عادل مبروك يكتب: عامر بعد التعديل

  • 1/31/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

فجأة.. وبدون سابق إنذار.. قرر عامر أن ينسلخ من واقعه ويخوض تجربة العيش في عالم اللامبالاة، وذلك بعد أن أصيب بحمد الله بجميع الأمراض النفسية والعصبية التي رفض الأطباء وعلماء النفس علاجه لعدم وجود علاج لحالته وهي الصدق وطيبة القلب.. عاش عامر حياته كالعصفور وسط النسور.. كالحمل الوديع وسط الذئاب.. إذا تبسم له شخص ظن أنه صديق مخلص دون أن يعلم أن هذه الابتسامة من ورائها مطلب شخصي للمبتسم.إذا نظرت إليه فتاة ظن أنها تبادله مشاعر الحب وتحرك عواطفه حتى يعلم الحقيقة وهي أن الفتاة كفيفة لا تبصر.. تلقى الكثير من طعنات الغدر من القريب قبل الغريب.. سلب منه حقه في الحياة كإنسان طبيعي يفكر بعقله لا بقلبه.. قلبه الذي تسبب له في كثير من الأزمات النفسية والعاطفية.. ضحى بالكثير من أجل الغير بدون مقابل.. قوبلت حسناته بالسيئات من بني البشر.. تسامح كثيرا مع نفسه ومع غيره.. فشلت جميع محاولاته في تعديل سلوك الآخرين.. قرر أن يصبح مثلهم ولكنه لم يستطع.. فطبعه غلب على تطبعه.. دخل عامر في قصة حب ظنا منه أنها هي الكافية لمنحه الهدوء والاستقرار والسلام النفسي.ولكن السلام تحول إلي حرب أهلية وهدنة ومعارك جديدة أخذت منه أكثر مما أعطى.. جلس مع نفسه وبدء في الحساب.. شريط حياته وذكرياته يمر أمام عينيه بكل ما فيه من آلام وأوجاع.. وجاءت نتيجة الحساب تشير إلى فشله في استمرار حياته على نفس النمط الذي عاش عليه طوال حياته.. بدأ تجميع الخيوط التي تمكنه من العيش وسط البشر.. قرر أن يصبح نسرا حتى لا تأكله الطيور.. أسدا كي لا تأكله القطط.. خاصة القطة الأخيرة التي قسمت ظهره بدلا من أن تقيمه.. لم يستسلم.. صلب ظهره من جديد.. تجرأ قلبه وأصبح يتحكم فيه ويفكر بعقله.. أصبح لا يبالي بكل ما ينغص حياته.. فرضت عليه الهدنة فقبلها وكانت لصالحه حتى يعيد حساباته ويصبح عامر بعد التعديل.

مشاركة :