أحمد شيخو يكتب: تركيا تستهدف الجميع

  • 5/11/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

إن الأنظمة أو السلطات التي تعيش حالة الأزمة البنيوية نتيجة عدم قدرتها على الإستمرار وآلياتها وذهنيتها السابقة تستمر في حالة العداء والحرب ضد المجتمعات و الشعوب لأنها تستشعر منهم الخوف، وعندها  تدرك قرب نهايتها وسقوطها ولذالك تلجأ إلى أقصى الممارسات والسلوكيات الفاشية.  قامت السلطات التركية سلطة (حزب العدالة والتنمية والحركة القومية التركية وتنظيم أرغنكون)  وبشكل ممنهج بهدم العديد من المقابر في المناطق الكردية في شمال كردستان(جنوب شرق تركيا) في منطقة كفر التابعة لولاية جولمرك( هكاري)، علماً أن هذه الإجراء يتبع  كجزء من سياسة التطهير العرقي والإبادة ضد الشعوب والمجتمعات  الغير تركية من قبل الدولة التركية منذ استحداث تركيا عام 1923م ، وعدم وجود قبر للعلامة وللشيخ سعيد النورسي وكذالك للشيخ سعيد بيران وكذالك لسيد رزا الذي أعدمتهم الدولة التركية خير دليل، بالإضافة إلى قصف تركيا للعيد من القبور الكردية في عفرين بالمدافع والطائرات ، منها مقبرة "الشهيد سيدو" ومقبرة "متينا" و كذالك قامت بإزالة مقبرة ( الشهيدة أفيستا)للشهداء وتجريفها في عفرين. و قصفت الطائرات التركية عدة مرات منذ 2015 م مقبرة( الشهيد محمد قرى سنغل) في جبال قنديل التي تضم حوالي 500 شهيد من كرد تركيا وإيران وسوريا والعراق الذين استشهدوا في مقاومة الهجمات التركية وإلإيرانية وداعش على الشعب الكردي وشعوب المنطقة.وهنا يجب الأشارة أنه في تركيا  وفي أعوام التسعينات  وعندما تم حرق أكثر من 4000 قرية كردية من قبل الجيش التركي وتهجير الملايين  منها و التمثيل بالجثث وقطع العديد من رؤوس الرافضيين لسياسات الإبادة التركية  تلك و  كان هناك   أحد الجزئيات الملفتة وهو وجود أكثر من 17 ألف شهيد تحت إسم مفقود  قالت تركيا وسجلت تحت إسم "فاعل مجهول" من النشطاء والوطنيين الكرد، حسب الأدعاء الرسمي التركي ،لكن أبناء وشعوب المنطقة تعلم أن تركيا لديها جهات غير رسمية دائماً تمولها وتدربها الدولة لتنفذ الأعمال القذرة من القتل والأغتصاب والتهجير  منذ أيام العثمانيين وحتى أيام أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، حيث أيام العثمانيين كانت تسمى الكتائب أو القوات الخاصة وفي أيام التسعينات كانت تسمى حزب الله التركي وأيام أردوغان  مثل كل الأحزاب الأخوانية لديهم جهاز خاص خارج الأطر الرسمية حتى لو كانوا في السلطة وظهر بعضهم أيام  مسرحية محاولة الأنقلاب عام 2016م الذي ذبحوا عدد من الجنود على جسر بوسفور.          يجدر الإشارة أن هذا الأعمال الخارجة عن كل السياقات  الدينية ، الإنسانية والأخلاقية، يقوم بها قوتين هما تركيا وداعش بسبب إمتلاكهما نفس العقلية والفكر الفاشي. حيث أن داعش يفعلها بمنطق ديني منحرف وضال، وتركيا تفعلها كسياسة  منظمة وممنهجة نتيجة للعقلية القوموية(إعتبار قوميته أعلى وأسمى من البقية) والدينوية(إستغلال الدين للتسلط والهيمنة). وكلاهما  أي داعش وتركيا يريدان محو الذاكرة المجتمعية والقضاء على تاريخ المنطقة وشعوبها و ارتباط الإنسان بأرضه وقيمه وأخلاقه.وما فعلتها تركيا  العثمانية طيلة فترة احتلالها  للمنطقة بحق الشعب العربي في شبه الجزيرة العربية ومصر و شمال أفريقيا  وبلاد الشام  من القتل والنهب والسلب و كذلك بحق الشعب  الأرمني  والسرياني وما تفعله الأن بحق الشعب الكردي في  أجزاء كردستان تريد السلطات التركية تكرارها في المنطقة مجدداً في ظل توفر أدوات لها أبعاد ومرتكزات عالمية مثل التنظيمات الإرهابية و الإخوان المسلمون الذي لم يصنفه النظام الرأسمالي العالمي حتى الأن كمنظمة إرهابية وإن صنف البعض منها كتنظيم جبهة النصرة  لزيادة التحكم بها والاستفادة السياسية  منها، ولماذا لم يعلق أحد على إرسال تركيا المرتزقة الى ليبيا وشمال أفريقيا  في وضح النهار والكل يعلم أن قبرصة أو خلق  قبرص جديدة في  جزء من ليبيا لصالح  الأخوان وتركيا سوف لن يبقى حينها  الأمن والاستقرار في كل  دول الشمال الأفريقي وخصوصاً الدول العربية في الشمال الإفريقي لأن  تركيا تستهدف كل الشعب العربي فهو ينظر إليهم كشعب وكبلدان أنهم كميراث من حقها  من أيام الإمبراطورية العثمانية. في الحالة الليبية ربما مايهم روسيا هو محاصرة الناتو من الجنوب وربما تريد أمريكا تكرار ما حصل في العراق وسوريا في دول الشمال الأفريقي  ومن بعدها يتسنى لها تطبيق مراحل مشاريعها النهائية من الشرق الأوسط الكبير والجديد وربما ترتيب المنطقة بما يلائم النظام العالمي الليبرالي من بعد جائحة كورونا، وكذلك الاتحاد الأوربي الذي ليس لديه سياسة خارجية سوى متمم ومكمل  لأمريكا وأحيانا  أخرى متأخرة عنها بمسافات كبيرة . وأما الصين فيهمها الأيغور ووجودهم ضمن التنظيات الأرهابية وكذالك نفوذها المادي والاقتصادي  في منطقة الشرق الأوسط. لذالك نجد مواقفهم ربما تكون مشجعة ومسهلة لتركيا الأردوغانية الإخوانية في مداها القصير والمتوسط. ومن المهم  التذكير أنه من أحد أهم المناطق في العالم العربي التي حطمت العثمانيين وأعطتهم درساً لن ينسوه هو اليمن وشعبها المقاوم وجبالها الشامخة أثناء الاحتلال العثماني للعالم العربي والمنطقة، لكن مع وجود كل المشاكل الحالية في اليمن ووجود حزب الإصلاح الإخواني وكذالك وجود  الإيرانيين في مناطق سيطرة الحوثيين وورود أخبار اجتماعات الأخوان والإيرانيين في تركيا لزيادة التوترات والتدخلات في اليمن هل يجد العثماني الجديد أردوغان  موضعاً له في اليمن كما مع السراج في ليبيا.   لا يخفى على أحد  من المجتمعات والشعوب في منطقتنا في الشرق الأوسط، أننا ابتلينا بعد الحرب العالمية الأولى والثانية بأنظمة شمولية مركزية  تنتج وتعقد المشاكل والقضايا وكانت نتاج أيدولوجيات وذهنيات الطبقة البرجوازية التي حاولت الاستغلال والسيطرة على ثورات الشعوب في أوربا وروسيا  وتقديمها نموذج الدولة  القومية، ومن ثم الاستحواذ على السلطة والنفوذ دون أي اعتبار لإرادة الإنسان والمجتمعات ولمصالحهم ، ولا يهمها سوى الربح والمال واحتكارها  السلطة والدولة لتحقيق ذلك في ظل التبعية للنظام العالمي مهما  حاولوا  الادعاء بعكس ذلك.وفي ظل الحرب العالمية الثالثة الحالية بصيغتها وطبيعتها المختلفة عن الأولى والثانية ، وفي ظل الكلام عن التغيرات في الأنظمة العالمية بعد جائحة كورونا، لن يجدي مع كل مشاكلنا  وأزماتنا والمشاريع الإقصائية والمطلقة والنمطية والتطهير العرقي التي تستهدف وجود شعوبنا وقيمه الإنسانية ، سوى الرجوع إلى  الحلول  المجتمعية التي تستند إلى جوهر الإنسان و المجتمعات والشعوب والطبيعة التي تنبذ الأنانية والفردية المطلقة وتجسد التنوع والأخوة والعيش المشترك والعلم المعاصر والإرادة والذهنية المشتركة بالإضافة الى الوعي المجتمعي وخلق التوازن بين الحرية الشحصية وحرية  المجتمع الذي يأتي منه الشخص في ظل إتحاد ديمقراطي بين شعوب المنطقة  .

مشاركة :