أحمد شيخو يكتب: تركيا.. الوظيفة والأداة

  • 6/30/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

مع تزايد إحساس وإدراك المجتمعات وبعض الدول في المنطقة والعالم لمخاطر التهديد، الذي يشكله تمدد السلطات التركية ومشروعها العثمانية الجديدة لا بد لنا من إلقاء الضوء على أربع نقاط رئيسية وهي: 1_ ماهية السلطة التركية:  السلطة التركية الحالية هي التي نتجت وتم تركيبها بعد سقوط العدالة والتنمية في انتخابات 7 يونيو(حزيران)  20١5 نتيجة هزيمة داعش أداة تركيا في كوباني وتأثير ذلك على الداخل التركي وعوامل أخرى وهذه السلطة مشكلة من حزب العدالة والتنمية  الذي هو من الإسلام السياسي أو السلطوي وعمليا هو الذي أصبح بعد الربيع العربي الجامع  والمظلة لأغلب حركات الأخوان في المنطقة والعالم وكذلك هناك الحركة القومية التركية التي تجسد الطورانية والقومية التركية بصيغتها الفاشية ، التي تنظر إلى كل شعوب داخل تركيا  من  غير الترك وحتى المخالفين معهم و لشعوب المنطقة  بنظرة  استعلاء ودونية، وهم أصحاب مجازر كثيرة بحق الشعب داخل الجغرافية التركية الحالية  ، بالإضافة  إلى قسم من الدولة العميقة التركية أو ما يسمى الأرغنكون  هذا التنظيم السري في الدولة التركية الذي كان له اليد الطولة في إحداث الانقلابات ضمن تركيا عندما كانت السلطات تفكر بالخروج عن خط  الدولة وإرتباطها مع النظام العالمي أو الذهاب باتجاه حلول لمشاكل وقضايا تركيا او المنطقة تلك القضايا التي رسم لها أطار لتبقى وسيلة تحكم بتركيا إذا تطلب الأمر. ومن المهم أيضًا الانتباه إلى بعض الليبراليين والوجوه المدنية التي تكون في تحالف وتواطؤ مع قوى الإسلام السياسي في تركيا وأغلب أماكن نفوذ الإسلام السياسي. وما حصل بعد الإنقلاب الذي كانت تعلم به السلطات التركية الأردوغانية وجعلتها تمضي تحت مراقبتها للإستفادة منها في التخلص من كل المعارضين والانقضاض على كل شي مؤسساتي وبذلك تحول تركيا إلى حكومة الرجل الواحد والقضاء على كل متسع  للحرية  وأصبحت الحكومة التركية هي حكومة الحرب الخاصة داخلًا ضد المجتمع لخوفه منه وكذلك خارجًا لأن هذه الحكومة والسلطة أصبحت حكومة لديها أزمة بنيوية لا تستطيع البقاء في الحكم سوى بممارسة الحرب داخلًا وخارجًا. ومن المفيد الإشارة إلى الانشقاقات داخل حزب العدالة والتنمية لاعتبارات سلطوية وربما بأوامر خارجية ، وهذا يضعف أردوغان والعدالة والتنمية لكنها لا تقدم البديل كونهم من نفس المدرسة والفكر والنهج.  وكذلك حزب الشعب الجمهوري وحزب الخير الذين يكملون دور العدالة والتنمية في المعارضة وسياسات الدولة، لمنع وسد الطريق أمام ظهور معارضة حقيقة  مثل حزب الشعوب الديمقراطي الوحيد الذي يرفض سياسات تركيا وسلطاتها وتدخلها في ليبيا وسوريا والعراق.  2_ وضع المنطقة بعد أعوام 2010 و2011  وإنطلاق  أحداث المنطقة  أو ما يسمى الربيع العربي: لا شك  أن أحداث الربيع العربي خلق حالة من الفوضى والإضراب والقلق نتيجة ضعف وفراغ السلطة  وكذلك الأمن في عدة  مناطق والدول  مما خلق مناطق رخوة  وذلك نتيجة عدم الإتيان  او تقديم  حلول بديلة ومجتمعية  ديمقراطية للنظم الراهنة من قبل الحركات المتعددة بل الدوران في فلك السلطة وطرح نفس الآليات والذهنيات والسلوكيات التي انتجت الأزمات وكذالك إستمرار حالات الاحتراب والصراعات الداخلية وتقوية الإنتماءات  الطائفية  والدينوية والجنسوية  والذكورية والسلطوية كما حصل في سوريا والعراق وليبيا واليمن وتونس ولبنان وغيرهم. ويضاف حالة الفراغ الفكري والسياسي في المنطقة وافتقار الحركات الثقافية والسياسية والمجتمعية لمنظومة متكاملة للرؤية والحل وبالاخص في الشرق الأوسط ومعظم دول التي مازالت تنزف دمًا وجهدًا . مما خلق أرضية مناسبة للتمددات والتدخلات الكثيرة من القوى الإقليمية مثل تركيا وإيران وإسرائيل في الخفاء أحيانًا وأحيانا في العلن.   3_موقف  القوى المركزية  للنظام العالمي  من الجغرافية  السياسية  لتركيا  وكذلك من السلطة التركية: نتيجة أهمية جغرافية تركيا الحالية ووقوعها على المضائق والبحار وكذلك لموضعها بين آسيا وأوروبا تم  النظر دائمًا إلى أهميتها من قبل مختلف القوى العالمية  ومنذ وصول الإتحاد والترقي إلى الحكم تم ربط  تركيا كليًا بالنظام العالمي وتوثق ذلك بعد عام 1952 بعد دخول تركيا إلى حلف شمال الأطلسي( ناتو) وتم إحداث فرع (كلاديو)المنظمة السرية للناتو في تركيا باسم (الأرغنكون) الذي كان صاحبة القرار في الأمور الإستراتيجية التركية، ومنها استمرار سياسات التطهير العرقي والإبادة بحق الشعب الكردي وكذلك شعوب المنطقة وسد الطريق أمام أية تحالفات ديمقراطية بين الشعوب وكذلك الحفاظ على تركيا كسد أمام المد الشيوعي السوفيتي وكساحة  ومنصة للصواريخ  ضد روسيا وإيران إلى الأن. على الرغم من بعض التناقضات السياسية والإقتصادية والعسكرية  لتركيا مع بعض القوى المهمة في النظام العالمي تبقى تركيا أحد عناصر وأدوات هذا النظام  وبالمحصلة ما تفعله تركيا في المنطقة من خلق للفوضى وتهديد الأمن والسلم وكذلك تقوية الإرهاب وزيادة نشره هو بالنهاية وكمحصلة ربما يخدم  يهيئ الأرضية والمنطقة للنظام العالمي لتطبيق مشاريعه وفرضه على الشعوب ودول المنطقة، لأن ما تفعله تركيا في ظل صمت أو موافقة الأطراف الدولية ليس له مبرر سوى إذا كانوا مشاركين فيه، ولو تعقبنا موقف إسرائيل من التمدد التركي وعدم إصدار أي اعتراض منها  رغم مسألة غاز الشرق المتوسط  وعدة أمور أخرى نستطيع أن نفهم الكثير وكذلك  الموقف الألماني المتماهي مع تركيا وكذلك صمت الموقف البريطاني من تحركات أنقرة في العالم. وبل أصبحت تركيا تمارس القوى العسكرية كوسيلة للسياسة الخارجية في تقليد منها لمراكز الهيمنة الأقليمية والعالمية  أو ربما تتمة لها في الأماكن الذي لا يريد الآخرون تشويه صورتهم في المجالات الفاضحة والتي تضعهم في مستويات أقل في عدة معايير قانونية وأخلاقية.  4_ أساليب الحل:  لم يعد الأمر سرًا بعد الآن أن السلطة الحالية في أنقرة - وهي مزيج من الإسلاميين والقوميين العلمانيين العدوانيين والفاشيين أصبحوا يشككون في إتفاقية لوزان  ويرفضونها كما فعل الألمان  في عشرينيات القرن الماضي مع اتفاقية فرساي  والذي كان نتيجتها مزيد من الحروب والقتل والدمار، إن رؤية تركيا لمحيطها كأعداء مسألة في غاية الخطورة وربما تجعل تركيا تتورط وتقوم بمغامرات تشبه ماحصل لها في عام  1914وبذالك كما لم تبقى شيء أسمه الأمبراطورية العثمانية لن يبقى شيئ إسمه تركيا بخارطتها الخالية. من الأهمية إدراك النقاط السابقة عند البحث عن حلول ووسائل لوقف تدخل تركيا بالمنطقة  وكما من الأفضل خلق جبهة  أو تحالف من كافة القوى الفاعلة  والدول المتضررة من وهم الإمبراطورية العثمانية التيغ يحاول أردوغان إعادتها على دماء شعوب المنطقة  وما إحتلالها لمناطق شمال سوريا وكذالك شمال العراق وشمال غرب ليبيا  ومحاولتها المضي أكثر وبوسائل مختلفة في الدول الأخرى إلا لأنها ترى تلك المناطق بداية لمشروعه، لكننا نستطيع القول في النهاية أن مشروع أردوغان للتمدد يحمل في جنباته سر وبداية نهاية أردوغان وتقسيم تركيا في نفس الوقت  وربما تغير خارطة كل المنطقة.

مشاركة :