أحمد شيخو يكتب: تركيا الاستعمارية

  • 2/3/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بعد تزايد حالة تركيا الأردوغانية المحرضة والمسببةللاضرابات وحالة انعدام الاستقرار وكذالك تضخم حالة أردوغان الشعبوية التي تسبق لكلمستبد ودكتاتور للتغطية على تراجع شعبيته وإضعاف نفوذه ولتقويه مواقفه التفاوضية معدول الاتحاد الاوربي وروسيا وأمريكا، أردنا أن نعرج على بعض النقاط التي توضح حقيقةو رغبة تركيا الاردوغانية في التمدد بالمنطقة وكيفية تشكل تلك الرغبة في السياسة التركية.          لنتذكر أنهبعد إنهيار الامبرطورية العثمانية وقرب تلاشيها كانت هناك فرصة لتشييد إدارة مشتركةأوجمهورية ديمقراطية للمناطق المتبقية من تلك الامبراطورية  ضمن إطار الميثاق الملي الذي تم الاتفاق عليه بينالعشائر الكردية والضابط العثماني مصطفى كمال والذي يشمل تركيا وشمال سوريا وشمال العراقوذالك كان في إطاراتفاق أماسيا 1919 وفي مؤتمري أرزروم وسيواس في جنوب شرق تركيا الحالية. وعلى أثرها خاض الكرد والترك معًا في فترة (1919_1922)  ما يعرف في تركيا  "حرب الاستقلال". وإنعكس المزايا الديمقراطية للنظام الذي سيتشكل فيأول دستور عام 1921 لبرلمان الشعب الذي عقد في عام 1920 والمكون من (233 نائب و منهم72 نائب كردي  أي بمعدل 33%) والذي أجمع الغالبيةمنه على قانون الحكم الذاتي الكردي الذي صدر في 10 شباط 1922. مع الأشارة ان الانكليز وفرنسا وروسيا وعصبة الاممقبلوا بالحكم الذاتي في مناطق شرق الفرات في تركيا ضمن اتفاقية سيفر 1920الذي قبلهالسلطنة العثمانية المهزومة . لكنه من جانب أخرتواصل  مصطفى كمال مع القوى المهيمنة لتلك الأوقات ووافقمعهم على تجاوز المتفق عليه مع الكرد في الميثاق المللي الذي يؤكد الرغبة المشتركة  للعيش معًا في دولة واحدة للشعبين وليس كما يريدهاردوغان حجة للقتل والاحتلال والتطهير العرقي . وقام الأنكليزحينها بفرض  ثنائية " إما الجمهورية أو الموصل وكركوك"بسبب تواجد النفط في تلك المناطق ولتحقيق التوازن بين الشيعة والسنة في العراق بمعنىتم فصل كردستان العراق الحالية من الميثاق الملي عبر أتفاقية أنقرة وأتفاقية القاهرة1921.  وكذالك تمفصل مناطق شمال سوريا من الميثاق المللي باتفاقية أنقرة 1921 بين فرنسا و انقرة وبموجبهاتخلت فرنسا عن حدود سيفر. وبعد حوالي ثلاثة سنوات  عند الدخول في عام 1923 وجد الكرد أنفسهم أمام مؤامرةلقوى دولية مع السلطات التركية،  حيث تم تقسيممناطقهم التي كانت تحت الاحتلال العثماني وتم وضع القسم الأكبر منه ضمن تركيا المستحدثةالتي تشكلت بصيغة غير المتفقة عليها قبل الحرب.وتم اصدار دستور لعام 1924 الذي يقولكل من يتواجد على ارض تركيا تركي القومية بعد أن توافق القوى المهيمنة حينها مع الاتحادوالترقي.    وعند تقوية وسيطرة الاتحاد والترقي الذين ظهروا منضمن الحركات التي ظهرت منذ 1890  كفروع للماسونيةتحت اسم العثمانية الجديدة والحركات التجديدية والممستقبلية وهم الذين يجسدون التأثيراليهودي  بنفوذهم المادي والمعنوي على السلطاتوالحكم في تركيا وحتى أن السفير البريطاني قال عندها بانه سيطرة لليهود على الحكم فيتركيا.  ونستطيع إعتبار الجمهورية الاولى  لتركيا خلال(1923_1980) وكان فيها "القومويةالتركية البيضاء العلمانية" وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري هوحزب المرحلة حزبالسلطة والدولة .هنا وجد الكرد أنفسهم امام خيانة الطرف التركي لتقسيم مناطقهم وضمهاللعراق وسوريا المشكلة من الانكليز والفرنسيين و مرغمين على رفض ومقاومة سياسات الابادةوالتطهير العرقي بحقهم  وتم عيش فترة(1925_1939) كمقاومة ضد الطهر والاذابة وضد اخراج الكرد من كونهم شعب وأمة على أرضهالتاريخية . أما الجمهورية الثانية(1980_حتى الأن) نظرًا للتناقضاتالداخلية و تغير حالة الشرق الاوسط فإن الدور الذي اخذه حزب الشعب الجمهوري سيقوم بهحزب العدالة والتنمية وبصيغة  "الاسلامالتركي_القوموية التركية الخضراء" علمًا أن بداية ظاهرة حزب العدالة والتنميةوأردوغان ناتجة من تحالف المحافظيين الليبراليين الجدد في أمريكا مع الرأسمال القادممن قونية وقيصري . وما تم عيشه في الجمهورية الاولى تم في الثانية ايضًا منذ 1984 وحتىالان حيث تم متابعة سياسات الانكار والابادة وقتل أكثر من 50000 شخص وحرق اكثر من4000 قرية وكذالك تدمير حوالي 20 مدينة وبلدة كردية في جنوب شرقي تركيا (شمال كردستانوكذالك تستمرالمقاومة من قبل الطرف الكردي بغرض الحفاظ على الوجود والهوية لكافة المجتمعاتالمحلية في تركيا والعراق وسوريا وتحقيق أخوة الشعوب وتكاملها. لقد عرضت قسمًا من سلوك وسياسة تركيا لندرك أن المنطقةأمام توترات كبيرة وكثيرة بسبب تمدد العثمانية الجديدة التي تم بنائها كجزء من المؤامرةالدولية على القيم الحضارية والتاريخية والثقافية للمنطقة ولشعوبها. وليدرك أبناء منطقتنا(الشرقالأوسط) أن تركيا الاستعمارية قائمة على سياسة التطهير العرقي والابادة في داخلها فكيفسيكون سياستها الخارجية مع العلم أن تركيا من أول الدول التي اوجدت القوى غير النظاميةالتي أسديَت لها كل الجرائم التي تريدها السلطات التركية ممارستها باسم مستعار لكنالدول والقوى المهيمنة العالمية ولمصالحها كانت تتستر على جرائم تركيا وبل تدعمها وتصفالطرف المقاوم عن هويتها وبقاء شعبها بالإرهاب. واساليب الخداع والخيانة والتدخل بشؤون الغير مازالتضمن أجندة العثمانيين الجدد وما تفعله تركيا الأردوغانية في ليبيا والصومال وسورياوالعراق وغيرهم يؤكد ذالك. بالأضافة الى استغلال أردوغان القضية الفلسطينية للمتاجرةولغرض كسب النفوذ في العالم الاسلامي  بالرغممن أن تركيا اول دولة مسلمة اعترفت باسرائيل وكذالك تزايد التبادل التجاري و استمرارالعلاقات العسكرية بينهم و الكيان  الإسرائيلي. ولعل تَكذيب أردوغان من قبل باكستان بعد قمة كولالمبوروكذالك تكذيب الرئاسة الجزائرية والتونسية بعد زيارات أردوغان يجسد سلوكه المعتوه والمنحرفعن كل القيم الدبلوماسية واللباقة. يجدر الاشارة أن الانكليز كانوا القوى المهيمنة أثناءالجمهورية الاولى وأصبحت أمريكا في الثانية وهم يرسمون سياسات تركيا في النهاية كجزءللاستراتيجية الهيمنية في المنطقة . مع العلم أن حركات التصفية المسلطة على الكرد في البدايةأدى الى هيمنة  الفاشية التركية البيضاء وكذالكيتم استهاف الهوية الحرة الكردية في فترة التركياتية الخضراء وعدم حل القضية الكرديةيبعد تركيا عن مضامين انسانية أو استقرارية. وما تفعله تركيا في الخارج نتيجة لحربها وأزمتها الداخلية  مع شعوبها وهي تؤكد بممارساتها ضعفها وعجزها عنالتاقلم مع الطبيعة التشاركية والتوافقية لتاريخ وثقافة المنطقة وكذالك الخصوصية للمجتمعاتالمحلية. لدى تركيا طرقين أما الحرب والدمار والاستمرارفي مشروعالعثمانية الجديدة أوإنكار الكرد و الحل الديمقراطي والعودة الى تقاليد الحرب الوطنبةوالتعايش لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة. لكن على مايبدوا أنها اختارت الطريقالاول ولذالك على شعوبنا العربية والكردية ودول المنطقة تحقيق تضامنها وتحالفها وإبداءمواقف عملية سياسية واقتصادية وعسكرية أكثر شجاعة وجرأة حيث لم يلتزم أردوغان ووحزبهوتركيا في عهده بأية تفاهمات أو أية إلتزامات.

مشاركة :