ودّع العالم الشهر الأول من عام 2020، وقد أرهقهم تفكيراً، وزاد من قلقهم على ما ستحمله الأشهر المقبلة من العام. فقد كان «يناير 2020» مسرحاً لأحداث جعلت منه شهراً ساخناً رغم برودة لياليه، استحق بذلك أن ينافس شهر «أغسطس» الذي يسميه العرب «آب اللهاب» من درجة حرارته، في وقت وصف فيه مدونون ومغردون على مواقع التواصل الاجتماعي «يناير 2020» بشهر أسود وحزين انتهى غير مأسوف عليه. بوادر حرب 31 يوماً حوّلت «يناير البارد» بطبيعته الفلكية إلى «صفيح ساخن» طفت على سطحه أحداث عدة، زادها سخونة مقتل قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي في العراق أبومهدي المهندس، في عملية أميركية بالعاصمة العراقية بغداد، وما تبعها من تفجير الإيرانيين لطائرة مدنية أوكرانية، ومقتل جميع ركابها البالغ 176 راكباً من جنسيات مختلفة، في عملية وصفتها طهران بأنها «خطأ بشري»، ثم ارتفاع أسعار النفط، والقلق من حرب عالمية محتملة في منطقة الخليج توقف إمدادات النفط العالمي، في شهر يعتبر أكثر الفصول حاجة للغاز والنفط عالمياً، لاسيما بعد الرد الصاروخي الإيراني على قاعدتين عسكريتين في العراق، بينهما قاعدة «عين الأسد» التي تضم نحو 1500 جندي أميركي. «صفقة القرن» استمر الأميركيون في إثارة المزيد من القلق بالمنطقة، بعد أن نفخوا الجمر الفلسطيني تحت الرماد الساكن، بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعض تفاصيل «صفقة القرن» التي رفضها الفلسطينيون، ورأوا فيها «مؤامرة» عليهم وعلى بلادهم، وهي صفقة قيل فيها الكثير، لكنها تحمل في طياتها شرارة انتفاضة فلسطينية جديدة وعدم استقرار في المنطقة. حرائق أستراليا وفي الجزء الآخر من العالم، شهدت غابات أستراليا أسوأ أيامها بعد حرائق أدت إلى كارثة بيئية ونفوق ملايين الحيوانات. ونقلت صحيفة «تايمز» البريطانية، عن خبراء البيئة بجامعة سيدني الأسترالية، تقديرات بأن نحو 480 مليوناً من الثدييات والطيور والزواحف نفقت بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب الحرائق المدمّرة، ويشمل ذلك نحو 8000 من حيوانات «كوالا» النادرة، التي يُعتقد أنها احترقت حتى الموت على الساحل الشمالي لأستراليا. بركان الفلبين وغير بعيد عن أستراليا، فر أكثر من 235 ألف شخص من منازلهم حول بركان «تال» في إقليم باتانغاس الذي يبعد 66 كيلومتراً جنوبي العاصمة الفلبينية مانيلا، بعد أن قذف البركان، الواقع في منتصف بحيرة، بالرماد والبخار والحمم على مساكن الفلبينيين. انفجر البركان عصر يوم 12 يناير 2020 بعد 43 سنة من انفجاره عام 1977، وأطلق رماداً وصل إلى 14 كيلومتراً في الهواء، لتمطر السماء رماداً وطيناً، في وقت رفع فيه «معهد الفلبين للبراكين والزلازل» مستوى الخطر الناجم عنه من الدرجة الثانية إلى الدرجة الرابعة. البركان أثار حالة رعب في الفلبين، وتم إغلاق المدارس وإيقاف أنشطة الشركات والمؤسسات الحكومية، إضافة إلى إغلاق مطار العاصمة، وإلغاء أكثر من 500 رحلة جوية دولية ومحلية. فيروس «كورونا» وجاء فيروس «كورونا» المستجد في الصين، ليزيد «يناير 2020» سخونة وقلقاً عالمياً، بعد أن أكدت السلطات الصينية، تفشي الالتهاب الرئوي في مدينة ووهان بمقاطعة هوبي الصينية، في وقت أعلنت فيه منظمة الصحة العالمية، أن تفشي فيروس كورونا يشكل «حالة طوارئ صحية تثير قلقاً دولياً»، بسبب انتشار الفيروس في دول أخرى. قد يكون «كورونا» أكثر حدث مقلق ومرعب على مستوى العالم، بعد تسجيل حالات إصابة بالمرض في العديد من دول العالم، وإعلان بعض شركات الطيران عن وقف رحلاتها إلى بعض المدن الصينية. أحداث بريطانيا لم تسلم أوروبا من أحداث يناير الصادمة، إذ اختتم الشهر أيامه بانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي. وغادرت المملكة المتحدة، رسمياً، الاتحاد الأوروبي في تمام الساعة 11 مساء يوم الجمعة الموافق 31 يناير، لتبدأ فترة انتقالية مدتها 11 شهراً. وكانت المملكة المتحدة مسرحاً لحدث آخر شكّل صدمة لمحبي الأمير هاري وزوجته ميغان، بعد أن أعلنا تنازلهما عن مهامهما كعضوين بارزين في العائلة الملكية ببريطانيا، والعمل على تحقيق استقلال مالي. رحيل سلطان عُمان وفي العالم العربي، كان «يناير» شهراً حزيناً على العُمانيين الذين فقدوا السلطان قابوس بن سعيد، بعد 50 عاماً من حكم سلطنة عمان، وهو السلطان الذي يوصف بأنه «صديق الجميع». زلزال تركيا كما شكّل يناير حزناً في تركيا، بعد الزلزال الذي ضرب إقليم «ألازيغ»، وبلغت شدته 6.8 درجات على مقياس ريختر. ووصف الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، ما تعرّضت له بلاده بأنه «اختبار لتركيا»، لاسيما أن الأتراك لايزالون يتذكرون زلزال عام 1999 المدمّر بقوة 7.4 درجات على مقياس ريختر، والذي ضرب منطقة «إيزميت» غرب تركيا، وأدى إلى مقتل أكثر من 17 ألفاً، وشرّد نحو 500 ألف شخص. كوبي براينت لم يترك «يناير» محبي الرياضة بسلام، فقد خسر العالم أسطورته في كرة السلة، كوبي براينت (41 عاماً) وابنته جيانا ذات الـ13 ربيعاً، في حادث تحطم طائرة مروحية في ولاية كاليفورنيا. وُصف براينت بأنه أحد أكثر اللاعبين استثنائية في تاريخ كرة السلة، وألهم الكثيرين في أنحاء العالم. غادر «يناير 2020» بآلامه إلى غير رجعة، تاركاً باب الاحتمالات مفتوحاً في «فبراير»، مع أمل أن يكون شهراً أكثر دفئاً ويخلو من منغّصات عالمية، تنحسر فيه موجة الزلازل والحرائق والبراكين والأزمات السياسية، والأحداث المأساوية، ليبقى «فبراير» عنواناً ليوم الحب الذي يصادف في الـ14 منه.ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :