على الزراعة الديمية"، مبينا أنه زرع العام الماضي 30 دونما وجاءته بانتاج وافر شجعه على زيادة المزيد من الأراضي في هذا العام". وتابع "من ايجابيات الزراعة الديمية هي انها تحقق انتاجا وفيرا لان مياه الامطار تمتلك خصائص داعمة للنباتات والمحاصيل، كما أنها غير مكلفة من الناحية المادية أي تجري عملية السقي مجانا على عكس الزراعة التقليدية التي تفرض تكاليف عالية لأن عملية السقي تتم بالمضخات والتي تحتاج إلى وقود يتم شرائه غالبا من السوق السوداء". من جانبه أكد جبار حسن العلكاوي، مزارع من أهالي منطقة جبارة (110كم) شمال شرق بعقوبة، أنه استغل فرصة تساقط الأمطار بغزارة هذا العام وزرع مساحة 60 دونما بمحصول الحنطة، لافتا إلى أن الزراعة الديمية وعلى الرغم من كثرة ايجابياتها من حيث وفرة الانتاج وانخفاض الكلفة المادية إلا انها لاتخلو من مخاطر كبيرة أيضا، حيث أن قلة الأمطار قبل انتهاء موسم زراعة المحصول قد تؤدي إلى خسائر مادية جسيمة. على صعيد متصل أكد الخبير الزراعي إحسان بدر الشمري أن معدلات الأمطار قد انخفضت في العراق عموما ومحافظات ديالي خصوصا خلال الفترة من عام 2003 إلى عام 2019 ، وهذا الانخفاض أثر بشكل واضح على المساحات الزراعية التي تعتمد في سقيها على الأمطار وقلصها بشكل كبير. وتابع "أن امطار 2019 كانت أهم المواسم التي أعادت الأمل بالزراعة الديمية وأسهمت في تحقيق اكتفاء ذاتي من محاصيل الحنطة والشعير وهذا ما دفع إلى زيادة مساحة الأراضي المزروعة خلال الموسم الحالي إلى أكثر من 100 الف دونم".
مشاركة :